قبل البترول.. الأمير فيصل يفكر في تصدير "الشمس" إلى إنجلترا
رأي محرج من الأمير في الشعب الإنجليزي.. و"طبق شوربة" يقع على حجر ابن عم الملك
على هامش المؤتمرات السياسية المصيرية في حياة الشعوب، قد تحدث بعض المواقف
الساخرة في حوار بين مسئول وآخر، بعيدا عن موضوع القضية الرئيسية.
شيء من هذا القبيل حدث في مؤتمر لندن عن القضية الفلسطينية، والذي عقد في
فبراير عام 1939، وعُرف بـ"مؤتمر الدائرة المستديرة",
في هذا المؤتمر سافرت عدة وفود عربية للتباحث في القضية، ومن بين الحاضرين
كان الأمير "فيصل" مندوبا عن المملكة السعودية، والذي تولى الحكم في
المملكة فيما بعد عام 1964.
حسب الكاتب السيد أبو النجا، في كتابه "سيد أبو النجا مع هؤلاء"، والصادر عن دار "أخبار اليوم"، 1985، فإنه
كان يتولى الترجمة في جلسة الافتتاح بين الأمير فيصل وبين أنتوني إيدن وزير
الخارجية البريطانية.
في البداية، يشير المؤلف إلى أن الأمير فيصل لم لكن يعرف آنذاك من اللغة الإنجليزية إلا جملتين فقط، هما Excuse me وكان يستخدمها إذا اعترض طريقه أحد, وعبارة Thank you حين يخلي له الشخص الطريق، لكنه يؤكد أن الأمير "كان إنسانا لبقا ودبلوماسيا بدويا".
ومما يرويه مترجم اللقاء أنه حين جلست الوفود إلى مائدة العشاء الذي أقامته
السعودية تكريما لأعضاء المؤتمر، قال الأمير فيصل لمستر "إيدن" إنه جاء
إلى إنجلترا عن طريق البحر، عبر مدينتي مرسيليا وباريس الفرنسيتين.
ويبدو أن "إيدن" انتهز الفرصة فسأل "فيصل" عن رأيه في
الشعبين الفرنسي والإنجليزي، فكان رد الأمير السعودي صريحا بحسب ما يرويه المؤلف
ومترجم الحوار.
يحكي السيد أبو النجا نصًا: "قال الأمير فيصل: في رأيي أن الشعب
الفرنسي يشبه قطيع الجديان، والجديان أذكياء ولكنها تقفز هنا وهناك فلا تتجمع وراء
الجدي الكبير. أما الإنجليز فهم كقطيع من الخراف أقل ذكاء من الجديان ولكنهم يسيرون
وراء الكبش الكبير فيكونون قوة يحسب حسابها".
واللافت للنظر أن وزير الخارجية البريطاني لم يبدِّ أي ضيق من الوصف الذي
استخدمه الأمير فيصل، بل ضحك، ثم سأله عن إمكانية التبادل التجاري بين إنجلترا والسعودية.
في تلك الفترة لم يكن البترول قد اُكتشف بعد وأحدث الطفرة الاقتصادية لدول
الخليج، وكانت الميزانية الحكومية السعودية مليونا واحدا من الجنيهات في السنة، بحسب
ما يشير إليه المؤلف.
رد الأمير فيصل على وزير الخارجية البريطاني قائلا: "حبذا لو أمكننا
أن نصدِّر لكم شيئا من الشمس ونستورد منكم شيئا من المطر".
في تلك الأثناء، وبينما يدور الكلام والابتسامات بين "فيصل"
و"إيدن"، كان الجرسونات بدأوا في توزيع أطياف الشوربة على الضيوف الجالسين
على المائدة، فتعثر أحدهم في السجادة ووقع منه الإناء على حجر ابن عم ملك إنجلترا،
الذي كان على رأس الحاضرين.
أزعج الموقف الأمير فيصل، لكن ابن عم ملك إنجلترا لم يظهر أي ردة فعل، ولم
يتحرك من مكانه وكأن شيئا لم يحدث.