كيف حل إردوغان الخلاف بين الإرهابيين في إدلب؟
تأخذ الأمور في محافظة إدلب السورية منحنى جديدا، فبينما يريد نظام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المحافظة على آخر معاقل الجماعات الإرهابية والمسلحة، بالوصول إلى وضع يؤمن عدم السماح للجيش السوري باقتحام المدينة وتطهيريها، بوصفها من مناطق خفض التصعيد، يبقى أمامه معضلة وهي أنه كيف يمنع الفصائل الإرهابية من استغلال موقع المدينة الاستراتيجي في قصف أرياف دمشق وحلب، من جهة وقاعدة حميميم الروسية من جانب آخر.
على الرغم من أن "هيئة تحرير الشام"، (جبهة النصرة) سابقًا وهو تنظيم يوالي القاعدة، هي من تدير المدينة إداريًا وعسكريًا، إلا أن الجبهة شهدت انقسامات فارقة مرتين، أولها حينما أعلنت فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" وغيرت اسمها إلى "هيئة تحرير الشام"، والمرة الثانية، حينما أبرمت تركيا مع روسيا اتفاق سوتشي الذي ضم المدينة إلى مناطق خفض التصعيد، والتزمت موسكو بإيقاف زحف الجيش السوري نحو المدينة لتطهيرها، مقابل جمع تركيا أسلحة المعارضة والجماعات لإرهابية والمسلحة الثقيلة.
الأمر الذي قبله الجولاني رئيس "هيئة تحرير الشام"، لكن أعضاء من مجلس شورى التنظيم رفضوا وأعلنوا مواصلة قتالهم الجيش السوري، واستهداف أرياف دمشق، وقاعدة "حميميم". ومنذ ذلك الوقت وتشهد "هيئة تحرير الشام" صراعات بين الموالين للجولاني، من جهة، وخصومه الذين شكلوا تنظيم "حراس الدين"من جهة أخرى.
تنظيم "حراس الدين" الإرهابي، جدد بيعته لتنظيم "القاعدة"، وعكف على تشكيل جبهة معارضة ضد "هيئة تحرير الشام"، من جهة، وتركيا، من جهة أخرى، إذ استهدف دوريات المراقبة التركية التي تم إطلاقها بالتنسيق مع روسيا.
سجل إرهابي
يقول الباحث في شؤون الجماعات الراديكالية، مصطفى أمين: "كان على الجولاني الخلاص من رفقاء الأمس، ومنذ ذلك الوقت، بدأت عناصره في تنفيذ عمليات اعتقال لعناصر تنظيم (حراس الدين). الأمر الذي ضاعف من الاحتقان بين التنظيم الجديد (وهيئة تحرير الشام)، وقد سعت قيادات إرهابية للتوسط للصلح بينهما، إلا أن الأمور لم تكد تهدأ بينهما حتى يتجدد القتال والتوقيف مرة أخرى. وآخر من تم توقيفهم من القيادات أبو مالك التلي، وأبو صلاح الأوزبكي، وتوقير شريف".
وأوضح أمين لـ"الرئيس نيوز": "الجولاني يريد محو سجله الإرهابي وقتما كان يقود جبهة النصرة، ويسعى لتقديم صورة جديدة له يكون فيها قائدًا لمفاوضات الحل السياسي وتسوية الأزمة مع النظام السوري".
يتابع أمين: "الجولاني منذ أن حل جبهة النصرة وشكل هيئة تحرير الشام وفك الارتباط بالقاعدة، وتوقف تمامًا عن الحديث عن رغبته في إقامة إمارة إسلامية في سوريا، لكن عناصره لا تزال تمارس أعمالها الإرهابية".
ولفت إلى أن الجولاني بات رجل تركيا القوى حاليًا، وأنها تسعى لتقديمه كمفاوض للنظام، وتحاول تقديمه أيضًا للإدارة الأمريكية التي يبدو أنها بدأت في التعامل والتنسيق معه بشأن الاوضاع في إدلب".
دلل أمين على حديثه بالقول: "الجولاني متهم حاليًا بالتورط في دعم أمريكا في قتل أحد أبرز قادة حراس الدين التابع للقاعدة خالد العاروري المعروف بأبي القسام الأردني"، لفت أمين إلى أن خالد العاروري هو من قادة تنظيم القاعدة التاريخيين وشغل منصب الساعد الأيمن لأبو مصعب الزرقاوي في العراق.
فتوى القاعدة
ودخل تنظيم القاعدة على الخط هو الآخر، وأصدر بيانا طالب فيه المقاتلين في “هيئة تحرير الشام” بعدم طاعة قادتهم في المعركة الدائرة ضد الجماعات الآخرى. وجاء في البيان "إنّ تنزيل نصوص الإمامة الكبرى على الإمارة الفصائلية الصغرى الواقعة تحت استضعاف طغيان دول الكفر..، من الخطأ البين فساده علمياً وعملياً عبر تجارب أدت للفتن واستحلال الدم الحرام”.
أفتى بيان القاعدة بأنّه لا ينطبق على الفصائل بـ إدلب مفهوم “جماعة المسلمين”، التي يتوجب على المسلمين بيعتها ويقاتل معها ويقاتل مفارقها، كما تفعل تحرير الشام حسب البيان.