الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

كيف تستعد الدولة لما بعد سد النهضة؟

الرئيس نيوز

«إذا استيقظ المصريون ووجدوا سد النهضة واقعا قد اكتمل بناؤه ماذا سيفعلون؟».. سؤال ربما تناقشه الحكومة في كل اجتماع بشأن الأزمة مع إثيوبيا، وربما يفكر كل مصري ويسمع من هنا وهناك عن الآثار التي قد تصيبه في أرضه وطعامه وشرابه، وربما يفكر في الحلول، في هذه التقرير نقدم بعض حلول على ألسنة خبراء ومؤسسات.

بناء سدود لمياه الأمطار
اقترح ضياء القوصي، مستشار وزير الري المصري السابق وخبير التغيرات المناخية، حجز مياه الأمطار، قائلا: “مصر بدأت فعليًا في البحث عن مصادر للمياه للتقليل من تأثيرات حصة مصر من مياه النيل بسبب سد النهضة، وإن  إنشاء السدود في بعض المناطق هو حل جيد لتخزين مياه الأمطار وحجزها والاستفادة منها”.
وأضاف أن هناك أوراقًا بديلة لمصر في ملف سد النهضة، مثل إعادة إحياء مشروع جونجلي، بالتوازي مع طَرق السبل القانونية التي تكفل حماية حق مصر التاريخي في مياه النيل.
وفي السياق، أعلنت وزارة الري، أنها قررت بناء أكبر سد تبلغ سعته التخزينية 7 ملايين متر مكعب من المياه في منطقة شلاتين، وذلك بعد أيام من إعلانها إنشاء مجموعة من السدود في سيناء، لتوفير 500 متر مكعب من مياه الأمطار وإعادة استخدامها مرة أخرى.
وساطات دولية
الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الإفريقية، أكد أنه يجب أن تتجه مصر إلى دول القرن الإفريقي للضغط على إثيوبيا، متابعا: “الوجود في الصومال وجيبوتي وإريتريا بهما يمثل ضغط قوى إضافة إلى دول الخليج التي يجب أن نتعاون معها، فالسعودية هي الشريك الثالث والمستثمر الرابع في إثيوبيا وتعتبر أكبر مانح للمعونات مع الإمارات التي تعد أكبر مستورد لحوم من إثيوبيا إضافة للكويت التي تستورد هي والسعودية أكبر عدد من العمالة”.
واتفق معه الدكتور نادر نور الدين، مشيرا إلى أنه يميل إلى الوساطة الخليجية، وهي تستطيع حل الأمر وبشكل أساسي السعودية والكويت والإمارات، بما لديها من استثمارات ضخمة في إثيوبيا تقارب 20 مليار دولار، وهي تستطيع الضغط على أديس أبابا ولخلق حالة توافق معها للحفاظ على حقوقنا المائية.
وتلي الخليج الوساطة الصينية، التي من الممكن أن تكون مؤثرة للغاية لأن بكين هي صاحبة أكبر استثمارات، وشركاتها الممول الرئيسي لعمليات بناء كل السدود الإثيوبية، وبالتالي لديها رصيد كبير يمكن أن تستغله في إقناع أديس أبابا بحل الأزمة.
والطرف الثالث الذي يمكن أن يتوسط، هو مجموعة الدول الكبرى، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية، لكن دول الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، تفضل الابتعاد عن الأمر وتعتبره شأن قاري، يمكن التوافق عليه عن طريق المباحثات المباشرة، أو رفع  الأمر إلى الاتحاد الإفريقي، أو حتى مجلس الأمن.
مزارع إفريقيا
وأشار  الدكتور محمد عادل الغندور، عضو اللجنة الاستشارية لدول حول النيل سابقا، إلى أن مصر لديها كذلك مزارع في شرق إفريقيا ونيجيريا، مؤكدا على أهمية تطوير ملف الاستثمار في المجال الزراعي داخل القارة الإفريقية، لا سيما في السودان، بما يوفر فرص عمل ويقلل نسبة البطالة، التي تمثل أحد التحديات التي تواجه البلاد.
وقال إن الاستثمار الزراعي في دول حوض النيل من شأنه تحقيق مخزون استراتيجي آمن من السلع الأساسية مثل القمح والشعير والأرز والذرة، كما سيزيد من الفرص الاستثمارية الزراعية الصناعية وتوسيع قاعدة التصنيع الزراعي، فضلا عن كونه إحدى أدوات السياسة الخارجية لدعم وتقوية العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.
قناة جونجولي
أعلن الدكتور حسام المغازي وزير الري الأسبق في افتتاح الدورة 55 للهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل 2015 عن إعادة إحياء قناة جونجولى في جنوب السودان
مشيرا وقتها إلى أن اتفاقا قد عقد بين كلا من الهيئة الفنية المصرية – السودانية المشتركة على إعادة إحياء مشروع «قناة جونجلى» في جنوب السودان، بعد توقفها عام 1983 بسبب اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان، والتي تم تنفيذ 70% منها، وذلك بهدف استقطاب فواقد بحر الغزال.
