كذبة أردوغان.. وزير البترول الأسبق يرد على خسارة مصر 11500 كم بعد اتفاقية اليونان
لا تزال تداعيات اتفاقية الترسيم البحري في مياه شرق المتوسط بين مصر واليونان تثير حفيظة تركيا، التي تتعمد إثارة القلاقل في المنطقة الغنية بالثروات النفطية والغازية، ففي أول تعليق من الرئيس أردوغان على الاتفاق، قال إن بلاده لا تعترف بالاتفاق بين القاهرة وأثينا.
وفي محاولة من الرئيس التركي، تأجيج شرق المتوسط، زعم أردوغان أن الترسيم بين مصر واليونان، أجري داخل مناطق تقع في الجرف القاري لبلاده، وهو الأمر الذي نفته الخارجية المصرية، وقالت كيف يعقل إطلاق مثل هذا التصريح في وقت لم تطلع فيه أنقرة على تفاصيل الاتفاق.
تحرك آخر حاول فيه أردوغان إثارة البلبلة داخل الشارع المصري، إذ ادعى أن اتفاق الترسيم أفقد مصر ما نحوه 11500 كيلومتر في منطقة شرق المتوسط لصالح اليونان، وقال إن بلاده ستسأنفت عمليات التنقيب عن الغاز شرق البحر المتوسط بعد تعليقها خلال الأيام الماضية، وأن سفينة المسح الزلزالي "بارباروس" ستعاود التنقيب مرة أخرى في شرق المتوسط.
كذبة أردوغان
وزير البترول الأسبق، المهندس أسامة كمال، قال في تصريحات خاصة لـ"الرئيس نيوز": "المزاعم التركية جزء من سياسة ترمي إلى تأليب الرأي العام المصري وتشكيكه في الإنجاز الذي تحقق، والأولى بالنظام في أنقرة بدلًا من الحديث عن قواعد ترسيم الحدود البحرية لدول ذات سيادة، أن توقع هي على قانون البحار الصادر عن الأمم المتحدة العام 1982، حتى يتسن لها الحديث في هذا الموضوع، وبدون التوقيع فإن تركيا ليس مخولًا لها في الأساس التطرق إلى مثل هذه المواضيع".
لفت الوزير الأسبق، إلى أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الصادرة عن الأمم المتحدة والمعروفة بقانون البحار، وقعت عليها 187 دولة باستثناء 3 دول هي (أمريكا وتركيا وإسرائيل)، وبالنسبة للأولى فهي ترى أنها هي من تدير العالم ولا حاجة لها للتوقيع على مثل هذا الاتفاق، أما إسرائيل، فهي دولة احتلال، وعلاقتها مقطوعة مع جيرانها، وبالنسبة لتركيا فهي أنشأت كيانًا جديدًا سمته جمهورية قبرص الشمالية التركية، وهذا الكيان لا تعترف به أي دول حول العالم إلا أنقرة، وبالتالي توقيعها على هذا الاتفاق يعرقل مشاريعها التوسعية في تلك المنطقة.
وأوضح المهندس أسامة كمال، أن محاولات تأليب الرأي العام المصري تجاه خطوات الإدارة السياسية في شرق المتوسط، ليست الأولى، وتابع: "إبان فترة حكم تنظيم الإخوان، أثاروا ذات الموضع، وزعموا أن ترسيم الحدود مع قبرص أفقد مصر الكثير من المناطق الاقتصادية في المتوسط، وكان هدفهم في ذلك الحين، هو إلغاء الاتفاق مع قبرص لصالح تركيا، وهو الأمر الذي عطلنا بعض الوقت لإنهاء مناقصة حقل ظهر".
أضاف: "عقدت اجتماعاً دعوة فيه جميع المروجين لتلك الشائعات، وطلبت من رئيس لجنة الترسم البحري، وقتها الحضور لتفنيد تلك الادعاءات والرد عليها، وبالفعل كان ما كان، حيث أطلعهم رئيس لجنة الترسيم البحري على جميع الخرائط والأصول، وأظهر لهم كيف أن المفاوض المصري لم يتخل عن ميل بحري واحد لأي جهة كائنًا ما كانت، كما أعطاهم محاضرة في كيفية ترسيم المياه الإقليمة للدولة، وكذلك المياه الاقتصادية، وكيفية التعامل مع المياه الدولية، وترسم الحدود البحرية".
