التحركات السرية لشفيق بين أبوظبي والقاهرة: حسابات المكسب والخسارة في رحلة الترشح للرئاسة
وصل الفريق أحمد شفيق، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، إلى مطار القاهرة الدولي قادما من الإمارات، مساء السبت، لينتقل على الفور إلى أحد فنادق العاصمة، لحين تجهيز منزله في منطقة التجمع الخامس، بعدما صدر القرار المفاجئ للسلطات الإماراتية بترحيله إلى مصر، حسبما كشفت دينا عدلي حسين، محامية الفريق، في تصريحات صحفية أثارت الكثير من الجدل.
وسافر المرشح الرئاسي الأسبق، أحمد شفيق، إلى الإمارات منذ 5 سنوات، فور إقراره بخسارة الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس المعزول محمد مرسي في عام 2012، ليعود إلى بؤرة الضوء مجددا، الجمعة الماضي، بالإعلان رسميا عن اعتزامه الترشح في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وأنه سيعود إلى القاهرة بعد جولة أوروبية وأمريكية للقاء الجاليات المصرية.
وبقدر ما أثار إعلان شفيق جدلا في الأوساط السياسية والإعلامية، بقدر ما كانت الصدمة كبيرة عندما خرج عبر فضائية الجزيرة القطرية، متهما السلطات الإماراتية باحتجازه ومنعه من السفر، وطالبها بعدم التدخل في الشئون الداخلية لمصر، ما رد عليه وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش بالنفي، مستنكرا اتهامات شفيق، ووصفه بـ”نكران الجميل”.
قرار السلطات الإماراتية بإعادة شفيق إلى القاهرة، جاء على خلفية تمسكه بإعلان الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية، المقرر أن تجرى منتصف الصيف المقبل، من أراضيها، ما دفعها إلى محاولة إخلاء مسئوليتها عن التحركات السياسية للفريق، الذي كان يعتزم السفر إلى باريس للقاء ممثلي الجالية المصرية هناك، قبل أن ينطلق لعقد سلسلة من اللقاءات في عدد من الدول الأوروبية.
وضرب القرار الإماراتي لإعادة شفيق إلى القاهرة على متن طائرة خاصة، عصفورين بحجر واحد، فمن جهة نفت أبو ظبي عمليا مزاعم باحتجازها له، ومن جهة أخرى تخلصت من الحرج السياسي لإعلان شفيق اعتزامه الترشح للانتخابات من أراضيها.
مصادر مطلعة أكدت لموقع “الرئيس”، إن “القاهرة لم تتدخل فيما اتخذته الإمارات من إجراءات تجاه الفريق”، مضيفة “لم تطلب القاهرة من أبو ظبي منع شفيق من السفر أو حتى ترحيله”، كما نفت أن يكون تم التحفظ عليه من جانب أي جهة فور وصوله إلى مطار القاهرة الدولي، مبررة الانتشار الأمني الكثيف في صالة الوصول بـ”التأمين، وحرصا على سلامته الشخصية”.
وقالت مصادر قضائية إن “شفيق ليس مطلوبا على ذمة أي قضايا جنائية حاليا، وحتى القضايا المرفوعة ضده إبان فترة الرئيس الأسبق حسني مبارك، حصل فيها على براءة أو حفظ”، مشيرة إلى أن “المحكمة قررت حفظ الأوراق والتحقيقات الخاصة بأراضي جمعية الطيارين، وهي القضية الصادر بسببها قرار سابق بمنع شفيق من السفر، ووضعه على قوائم ترقب الوصول، وقتها، ولا توجد حاليا أي عوائق قانونية تمنع بناته من العودة إلى القاهرة، بعد رفع أسمائهن من قوائم ترقب الوصول ومنع من السفر”.
وشفيق والد لثلاث بنات هن شيرين، 38 سنة، ومي، 35 سنة، وأميرة، 33 سنة، ولديه 6 أحفاد، ويعيشون جميعا في منزل واحد، وحسب مصادر، “من المنتظر أن تشهد الساعات القليلة المقبلة عودة البنات الثلاثة إلى القاهرة، فور الانتهاء من تجهيز منزل الأسرة في منطقة التجمع الخامس”.
من جهتها، تحدثت أميرة، الابنة الوسطى للفريق، عن ظروف ترحيل والدها من الامارات، وربطته بإعلان والدها اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية، موضحة أن مسئولين إماراتيين جاءوا ليصطحبوا والدها من المنزل صباح السبت، ورحّلوه إلى القاهرة، فيما قالت مي لوكالة رويترز ‘ إحنا كنّا مسافرين، رايحين فرنسا وهم جاءوا هنا، ورحلوه بطائرة خاصة، قالوا إنهم سيرحلوه إلى مصر، مجرد أن رشح نفسه رحّلوه لمصر؟!!”.
وأشارت إلى أن والدها كان يستعد للسفر إلى أوروبا والولايات المتحدة للاجتماع بالجالية المصرية هناك، قبل أن يعود إلى مصر لبدء حملته الانتخابية، فيما نقلت “رويترز” عن مصادر إماراتية مسئولة قولها إن “عائلة شفيق ما زالت موجودة في الإمارات، وتحظى بالرعاية الكريمة للدولة”.
