تحليل| الاقتصاد المصري بين تفاؤل المؤسسات الدولية ومخاوف الموازنة
لا ينكر أحد وجه كورونا القبيح على الاقتصادات العالمية بأسرها، ولم يكن الاقتصاد المصري بمنأى عن التداعيات الاقتصادية والصحية وانعكاساتها على معدلات البطالة والتضخم. وخلال شهرين ونصف تغيرت فيها ملامح المستهدفات الاقتصادية وخطط التنمية المختلفة وتدفق الإيرادات العامة وتوقعات العالم للنمو والإفلات من الأزمة غير المسبوقة.
لكن ماذا إذا استمرت الأزمة أكثر من ذلك؟ كيف ستنعكس على شكل الاقتصاد
المصري؟ وربما تغيرت الأرقام والمستهدفات أكثر أم سينجو في
ظل توقعات عالمية بصلابة الاقتصاد المصرى الذي أنهى للتو برنامجا للإصلاح تخلص فيه
من عدة مشكلات هيكلية.
توقعات اقتصادية طموحة
تحليل الأرقام والبيانات الواردة في التقارير المحلية والمؤسسات الدولية
يظهر صمود الاقتصاد المصري في وجه الأزمة، وقالت مؤسسة فيتش، إن الأسوأ قد مر على
الاقتصاد المصري بالفعل، متوقعة أن تكون مصر الدولة العربية الوحيدة التى
تحقق نموا اقتصاديا خلال 2020 فى ظل تداعيات انتشار فيروس كورونا.
وجاء تقرير ستاندرد أند بوز ليقول ما أكده سابقيه من المؤسسات الدولية
وذكر المؤسسة أن الاقتصاد المصرى يتميز حاليا بالسيولة الكافية التى تمكنه من
مواجهة التحديات والصدمات، ما يجعل احتمالات أى تراجع فى الناتج المحلى الإجمالى "مؤقتة"، متوقعة عودة الاقتصاد المصرى للانطلاق بعد انتهاء تداعيات كورونا، كما
توقعت تراجعا محلوظا فى معدلات الدين الخارجى والحكومى مع حلول 2022.
وبالمثل ذهبت موديز ومعهد التمويل الدولي وغيرهما وسط موجه تفاؤل بالاقتصاد المصري.
4 محاور تتسبب في مخاوف المالية
في المقابل لم ينتقل التفاؤل لوزارة المالية – رغم تقديرها
للتقارير الدولية التى تنصف برنامج الإصلاح الاقتصادي وترفع تصنيف الاقتصاد
المصري- إلا أن تقريرا أعدته وزارة المالية وحصل "الرئيس نيوز" على
نسخة منه كشف عن تخوفات من انعكاسات الوضع العالمي والمحلي على الأداء الاقتصادي
وشملت المخاطر التي قد تؤثر سلبا على الاقتصاد ربما عدم تحققها يمثل عامل
قوة للاقتصاد خلال تلك الفترة:
معدل النمو: تخشي وزارة المالية من استمرار ترادع معدل النمو العالمي
لما سيكون له انعكاسا كبيرا على حركة التجارة العالمية المتوقع أن تنمو بسالب 11
للمرة الأولى ما يعني أثارا سلبية على الاقتصاد المصرى، وعلى الفائض الأولي وخطط
الاستثمار الأجنبي المباشر كما سينعكس ذلك على حصيلة الضرائب الجمركية وقناة
السويس والضرائب على الواردات، وسيفقد الخزانة العامة 1.5 مليار جنيه عن كل 1%
تراجعا في معدل التجارة العالمية.
سعر الصرف: يعد مرآة حقيقية لوضع الاقتصاد ما يجعل الموازنة تتحوط من أى تقلبات سعرية في سعر الجنيه أمام الدولار هبوطا أو صعودا عن التوقعات البالغة 16 جنيها في موازنة العام المالي المقبل، وهو الرقم الذي توقعت مصادر أن يشهد تعديلا قبل إقرار الموازنة مع وجود تحركا لسعر الدولار أمام الجنيه .
يرى التقرير الرسمي أن كل تحرك 50 قرشاً سيرفع الانفاق العام بنحو
1.4 مليار جنيه مع زيادة تكلفة الاستيراد وكذلك الحال إذا تراجع سعر الدولار بنفس
القيمة سيحدث وفورات لصالح الموازنة كما سيرفع فاتورة دعم البترول بنحو 5.7 مليار
جنيه والسلع التموينية بـ900 مليون جنيه وارتفاع فاتورة دعم الكهرباء 1.1 مليار جنيه
إلا أن سعر الصرف له وجه آخر في حالة ارتفاع الدولار امام الجنيه فأن ذلك
سينعكس إيجابا على حصيلة الإيرادات الجمركية بنحو 1.6 مليار جنيه وحصيلة ضريبة
القيمة المضافة بنحو 2.25 مليار جنيه على السلع المستوردة كما سيرفع ايرادات هيئة
البترول بنحو 450 مليون جنيه
سعر الفائدة: كشف التقرير عن أن أزمة كورونا قد ترفع الدين العام ومدفوعات الفوائد بما يتراوح بين 8 و10 مليارات جنيه لكل 1% ارتفاعا في أسعار الفائدة على الدين العام.
سعر البترول: أكد التقرير أن سعر البترول لا يزال غامضا، فرغم أن التقديرات الدولية تشير لمتوسط سعر 35 دولارا إلا أن مخاوف ارتفاع الأسعار لا تزال قائمة، وستؤثر على الموازنة المصرية بنحو 1.5 مليار جنيه لكل دولار ارتفاعا عن المتوقع.