هل توقّع ما حدث؟.. رسالة "غريبة" من حافظ الأسد إلى السادات بعد الحرب
قبل 20 سنة بالضبط، كان المشهد في سوريا لافتا، من ناحية لأنه في نفس اللحظة التي يغيب فيها الأب يتقدم الابن كبديل وحيد، ومن ناحية أخرى لأن الراحل كان حاكما من أصحاب الوجوه المألوفة، بحكم السنوات الطويلة التي قضاها في قمة السلطة.
نتحدث عن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، الذي يوافق اليوم، 10 يونيو،
ذكرى وفاته عام 2000، عن عمر ناهز 70 سنة، قضى منها 29 سنة في الحكم.
معركة 6 أكتوبر
تولى "الأسد" الحكم في سوريا عام 1971، وهي فترة حساسة وصعبة في
تاريخ الوطن العربي، إذ كانت أربع سنوات مرت على احتلال إسرائيل هضبة الجولان ضمن الأراضي التي احتلتها أثناء حرب 5 يونيو
1967 إلى جانب سيناء المصرية، وكانت سنة مرت على جمال عبد الناصر، وسنة أيضا مرت على تولي أنور السادات الحكم، في أجواء ضبابية من حالة "اللا حرب واللا سلم".
لذلك فإن معركة 6 أكتوبر التي خاضها الجيشان المصري والسوري تحت قيادة عسكرية موحدة من المشير أحمد إسماعيل، كانت أملا كبيرا لحافظ الأسد في استعادة الجولان كاملة، وتوطيد العلاقة بين مصر وسوريا خصوصا وأنهما خاضا الحرب معا، وهو حالة لا تتكرر كثيرا من الثقة والطمأنينة بين بلدين.
الأسد يتشكك في التحالف مع السادات
يحكي "بهاء" الذي كان مقربا من "السادات" لسنوات تالية
وكتب له عدة خطابات رئاسية، أن الرئيس حكي له أن كل الملوك والرؤساء العرب بلا
استثناء قد زاروه بعد حرب 6 أكتوبر 1974، وأيدوه مائة في المائة على سياسته مع إسرائيل المعركة إلى ما بعدها من عمليات فك الاشتباك.
ويضيف أحمد بهاء الدين، الذي كان يجلس مع الرئيس في مواجهة الزعيم
الفلسطيني ياسر عرفات، أن السادات استدار هامسا في أذني وقال: "لكن يا أخي
فيه حاجة غريبة قوي، كل ملك أو رئيس زارني كان يعبر عن تأييده لي، ثم يقول لي
"بس لازم يا ريس تخلي سوريا دائما في إيدك"، ما فيش واحد ما قالش هذه
الجملة بالضبط"، في إشارة إلى ضرورة أن لا يقرر السادات التسوية مع إسرائيل بشكل منفرد.
ويتساءل "السادات" باستغراب: "معناها إيه دي؟"، ثم أن
يجيب بنفسه على سؤاله قائلا: "معناها الوحيد إن حافظ الأسد هو اللي قالهم
يقولوا لي الإشارة دي! ومعناها إن حافظ الأسد متشكك في استمرار تحالفنا معه، وإنه
داير يشكك الآخرين!".
ويروي "بهاء الدين" أن الرئيس السادات بدأ يتحدث باستنكار عن هذا الاحتمال، قائلا: "هل هذا كلام عاقل؟ هل يمكن أن يخطر على بال أحد أن مصر بعد ما اشتركت مع سوريا في الحرب، تسيبها؟ وتسيبها وتروح فين؟!".
اختلاف السادات وحافظ الأسد
ويعلق أحمد بهاء الدين أن هذه الواقعة التي رواها السادات أدهشته للغاية مثلما
أدهشت الرئيس. لكنها ظلت عالقة في ذهن الصحفي المخضرم، إلى أن استعادها بعد مرور
سنوات حديث فيها تحولات سياسية جذرية في المنطقة العربية، واختلاف أنور السادات
وحافظ الأسد على قرار الرئيس المصري الشهير بزيارة القدس وطريقة تحقيق سلام مع
إسرائيل، وما تبع ذلك من اختيار السادات لطريق الحل المنفرد.
استعاد أحمد بهاء الدين حكاية السادات في نوفمبر 1974، وأخذ يفكر أن حافظ
الأسد كان إذن يخشى أن يُترك بمفرده منذ ذلك الوقت البعيد، ثم يتساءل: "هل
كان هذا من باب الشك أم كانت لدى حافظ الأسد معلومات أو إشارات، تتوقع اتجاه
السادات، قبل أن ينتبه أحد منا إلى ذلك؟".