من جهته، قال هشام نجل شقيق الفريق أحمد شفيق، إن عددا من أفراد الأسرة منعوا من مقابلة شفيق عند توجههم إلى مطار القاهرة لاستقباله، مؤكدا أن شفيق لم يذهب إلى أي فندق، خلاف ما يتم ترويجه منذ وصوله إلى مطار القاهرة.
المفارقة أن محامية الفريق شفيق، دينا عدلي حسين، التي كانت أكثر أفراد طاقمه تواصلا، ودقة في المعلومات خلال فترة إقامته في الإمارات، أكدت انقطاع التواصل معه منذ عودته إلى مصر، وأنها لم تتلق أي اتصالات هاتفية من جانبه، عكس ما كان يحدث خلال الفترة الماضية، كما أكدت مصادر في حزب الحركة الوطنية المصرية، التابع لشفيق، في تصريحات لموقع “الرئيس” عدم التواصل مع الفريق منذ وصوله القاهرة، أو تحديد موعد للقاء قيادات الحزب.
فى الساعات القليلة الماضية، برز اسم عائلة المستشار الأسبق عدلى حسين، ومحافظ القليوبية الأسبق، مع دخول ابنته المحامية دينا للدفاع عن الفريق، وحسب تقارير صحفية فأن المستشار عدلى حسين وابنته سيكونان من أبرز العناصر فى الحملة الانتخابية للفريق.
وفي يوليو الماضي، صرح حسين بأن”الفريق أحمد شفيق لم يحسم أمر ترشحه، لكنه سيعود إلى مصر فى الأيام القليلة المقبلة”، ما يؤكد وجود اتصالات مع شفيق خلال الفترة الماضية.
وظهر في الصورة أيضا، هشام محمد شفيق، المحاسب في إحدى شركات البترول، ووالده هو محمد شفيق، الضابط السابق في سلاح المدفعية، قبل أن يتولى مناصب بحثية في عدة جامعات، ومدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، هو شقيق الفريق.
عقب إعلان الفريق أحمد شفيق اعتزامه الترشح رسميا لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة أصبح المشهد أكثر تعقيدا فى خريطة الأحزاب الداعمة للمرشحين، فشفيق هو رئيس حزب الحركة الوطنية، الذي قال نائبه اللواء رؤوف السيد في تصريحات خاصة لموقع “الرئيس” منذ قليل، إن الحزب لن يغير شيئا فى خطته، وسيعقد مؤتمرا في 23 ديسمبر المقبل، لإعلان دعم الفريق في انتخابات الرئاسة.
وبدأت التحرك السياسية لشفيق في أكتوبر الماضي، بالتواصل مع القوى المعارضة، وعدد ممن يطلق عليهم “شباب الثورة”، في محاولة للوصول إلى اتفاق بدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولم تقتصر هذه التحركات على الاتصال بقوى وشباب الثورة، إنما طالت عددًا من السياسيين والخبراء، ممن التقاهم في مقر إقامته بالإمارات، لإقناعهم بالانضمام إلى فريقه الانتخابي، فالرجل في إعلان أسماء فريقه الحكومي، مع قرار الترشح.
وقالت مصادر لموقع “الرئيس” إن جبهة ممدوح حمزة، الجاري تدشينها حاليا باسم “التضامن”، تشهد حالة من الانقسام حاليا نتيجة بعض المواقف داخلها المؤيدة لدعم شفيق، وبينها جورج أسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والقيادي السابق في حزب الدستور، وكذلك حازم عبدالعظيم، القيادي السابق في حملة الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئاسة عام 2014، والدكتور عبدالجليل مصطفى، القيادي السابق في جبهة الإنقاذ.
وشددت على أن الكتلة الداعمة لترشح شفيق داخل جبهة التضامن ترى أن الأفضل دعم مرشح محسوب على أجهزة الدولة، فى مواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع تقديم ضمانات من المرشح لفتح المجال العام، وغيرها من مطالب قوى المعارضة.
وأضافت أن الكتلة الرافضة لدعم شفيق داخل “المعارضة”، تضم المهندس محمد سامي، رئيس حزب تيار الكرامة، المشارك فى اجتماعات الجبهة، بالإضافة لحزبي التحالف الشعبي الاشتراكي، والدستور، فيما لم تعلن هذه الكتلة حتى الآن موقفها من دعم الناشط الحقوقي خالد علي، بعدما أعلن اعتزامه الترشح في انتخابات الرئاسة.
وقال محمد بسيوني، الأمين العام لحزب تيار الكرامة، إن الحزب بالإضافة لأحزاب التيار الديمقراطي حسمت موقفها قبل إعلان شفيق الترشح، ولن تغير هذا الموقف، وهو عدم دعمه فى انتخابات الرئاسة، مشددا على أن التيار الديمقراطي لن يدعم أي شخص محسوب على نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، أو الرئيس المعزول محمد مرسي.
ورجحت مصادر سياسية أن تؤيد أحزاب أخرى ترشح شفيق، وبينها حزب مصر العروبة، الذي يتزعمه الفريق سامى عنان، رئيس الأركان الأسبق، في حال عدم ترشح عنان في هذه الانتخابات.