الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"اسلمي يا مصر".. قصة النشيد الشعبي لمصر من "ثورة 19" إلى تحديات 2020

الرئيس نيوز

- مصطفى صادق الرافعي كتبه على لسان سعد زغلول.. وأرسله إليه في منفاه بجبل طارق

- الكشافة المصرية اتخذته نشيدا رسميًا.. ولجنة رسمية رفضته في مسابقة عام 1936

- كلية الشرطة اعتمدته نشيدا لها.. ونجل ملحن النشيد اُشتهر بأدئه أمام رئيس الجمهورية

طرح المطرب محمد محسن نسخة جديدة من الأغنية الوطنية الشهيرة "اسلمي يا مصر"، الأمر الذي لقي تفاعلا كبيرا من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في ظل الظروف الحالية، التي تواجه فيها مصر تحديات عديدة، على مستوى قضية سد النهضة المهددة لحصة المصريين من نهر النيل، وتهديد الأمن القومي من الغرب في ليبيا.


في السطور التالية نستعرض تاريخ "اسلمي يا مصر"، الذي بدأ بقصيدة مهداة إلى زعيم الأمة قبل 100 سنة، ثم انتشر في الأوساط الشعبية التي اعتبرته نشيدا قوميا للبلاد.

في بداية العشرينيات، عمل الشاعر الراحل مصطفى صادق الرافعي على كتابة قصائد تقدم بها إلى لجان رسمية لاعتماد واحدة منها نشيدا رسميا لمصر، لكنه لم يفلح في مسعاه، وسط منافسة شديدة مع أحمد شوقي.

بعد ذلك، قرر الرافعي كتابة قصيدة تصورها على لسان الزعيم سعد زغلول، قائد ثورة 1919، الذي كان يراع مصطفى صادق الرافعي ممثلا لكل مصري آنذاك.


ويروي الكاتب محمد سعيد العريان في كتابه "حياة الرافعي"، قصة نشيج "اسلمي يا مصر" قائلا إن الرافعي رأى رؤياه في منامه، فلما أصبح ألف النشيد.

ويضيف: "ما كان همّ الرافعي عندما ألفه أن يجعله نشيدا قوميا إنما قصد إلى أن يجعله بيانا رمزيا على لسان سعد"، مسششهدا بخطاب أرسله "مصطفى" إلى الزعيم في منفاه بجبل طارق.

كتب الرافعي لسعد زغلول: "ما أردت بإظهار نشيدك إلا أن تظهر في كل فرد من الأمة على قدر استعداده، ويبقى اسمك الجليل مع كل مصري على الدهر مصدرا من مصادر إمداده".

وأضاف متحدثا إلى الزعيم: "يقولون: إنه نشيد يقربك من الأجيال الآتية، وأنا أقول: إنهم هم يتقربون به إليك، ويحدون منه الوسيلة لتقبيل اسمك المحبوب، إذ لا يستطيعون مثلنا تقبيل يدرك، ويجدون في كل زمن من شرْح هذا الاسم الكبير أنه الرجل الذي خطّ قلم الأزل بيده كتاب نهضته الكريمة، واختاره الله للأمة كما اختار الأنبياء إلا أنه نبي الفكر والعزيمة".

بمجرد أن ذاع أمر النشيد التي أرسله الرافعي إلى سعد، انتشرت الدعوات من الطلبة والأدباء والفنانون إلى اعتماده نشيدا قوميا لمصر، كي "يجعلوا صوت سعد في هذا النشيد صوت البلاد، وليتخذوا ما فيه من معاني المجد شعارا لكل مصري".


ويكمل محمد سعيد العريان ما حدث بعد ذلك قائلا: "تألفت اللجان في مختلف البلاد لإعلانه وإذاعته، وتسابق الملحنون إلى ضبط نغمته ورسم لحنه".

ويشير هنا إلى أن النشيد حظي بلحنين، الأول للموسيقار منصور عوض، والثاني للموسيقار صفر علي، لافتا إلى أن اللحن الأول "أدق اللحنين وأوفاهما بالغاية"، ولكن اللحن الثاني أُذْيَع وأعمّ، وهو الذي نعرفه إلى الآن.

اتخذت الكشافة المصرية من "اسلمي يا مصر" نشيدها الرسمي، بل إن الموضوع تطور فصارت كلمات الرافعي بلحن صفر علي بمثابة نشيد مصر القومي من سنة 1923 إلى سنة 1936.


في تلك السنة، بحسب "العريان"، أعلنت الحكومة عن المباراة العامة لـ"تأليف نشيد قومي يهتف به الشعب وتعترف به الحكومة"، الأمر الذي يؤيد الكلام عن أن "اسلمي يا مصر" لم يكن نشيدا رسميا للمملكة المصرية آنذاك.

على أية حال، تقدم الرافعي في المسابقة التي طرحتها الحكونمة عام 1936 بقصيدتين: "اسلمي يا مصر"، و"حماة الحمى".

واللافت أن اللجنة المشرفة على اختيار النشيد الرسمي للبلاد استبعدت "اسلمي يا مصر"، واعترفت بالثاني لكنها منحته الجائزة الثانية.

أصبح النشيد أغنية وطنية نتذكرها من وقت لآخر، لكنها كلية الشرطة اتخذتها نشيدا رسميا لها. واللافت هنا أن مؤدي النشيد كان أيمن صفر علي، نجل ملحن النشيد.


وهناك مقاطع مسجلة للواء "أيمن" وهو يغني النشيد رفقة الموسيقى الشرطية، في عدة محافل، منها مناسبات حضرها رئيس الجمهورية، في التسعينيات وبدايات الألفية الثالثة.

كلمات النشيد:

اسلمي يا مصر إنني الفدا.. ذي يدي إن مدت الدنيا يدًا

أبدًا لن تستكيني أبدًا.. إنني أرجو مع اليوم غدًا

ومعي قلبي وعزمي للجهاد.. ولقلبي أنتِ بعد الدين دين

لكِ يا مصر السلامة.. وسلامًا يا بلادي

إن رمى الدهر سهامه ..أتقيها بفؤادي

واسلمي في كل حين.. أنا مصري بناني من بنى

هرمَ الدهر الذي أعيا الفنا.. وقفة الأهرام فيما بيننا

لصلوف الدهر وقفتي أنا.. في دفاعي وجهادي للبلاد

لا أميل لا أمل لا ألين.. لكِ يا مصر السلامة

وسلاما يا بلادي.. إن رمى الدهر سهامه

أتقيها بفؤادي.. واسلمي في كل حين

ويك يا من رام تقييد الفلك.. أي نجم في السما يخضع لك

وطن الحرِّ سمًا لا تمتلك.. والفتى الحرُّ بأُفْقِه مَلَكْ

لا عَدَا يا أرضَ مِصْر فيكِ عاد.. إننا دون حماكِ أجمعين

لكِ يا مصر السلامة.. وسلاما يا بلادي

إن رمى الدهر سهامه.. أتقيها بفؤادي

واسلمي في كل حين.. للعلا أبناء مصرَ للعلا

وبمصرَ نملك المستقبلا.. وا فدًا لمصرِنا الدنيا فلا

نضعُ الأوطان إلا أولاً.. جانبي الأيسر قلبه الفؤاد

وبلادي هِي لي قلبي اليمين.. لكِ يا مصر السلامة

وسلاما يا بلادي.. إن رمى الدهر سهامه

أتقيها بفؤادي.. واسلمي في كل حين.