بعد قضاء «جونسون» عام في منصبه: إلى أين قاد الصحفي المخضرم بريطانيا؟
حصل على الطلاق من زوجة سابقة، وأنجب ابنا، ونجا من الموت بأعجوبة، وقاد المملكة المتحدة في رحلتها المضنية للخروج من الاتحاد الأوروبي، وتصدى لجائحة عالمية.. أحداث ضخمة وكبيرة رسمت ملامح العام الأول لرئيس الوزراء البريطاني «بوريس جونسون».
في الواقع، كان أمام «جونسون» الكثير من التحديات بعد توليه وظيفة أحلامه، إذ حلم في صباه بأن يكون «ملكًا للعالم» كما كتبت أخته، راشيل جونسون، في سيرة عائلتها، وقد أكمل عامًا في منصب رئيس الوزراء البريطاني الذي تولاه سياسيون كبار من بينهم «ونستون تشرشل» و«مارجريت تاتشر».
لكن هناك شيء واحد أصبح واضحًا بشكل متزايد، وهو أن جونسون غير قادر على التعامل مع التحديات التي تواجهه، فأدائه الشعبوي، يرتكز اقتناص اللقطة، عكس أي سياسي حكيم يتنقل شخصيًا في بلاده خلال الأزمات، وتمسك يديه بقوة عجلة القيادة، وتسلط الصحافة العالمية الضوء على تقييم أداء جونسون، كرئيس لوزراء المملكة المتحدة، بعد مرور عام له في المنصب وبشكل خاص تناول موقع دويتش فيله الألماني وعوده الفارغة ونهج المخادع في التسويق لإنجازاته.
سجل كارثي
وقالت مجلة فوربس إن سجله بعد عام واحد في المنصب كارثي، لأنه في الأساس لم يحقق أي شيء منذ فوزه في الانتخابات لافتة لأنه «من المؤكد أنه احتفل بانسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي باعتباره نجاحًا، ولكن في الوقت نفسه يبدو من المرجح أن المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة الشاملة مع الاتحاد الأوروبي لن تصل إلى شيء بحلول نهاية العام، مما يعني أن المملكة المتحدة سوف تواجه مخاطرة السقوط الحر في ازمات اقتصادية متتالية الذي من المفترض أن يؤدي إلى فقدان عشرات الآلاف من الوظائف في صناعة السيارات وحدها».
خطوط الشاحنات الطويلة عند الحدود وحتى نقص مواد البقالة الطازجة؛ مشاكل قد يواجهها سكان المملكة المتحدة بعد أشهر قليلة من الآن، حيث ذكر الموقع الألماني «دويتش فيله» أنه من المحتمل ألا تتحقق اتفاقية التجارة السريعة المزعومة مع الولايات المتحدة في أي وقت قريب، مشيرًا لأنه بدلاً من الدخول في «عصر ذهبي» مع الصين، إذ وجدت الحكومة البريطانية نفسها مجبرة على تعليق معاهدة تسليم المجرمين مع هونج كونج، مما أدى إلى ابتعاد بكين أكثر عن لندن، في عالم أصبحت فيه الخطوط الفاصلة بين القوى الرائدة أكثر فأكثر؛ لتجد المملكة المتحدة نفسها فجأة معزولة إلى حد ما.
في السياق نفسه أشار تقرير روسيا الذي نشره البرلمان البريطاني، الأسبوع الماضي، لا يظهر جونسون بشكل إيجابي، إلى التدخل الروسي المحتمل في جملة أمور من بينها استفتاء بريطانيا على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخلص البرلمانيون إلى أن روسيا تشكل تهديدًا كبيرًا للمملكة المتحدة، حيث أعربوا عن أسفهم لأن الحكومة «قللت من قيمة التهديد».
ويستفيد المحافظون من وجود «جونسون» في السلطة، خاصة من التبرعات الحزبية التي قدمها القلة المقيمون في لندن، منها على سبيل المثال، تنظيم حدث لعبة تنس مع رئيس الوزراء، حيث تمكن الحزب من سحب عدة ملايين من الجنيهات من تنظيم هذا الحدث وما شابهه.
الحسابات السياسية وليس الكفاءة
عدة تساؤلات مثارة حول تأخير جونسون في نشر تقرير روسيا لعدة أشهر، إذ حاول، دون جدوى، تثبيت «كريس جرايلينج» أحد أتباعه الأكثر ولاءً في حزب المحافظين، ولكن أيضًا شخصًا يعتبر غير كفء تمامًا كرئيس للجنة المخابرات والأمن بالبرلمان، وتعطي هذه التحركات انطباعًا دائمًا بأن الحسابات السياسية، وليس الكفاءة، هي ما تلعب الدور الأكبر لدى جونسون عندما يتعلق الأمر بملء المناصب الرئيسية في البلاد.
اتبع «جونسون» نهجًا مماثلا عندما قام بتجميع مجلس وزرائه، واختيار ممثلي الحكومة لإدارة ملف خروج بريطانيا، والنتيجة كانت: «لا شيء يسير بسلاسة.. للتعامل مع أكثر القضايا إلحاحًا في الوقت الحالي، وهي مكافحة جائحة كوفيد-19» إذ يتأرجح جونسون من خطوة خاطئة إلى أخرى، والمملكة المتحدة لديها واحدة من أعلى حصيلة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في العالم، بينما يعد اقتصادها من بين الأكثر تضررا.
ملك العالم فاقد للسيطرة
وتظل رسائل الحكومة بشأن متى وأين ولماذا يضطر الناس إلى ارتداء الكمامات الواقية غير واضحة، مع وجود إرشادات قابلة للتغيير الدائم، ويخشى الخبراء من أن إجراءات الإغلاق قد تم تخفيفها قبل الأوان وأن موجة ثانية من العدوى، على غرار تلك الموجودة في الولايات المتحدة، وشيكة، إذا قررت اسكتلندا، نتيجة لهذا الفشل التام، أن تفعل ذلك بمفردها، وتفضل الغالبية العظمى من الاسكتلنديين مغادرة المملكة المتحدة يجب إلقاء اللوم في المقام الأول على جونسون، بعد عام واحد فقط على عرشه، إذ أشار تقرير روسيا إلى أن «ملك العالم يبدو وكأنه فاقد للسيطرة».