ملابس قطيفة وبلياردو ونبيذ.. عجائب لن تصدقها عن سجن الباستيل
"اقتحام سجن الباستيل".. حادث محفور في ذاكرة الفرنسيين ولا يزالون يذكرونه إلى الآن، ليخلدوا تلك اللحظة التي كانت تمهيدا لنهضة وتحرر فرنسا في التاريخ الحدث.
ففي مثل هذا
اليوم، 14 يوليو، عام 1789 سيطر الثوار على القصر الذي أنشئ قبل قرون، عام 1370،
ليكون معتقلا كبيرا للمعارضين، ويسمى هذا اليوم "اليوم
الوطني" لفرنسا.
ورغم رمزية السجن
كمعقل للظلم والقصر، فإن هناك روايات غاية في الغرابة ترسم صورة مختلفة تماما عن
الباستيل في ذهنية الكثيرين.
وفي كتابها "موسوعة من
عيون الكتب فى التاريخ و الفنون"، تورد الكاتبة د. نعمات أحمد فؤاد، بعضا من
غرائب سجن الباستيل، اعتمادا على ما حكاه مسجونون سابقون أو كتاب فرنسيون عاصروا
فترة وجود السجن.
وتوضح "نعمات"
في البداية أن سجن الباستيل كان يحتوي على ثمانية أبراج، كل برج منها على أربع أو
خمس طبقات من الغرف. أقلها تلك التي كانت في الطابق الأسفل وهي التي أطلق عليها
مؤرخو الباستيل كلمة الزنازين، لأنها كانت رطبة، واُستخدمت لفترة لتنفيذ حكم
الإعدام.
وبالنسبة للغرائب،
فإنه بحسب شهادة جاسوس كان مسجونا في الباستيل، فإن الأطعمة التي كانت تقدم لهم من
نوعية الفراخ واللحوم البقري والزبدة والبقدونس، وبسكويت، وفاكهة التفاح، وزجاجة
نبيذ من نوع "البورجوني".
ويقول سجين آخر:
"كانوا يقدمون لي ستة ألوان منها حساء بالجنبري وحيوانات بحرية أخرى ثم سمك
موسى وجزءا من الدجاج المشوي وأنواعا من الخضر والفاكهة والحلوى المطبوخة".
بخلاف ذلك، هناك
سجين صرح بأنه كان يستقبل في غرفته في الباستيل زوجته وأصدقاءه الذين كانوا يفدون
لزيارته، وأنه كان يقيم الولائم ويدعو لها بعض رجال البلاط.
وتنقل المؤلفة:
"وحدث سنة 1788 أن طب بعض السجناء بلياردو ليلعبوا عليه فأجيب طلبهم ونُصب
لهم البلياردو في غرفة واسعة".
وتشير إلى أنه
"حتى الخدم الذين يصبحون سادتهم إلى الباستيل من باب الوفاء، كانت الحكومة
تنفق عليهم وتدفع مرتباتهم طول مدة إقامتهم مع سادتهم في السجن!".
لكنها تنوه إلى
أنه "مع هذا تعددت حوادث الهرب من السجن المترف، إنه ملل الرتابة ولو كانت
قلعة شاتو أو قصر الباستيل".
وبالنسبة لتفاصيل
الملابس، تنقل نعماد أحمد فؤاد أن المسجونين لم يكونوا يلبسون ملابس السجون العادية،
بل كانوا يرتدون معاطف فاخرة من نوع "روب دي شامبر"، محشوة بالقطن أو
بفراء الأرانب، وثيابا مبطقة بالقطيفة الحريرية.
وتضيف أن السجناء كانوا
يتخيرون الألوان التي تروق أذواقهم، ثم تنقل هذه القصة الأغرب: "سجينة أبدت
رغبتها في الحصول على ثوب من الحرير الأبيض مزين بأزهار خضراء، فذهبت زوجة وكحيل
الباستيل تجوب باريس باحثة لدى الخاطئات عن ثوب تتوافر فيه هذه الأوصاف، ولما لم
تجد غير ثوب من حرير أبيض مخطط بخطوط حمراء أرسلوا إلى السجينة يروجونها أن تقنع
به إذ لم يتيسر لهم إيجاد الآخر".
وتعلق نعمات أحمد
فؤاد في النهاية ساخرة: "يا عيني على الرضا.. هل تغيرت فكرتك عن الباستيل؟
ألا ترى معي أن الدنيا حظوظ حتى في السجون؟ وإن كانت تغور ولو صيغت أحجارها من
الذهب الخالص".