"إنقاذ الاحتياطي".. تحويلات المصريين والصادرات تضرب السوق السوداء للدولار
خبراء يفسرون لغز ارتفاع التحويلات رغم أزمة كورونا.. وتوقعات بتراجعها لـ 18 مليار بنهاية يونيو
تخيم حالة من الترقب الحذر على الأوساط الاقتصادية العالمية والمحلية، وسط التطورات المتسارعة لأزمة تفشى فيروس كورونا المستجد، والتى تضرب 128 دولة على مستوى العالم منذ مطلع العام الجارى.
وإزاء تلك التطورات تحتل حركة النقد الأجنبى أولوية اهتمامات الحكومة المصرية، على خلفية إعلان البنك المركزى مؤخرًا انخفاض الاحتياطى من العملة الصعبة لأول مرة منذ ديسمبر 2018 ليسجل 40 مليار دولار بنهاية مارس 2020 مقابل نحو 45.5 مليار دولار فى فبراير السابق عليه، لكن قبل ساعات فاجئ المركزى الجميع بإعلان ارتفاع حجم تحويلات المصريين بالخارج كما سجلت الصادرات المصرية للخارج تحسنًا خلال الربع الأول من عام 2020.
حجم تحويلات المصريين بالخارج سجلت ارتفاعًا يفوق المستويات خلال أول شهرين
وتعليقًا على ذلك، قال الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت ارتفاعًا يفوق المستويات المعتادة خلال أول شهرين من العام الحالى 2020، بنسبة تخطت الـ 30% بسبب توتر الأوضاع الاقتصادية عالميًا جراء تداعيات أزمة كورونا، وبخاصة فى البلدان العربية والأوروبية التى تشكل نقاط ارتكاز للعمالة المصرية بالخارج، وهو ما دفعهم لمضاعفة تحويلاتهم من النقد الأجنبى إلى مصر لتأمين مصدر دخل يكفى خلال الفترة المقبلة مع توقف العمل بعدد كبير من القطاعات.
تحويلات المصريين ستشهد تراجعًا بنسب كبيرة خلال الربع الرابع والأخير من العام المالى الحالى
وأوضح الخبير الاقتصادى، فى تصريحات خاصة، أن الارتفاع الأخير تركز بشهرى يناير وفبراير من عام 2020 أى مع بداية الأزمة قبل تفاقهما ابتداءً من شهر مارس الماضى، متوقعًا أن تشهد تحويلات المصريين تراجعًا بنسب كبيرة خلال الربع الرابع والأخير من العام المالى الحالى فى حدود40-50% لتنخفض من 22 مليار دولار لـ 18 مليار دولار، تأثرًا بعودة عدد كبير من العمالة المصرية بالخارج إلى أرض الوطن وتوقف الأنشطة الاقتصادية بمختلف دول العالم وبالتالى تجميد صرف رواتب موظفيها وهو ما سينعكس حتمًا على حجم التحويلات المتدفقة لمصر.
وأشار إلى أن توقيت إعلان البنك المركزى ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج لـ 1.3 مليار دولار، تعد رسالة طمأنه للجميع بشأن تدفقات العملة الأجنبية لمصر، وتدعيم لقيمة الجنيه المصرى أمام الضغوط على الدولار وسلة العملات الأجنبية، والتصدى لمحاولة خلق سوق سوداء للعملة.
أما على صعيد الصادرات، أظهرت أحدث البيانات الرسمية، ارتفاع فى صادرات مصر لمختلف دول العالم خلال الربع الأول من عام 2020 من يناير وحتى مارس تزامنًا مع تزايد حدة أزمة كورونا عالميًا، إذ سجلت الصادرات غير البترولية 6 مليار و728 مليون دولار مقارنة بــ 6 مليار و580 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2019 بزيادة 2%.
بينما شهدت الواردات تراجعاً كبيراً بنسبة 24% حيث سجلت 13 مليار و814 مليون دولار، مقابل 18 مليار و233 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى بقيمة انخفاض قدرها 4 مليار و419 مليون دولار، لينخفض بذلك العجز في الميزان التجاري بنسبة 39% عن نفس الفترة من العام الماضى.
مؤشر جيد على أداء الاقتصاد المصرى
وفى هذا الصدد، تقول الدكتورة هدى الملاح مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن ما حققته مصر من زيادة فى حجم الصادرات لدول العالم خلال الربع الأول من العام الحالى حتى وإن كانت طفيفه، إلا أنها تعد مؤشر جيد على أداء الاقتصاد المصرى، وتجاوز أزمة كورونا بأقل الخسائر الممكنة، بل وتحقيق بعض المكاسب الناجمة عن توقف عجلة الإنتاج بعدد كبير من الدول وإغلاق الحدود فى وجه التجارة العالمية لاحتواء أزمة الوباء العالمي.
وأكدت الملاح، فى تصريحات خاصة، أن مصر أمام فرصة جيدة لاستغلال الأزمة لصالحها من خلال التركيز على إحلال المنتجات المحلية محل الواردات المستوردة، والحد من استيراد السلع الوسيطة الداخلة في الإنتاج وتصنيعها محليًا مع استغلال المواد الخام بشكل أمثل لتحقيق قيمة مضافة للصادرات المصرية، مع إعطاء دفعة للقطاع الزراعى وتقديم كافة أوجه الدعم للمزارعين سواء فيما يتخص أسعار الأسمدة والكيماويات ومستلزمات الإنتاج الزراعي.