الإهمال يعاقب اللبنانيين| القصة الكاملة لـ«انفجار بيروت» المدمر.. وخبراء يحللون الأزمة
بينما تعهد رئيس الحكومة اللبنانية، حسان دياب، بمحاسبة المسؤولين عن انفجار بيروت، حسم ثلاثة مصادر في البنتاجون، اليوم الأربعاء، الجدل بشأن التخمينات التي رجحت أن يكون الانفجار عمل تخريبي، قائلين: "لا يوجد لدى الجيش الأمريكي أي دليل، على أن الانفجار في بيروت، نجم عن هجوم، كما أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سابقا".
ونوهت المصادر الثلاثة، في ذات الوقت، بأنها "لا تعرف ما الذي يتحدث عنه الرئيس الأمريكي"، كما أشار أحدهم إلى أنه، لو كان لدى الجيش أي دليل على أن ما حصل كان هجوما مدبرا، فإن السلطات الأمريكية كانت ستقرر على الفور اتخاذ إجراءات إضافية لحماية القوات المسلحة الأمريكية والممتلكات الأمريكية في المنطقة، وشدد المصدر، على عدم صدور مثل هذه الأوامر حتى الآن.
ترامب يشكك
وخلال وقت سابق، أجاب ترامب، في موجز صحفي في البيت الأبيض، بالإيجاب عندما سئل عما إذا كان يعتقد أن سبب ما جرى في بيروت أمس، كان هجوما، وليس نوعا من الحوادث، وقال: "إنطلاقا من طبيعة الانفجار، يبدو الأمر كذلك. التقيت ببعض جنرالاتنا الرائعين ويبدو أنهم يعتقدون أنه كان هجوما. السبب كان نوعا من القنابل، نعم".
ووقع انفجار مدوي في بيروت، ما تسب في مقتل ما يزيد عن 100 شخص، فضلًا عن إصابة نحو 4000 أخرين، ويقول مراقبون إن الإنفجار هو الأكبر منذ انتهاء الحرب الاهلية في بيورت منذ نحو 3 عقود، وتشير تقارير إلى أن الانفجتار تسبب في أضرار بنصف مباني المدينة تقريبا نتيجة شدة موجته التدميرية، إلى جانب وقوع ضحايا وخسائر كبيرة في الممتلكات.
بيروت منكوبة
بدوره، قال مجلس الدفاع الوطني في لبنان، إن بيروت مدينة منكوبة، وأوصى بإعلان حالة الطوارئ في البلاد على خلفية الحادث، فيما قال الرئيس اللبناني، ميشال عون، في مستهل اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، إن كارثة كبرى حلت ببلاده، مؤكدا أن الهدف من هذا الاجتماع هو اتخاذ الإجراءات القضائية والأمنية الضرورية.
وكلف مجلس الدفاع لجنة تحقيق، للوقوف على الأسباب التي أدت إلى وقوع هذه الكارثة، على أن ترفع نتيجة التحقيقات إلى المراجع القضائية المختصة في مهلة أقصاها خمسة أيام من تاريخه، على أن تتخذ أقصى درجات العقوبات بحق المسؤولين عن الكارثة.
داعش والتفجير
الباحثة في الشؤون العربية، أميرة الشريف، قالت لـ"الرئيس نيوز": "للأسف الشعب اللبناني هو من يسدد وحده فاتورة إهمال وفساد المسؤولين، إذ كيف يعقل أن مواد بكل هذه الخطورة يتم تخزينها بهذه الطريقة المُهملة"، مشددة على ضرورة أن يتم غعلان نتائج التحقيقات على الرأي العام، وتقديم المسؤولين عنها إلى المحكمة العاجلة.
لفتت الشريف إلى أن تنظيم "الدولة" لم يتبن التفجير حتى اللحظة، ما يعزز من استبعاد نظرية أن الانفجار وقع نتيجة عمل تخريبي، وقالت: "الشعب اللبناني لن يقبل بعودة الاحتكاك والاحتراب الأهلي مرة أخرى، ما يستبعد أيضًا ضلوع عناصر تتبع طوائف لبنانية بالوقوف وراء الانفجار".
التحقيقات الأولية
في السياق نفسه، قال مصدر مطلع لـ"رويترز" إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن سنوات من التراخي والإهمال هي السبب في تخزين مادة شديدة الانفجار في ميناء بيروت مما أدى إلى الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص أمس الثلاثاء.
وقال رئيس الوزراء والرئاسة، أمس إن 2750 طنا من نترات الأمونيوم، التي تدخل في صناعة الأسمدة والقنابل، كانت مخزنة في الميناء منذ ست سنوات دون إجراءات سلامة. فيما قال المصدر المسؤول "إنه إهمال"، مضيفا أن مسألة سلامة التخزين عُرضت على عدة لجان وقضاة وما انعمل شيء، لإصدار أمر بنقل هذه المادة شديدة القابلية للاشتعال أو التخلص منها.
وتابع المصدر قائلا إن حريقا شب في المستودع رقم تسعة بالميناء وامتد إلى المستودع رقم 12 حيث كانت نترات الأمونيوم مخزنة.
من جانبه، قال المدير العام للجمارك اللبنانية بدري ضاهر لتلفزيون (إل.بي.سي.آي) اليوم، إن الجمارك أرسلت ست وثائق إلى السلطة القضائية للتحذير من أن المادة تشكل خطرا، وأضاف "طلبنا إعادة تصديرها لكن هذا لم يحدث.
وقال مصدر آخر قريب من موظف بالميناء إن فريقا عاين نترات الأمونيوم قبل ستة أشهر، وحذر من أنه إذا لم تُنقل فإنها ”حتفجر بيروت كلها“.
وتفيد وثيقتان اطلعت رويترز عليهما بأن الجمارك اللبنانية طلبت من السلطة القضائية في عامي 2016 و2017 أن تطلب من ”المؤسسات البحرية المعنية“ إعادة تصدير أو الموافقة على بيع نترات الأمونيوم، التي نُقلت من سفينة الشحن (روسوس) وأُودعت بالمستودع 12، لضمان سلامة الميناء.
وذكرت إحدى الوثيقتين طلبات مشابهة في عامي 2014 و2015. وقال غسان حاصباني نائب رئيس مجلس الوزراء السابق وعضو حزب القوات اللبنانية ”يجب إجراء تحقيق محلي ودولي في الواقعة، نظرا لحجمها والظروف التي أُحضرت بها هذه البضائع إلى الموانئ“.
وسفينة روسوس، التي تبحر رافعة علم مولدوفا، رست في بيروت في سبتمبر أيلول 2013 عندما تعرضت لمشكلات فنية أثناء الإبحار من جورجيا إلى موزامبيق وهي تحمل 2750 طنا من نترات الأمونيوم. وقال إنه بعد التفتيش، مُنعت السفينة من الإبحار ثم تخلى عنها مالكوها بعد وقت قصير، مما دفع دائنين مختلفين للتقدم بدعاوى قانونية.
أضاف ”بسبب المخاطر المتصلة بإبقاء نترات الأمونيوم على متن السفينة، قامت سلطات الميناء بنقل الشحنة إلى مستودعات الميناء“.