الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الاستعمار الجديد.. طموحات تركيا تتجاوز ليبيا إلى العمق الإفريقي (تقرير)

الرئيس نيوز

رجحت صحيفتا أحوال التركية وآراب ويكلي اللندنية، أن دعم تركيا لحكومة فايز السراج المتحالفة مع الميليشيات المتطرفة في طرابلس يأتي في إطار استراتيجية أكثر شمولاً تسعى إلى بسط نفوذ أنقرة على مناطق واسعة من القارة السمراء، تصل إلى مالي وجنوب الصحراء الكبرى والساحل من خلال مساندة جماعات الإسلام السياسي غير الشرعية.

ووفقًا للكاتب محمد أبو الفضل، في تحليله الذي نشرته الصحيفتان، سيكون من الخطأ افتراض أن طموحات تركيا تقتصر على ليبيا أو شمال إفريقيا. وسيكون من الأسوأ أن يتصور المرء أن علاقات أنقرة المشبوهة مع المنظمات الإرهابية تقتصر على العالم العربي.

تابعت صحيفة أحوال: "بدأت حكومة أردوغان تمهيد الطريق لمشروعها الإسلامي في إفريقيا منذ سنوات، سواء من خلال أدوات القوة الناعمة أو إقامة روابط وعلاقات متنوعة مع الجماعات المتطرفة، بما في ذلك الدعم العسكري والمالي.

سياسة عثمانية

اتضح الجزء الأول من الاستراتيجية التي يتبناها أردوغان من خلال المساعدات الممنوحة من خلال وكالة التعاون والتنسيق التركية TIKA، أما الجزء الثاني فقد عكسه التقارب الملحوظ بين تركيا والجماعات المسلحة في جميع أنحاء القارة. ربما لم يلق الكثيرون بالاً بما يكفي لعمق الروابط بين تركيا والمتطرفين في البلدان الأفريقية مثل تشاد والنيجر ومالي ونيجيريا والكاميرون.

وتعتبر معظم المنطقة المحيطة بليبيا أرضًا خصبة للتعاون والتنسيق بين أنقرة والمنظمات الإرهابية النشطة، التي زادت من أنشطتها على مدار الأسابيع القليلة الماضية حيث تقوم تركيا بخطواتها في ليبيا وتستمر في جلب المرتزقة وتتعمد تشتيت انتباه القوى الكبرى مستغلة جائحة فيروس كورونا.

بدأت جماعة بوكو حرام الإرهابية، في نيجيريا، في بسط تأثيرها وجرائمها على نطاق واسع في دول حوض تشاد، كما لو كانت تتبع أوامر محددة. ونشطت بوكو حرام في نفس الوقت الذي تقوم فيه تركيا بمناورات عسكرية خطيرة في ليبيا.

كما اشتبكت بوكو حرام وجماعات راديكالية أخرى مع القوات المسلحة التشادية، التي خففت الضغط على الجبهة الليبية الجنوبية حيث المعبر المعروف للمرتزقة الموجهين إلى حكومة السراج. وأصبحت تشاد هدفا محوريا لبوكو حرام، ووقعت معارك ضارية هناك أدت إلى سقوط العديد من القتلى. وتجدر الإشارة إلى أن تشاد لديها تاريخ مظلم مع المتطرفين وهناك ملفات أمنية عديدة أثبتت تورط قطر كذلك في دعم الإرهابيين هناك.

تحالف الشر مع قطر

حاولت قطر تخريب علاقة ليبيا مع تشاد باستخدام اتحاد قوى المقاومة UFR الذي يرأسه ابن شقيق الرئيس التشادي والمعارض الشرس تيمان ارديمي. كما نشط إريديمي في منطقة فزان الليبية وأمضى بعض الوقت في الدوحة.

اتهم الجيش الوطني الليبي قطر بدعم إرديمي، الذي اعتقلته القوات التشادية في فبراير من العام الماضي أثناء قيادته فصيل مسلح في جنوب ليبيا، إلى جانب عشرات الحركات المتمردة المسلحة من السودان وتشاد والجماعات المتطرفة التي كرست تحركاتها لمهاجمة الجيش وإنشاء مركز إرهابي جديد في المنطقة.

تمكن الجيش التشادي من تعقب العديد من المتطرفين، وضبط 250 متمردا دخلوا تشاد من ليبيا في يناير 2018، بينما دمر الجيش النظامي أكثر من أربعين مركبة وصادر أسلحة وذخائر متنوعة ويواصل الجيش التشادي مهمته في منطقة إندي (شمال شرق تشاد) القريبة من حدود البلاد مع ليبيا والسودان.

استهداف جنوب ليبيا

في فبراير 2019، هاجمت وحدات فرنسية المتمردين المسلحين المدعومين من تركيا وقطر أثناء عبورهم الحدود الليبية الجنوبية لاستهداف الرئيس التشادي. تم تدمير حوالي 20 حافلة صغيرة بعد أن طلب الرئيس التشادي إدريس ديبي من باريس المساعدة. وتشمل القوة المشتركة المدعومة من فرنسا لمحاربة بوكو حرام قوات من تشاد والكاميرون والنيجر ونيجيريا.

وتركز الكتائب المسلحة والمرتزقة والإرهابيون على جنوب ليبيا بعد أن تمكنوا من تأمين طرابلس والغرب، في حين لا يزال الشرق خطًا أحمر لا يمكنهم تجاوزه في هذه المرحلة، اتقاء للغضب المصري. لا يزال الجنوب حيوياً لخطط الإرهابيين لمحاربة الجيش الوطني الليبي، فضلاً عن أهدافهم الأوسع للعمل مع الجماعات الإسلامية في دول الساحل والصحراء التي تواصل تركيا الاعتماد عليها.

تحافظ هذه المنظمات على درجة من الاختلاف، لكنها قادرة على الانضمام معًا لمحاربة خصم قوي. تمكنت تركيا من الاستفادة من هذه الحقيقة مرارًا وتكرارًا، بما في ذلك في سوريا، حيث جمعت العديد من الجماعات المتطرفة. وهي تعتمد على نفس الاستراتيجية في دول الساحل والصحراء.

تجلى ذلك في الجهود التركية والقطرية للتعاون مع الفصائل المتمردة المختلفة في تشاد والسودان ومالي ونيجيريا في السنوات الأخيرة، في بعض الأحيان بحجة رعاية مفاوضات السلام. لكن الخطر الحقيقي سيأتي عندما تتمكن تركيا من جمع ونقل آلاف من الإرهابيين أو إنشاء شبكة معقدة من المصالح تربط بين الأبعاد المحلية والإقليمية.