وقال الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والرى،وقتها  إن مصر تواجه تحديات تدعو الجميع للتفكير في كيفية الحفاظ على مواردنا المائية وترشيد استخدامها والمضي قدماً في مشروعات تنموية طموحة تضمن للأجيال المقبلة حياة كريمة لا تعانى فيها من أخطار الجفاف والمجاعات.
وأعلن عن إطلاق مشروعات استغلال الفواقد المائية في مناطق المستنقعات وبحر الغزال من خلال تفعيل مشروع المنحة المصرية لإزالة الحشائش العالقة في هذه المناطق، وحصر مياه الأمطار، وإحياء مشروع «قناة جونجلى» بعد إجراء الدراسات الخاصة بالآثار البيئية والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والفنية، بعد استقرار الأوضاع الأمنية في دولة جنوب السودان.
وبالفعل فقد  تم تشكيل مجموعة عمل من الخبراء المصريين للتوجه للخرطوم لدراسة سبل التنفيذ حيث كانت تطح مصر لزراعة 200 ألف فدان، إضافة إلى مشروعات اللحوم. الطريق لاستعادة تنفيذ مشروعات قناة جونجلى، يتطلب إعادة دراسات الجدوى المصرية خاصة فيما يتعلق بالجانب البيئي، وفتح قنوات اتصال مباشرة مع القبائل من خلال حكومة جوبا، التي ستمر القناة عبر أراضيها حتى لا تثار أي اعتراضات من المجتمع الدولي والجهات المانحة، لافتاً الى لكن اشتعال الحرب الأهلية في السودان أدى إلى وقف الحفر عام 1984 ولم يستأنف العمل بها حتى الآن.
يذكر أنه كان من المقرر أن تنتهى المرحلة الأولى لهذا المشروع مع عام 2000 ليضيف حوالى 5 مليارات متر مكعب لمصر والسودان تزيد في المراحل التالية ولكن تعثر المشروع بسبب الحرب الأهلية في جنوب السودان، وحسب تصميم القناة فمن المفروض أن تتفادى منطقة السدود ومنطقة المستنقعات الواسعة من قنوات وبحيرات وسدود تصب فيها من بحر الزراف، وبحر الغزال الذى يأتي من جنوب غرب السودان. آثار سلبية
أكد الدكتور هاني رسلان أن الدراسات المصرية توضح أنه حال نقص ٥ مليارات متر مكعب من حصة مصر من مياه نهر النيل التي تقدر بـ ٥٥ مليون مليار متر مكعب، سيؤدى ذلك إلى تبوير مليون فدان على وجه التحديد.
الأمر الذى سيؤدى إلى فجوة زراعية قد تؤدى إلى استيراد تلك الزراعات من الخارج بمليارات الجنيهات وهنا ننتقل إلى أزمة أخرى ستتفاقم وهى الأزمة الاقتصادية.
مشيرًا إلى تأثر السد العالي  كثيرا لدرجة قد تصل إلى سحب المياه المخزونة به، وهنا سيتوقف توليد الكهرباء، ويحدث عجز هائل في المياه وسينخفض منسوب النيل وستنكشف كافة مآخذ المياه. ومن جانبه، تحدث الخبير في الموارد المائية محمد العطيفي، إن إثيوبيا عازمة فعليًا على بدء ملئ سد النهضة العام المقبل دون انتظار الانتهاء من الدراسات الفنية ومناقشة توقيع اتفاقية جديدة تخص ملئ السد وعمليات التخزين والتصريف.
وفي تصريحات صحفية كشف العطيفي، عن أنً قيام إثيوبيا بملء السد خلال 3 سنوات فقط كما تخطط، سيحدث أزمة كبيرة داخل مصر في مسألة توفير الحصص اللازمة للاستعمال الآدمي والزراعة، مشددًا على أن مصر لم يعد لديها خيارات سوى التفاوض حول مسألة ملئ خزانات سد النهضة وكذلك كيفية تصريفها بالطريقة الصحية لتلاشي الآثار الضارة من وراء ذلك. د. محمود أبو زيد، وزير الري الأسبق، رئيس المجلس العربي للمياه ، أوضح أن التأثيرات السلبية على مصر تتمثل في فقد مصر لكمية المياه التي تعادل سعة التخزين الميت للسد، ولمرة واحدة في السنة الأولي لافتتاح السد، والعجز المائي الذي سيحدث خلال فترة ملء الخزان. فإذا كانت الفترة قصيرة، فإن العجز سيكون هائلا (3-5 سنوات). أما إذا كانت الفترة طويلة (15-20 سنة)، فسيكون العجز قليلا.
الأمر الذى يؤدى لعجز المائي نتيجة لاستخدام مياه السد في الزراعة في دولة السد، حيث من المخطط زراعة  مليوني فدان من الأراضي بعد إتمام السد، والتأثير المباشر في الطاقة المولدة من السد العالي، والتي قد تصل إلى نسبة تتراوح بين 20 و40%، و نقل تخزين المياه من بحيرة السد العالي إلى الهضبة الإثيوبية.