لجنة سيادية
وأردف الوزير الأسبق: "لدينا إدارة على درجة كبيرة من الاحترافية، تسمى (اللجنة العليا لترسيم الحدود البحرية)، وهي تتبع وزارة الخارجية، وهذه اللجنة تضم 12 جهة ممثلة لـ12 وزارة وجهة سيادية وعلمية في مصر، وبالتالي على الشعب المصري أن يطمئن لجميع الإجراءات التي تتخذ في ذلك السياق، وأن من يدعي امتلاكه دليلًا واحدًا عن خسارة مصر لسنتيمتر واحد من المياه عليه أن يقدمه للرأي العام إذا ما صدق في ادعاءاته، كما أنه كيف لتركيا أن تتدعي مثل هذه الشائعات حتى قبل أن تتطلع على الاتفاق، وترى النقاط التي تم الترسيم وفقًا لها".
قال الوزير الأسبق: "مصر غالبا عيينت جميع حدودها البحرية في الثماني بلوكات في شرق المتوسط، والعديد من شركات التنقيب العالمية بينها (دانة غاز - إني - آديسون) تنقب عن الغاز والنفط في تلك المناطق، وبمجرد التوصل لأي اكتشاف يتم الإعلان عنه".
وأضاف: "لدينا تقارير مؤكدة تتحدث عن وجود 200 تيرليون قدم مكعب من الغاز في منطقة شرق المتوسط، الأمر الذي يفتح شهية الدول على الإسراع في الترسيم البحري لحدودها في المتوسط، لكن تركيا لا تريد أن تجعل من تلك المنطقة مجالًا للتعاون بل تسعى لتحويلها إلى ساحة صراع".
واختتم المهندس أسامة كمال حديثه بالقول: الترسيم مع اليونان لا يمكن الجزم أنه لم يقابله مشاكل، فالجميع يسعى إلى توسيع مناطقه الاقتصادية، لذلك ظلت المفاوضات مع آثينا في هذا السياق ما يقرب من 5 سنوات، حتى تكللت بالنجاح، وتوصلنا إلى حلول عادلة".
عديم القيمة
بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، وبعد اتفاق ترسيم الحدود بين اليونان وإيطاليا، لم يعد لتركيا أي مدخل باتجاه ليبيا يمكن أن يتوافق مع قواعد القانون الدولي.
كما أن سكرتير عام الأمم المتحدة رفض إيداع الاتفاق البحري الذي أبرمته تركيا مع حكومة السراج في ليبيا ولم يعتمده البرلمان الشرعي الليبي. بالإضافة إلى أن تركيا وإسرائيل لم توقعا على الاتفاقية الدولية لقانون البحار، وبالتالي لا يمكنهما استغلال أي ثروات طبيعية في المناطق الاقتصادية بالبحر المتوسط التي تخص دولاً أخرى، وسيعد أي تدخل منهما بمثابة اعتداء على القانون الدولي، وافتئاتا على الاتفاقيات القانونية الموقعة بين الدول المتشاطئة على البحر المتوسط سواء كانت بين مصر وقبرص أو قبرص واليونان أو اليونان وإيطاليا، والآن بين مصر واليونان.
كانت القاهرة وأثينا أعلنتا الخميس الماضي توقيعَ اتفاقية ثنائية لترسيم الحدود البحرية بين الطرفين، وهي تتضمن تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة لكل منهما في البحر المتوسط.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن الاتفاقية تمثل مرحلة مهمة وجديدة بين القاهرة وأثينا، في حين وصف نظيره اليوناني هذه الاتفاقية بأنه ستتوافق مع القانون الدولي بخلاف الاتفاق المبرم بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية.