لغز التضخم.. أسعار السلع تتحدى كورونا وتهزم التوقعات المتشائمة
بين طلب متزايد على السلع وانكماش المعروض منها على مستوى العالم ككل تزامنًا مع تداعيات انتشار فيروس كورنا المستجد، سجل التضخم الشهري في مصر معدلات أقل من المتوقع بنسبة زيادة بلغت 0.6% بنهاية شهر مارس الماضى، ليحافظ بذلك على خفض معدل الزيادة في مستويات أسعار مختلف السلع دون الـ 1% طوال الـ 15 شهر الماضى.
وجاء إعلان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع المعدل التضخم الشهرى فى حدود 0.6% لشهر مارس مخالفًا لتوقعات المحللين الإقتصاديين التى رجحت أن تتخطى الزيادة حاجز الـ 1% بعد أشهر طويلة من الثبات النسبى فى معدل الزيادة، استنادًا إلى ما شهده السوق المصرى من ضغوط شرائية كبيرة تزامنًا مع اتخاذ الحكومة عدة إجراءات احترازية للحد من انتشار فيروس كورونا.
بدوره، أرجع جهاز الإحصاء، الزيادة الأخيرة فى مستويات الأسعار إلى ارتفاع أسعار كلًا من مجموعة الفاكهة بنسبة 3.7%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 2.4%، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.6%، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 0.5%، مجموعة الدخان بنسبة 5.4%، مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 0.6%، مجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة 0.7%.
وأكد خالد السيد مدير عام إدارة الأرقام القياسية والإحصاءات المالية والأسعار بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن الزيادة فى مستويات الأسعار مؤخرًا ليست مقلقه، وإنما تعطى مؤشرًا لحدوث حالة من إثنين إما زيادة المعروض من السلع عن طريق المنافذ المختلفة ما ساهم فى امتصاص أثر استغلال التجار الأزمة لرفع الأسعار وبالتالى تقليص نسبة الزيادة بمعدل التضخم أو حدوث حالة ركود فى الأسواق وعزوف عن الشراء بسبب ضعف القوة الشرائية لقطاع من المصريين الذين تصررت أعمالهم بسبب تداعيات وباء كورونا.
وأوضح الدكتور شريف الدمراداش الخبير الاقتصادى واستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن معدل التضخم هو متوسط مرجح لوزن نسبى للسلع عمومًا وليس السلع الاستهلاكية أو الغذائية أو المنتجات الطبية تحديدًا، ولا يصف الحالة الدقيقة لوضع العرض والطلب لقطاع معين، مضيفًا هناك السلع الغذائية سجلت أعلى زيادة في الأسعار بين سلة السلع ككل نتيجة الخلل فى العرض والطلب فى ظل أوضاع غير عادية تكالب خلال المواطنين على الشراء بكميات كبيرة.
ولفت الخبير الاقتصادى، فى تصريحات خاصة، إلى أن ضعف القوة الشرائية لدى قطاع عريض من المصريين تأثرًا بتداعيات كورونا ساهم فى تحجيم فرص زيادة معدل التضخم عما هو معلن، بينما أقبلت فئة من المواطنين المقتدرين ماليًا لا تتعدى نسبتهم 20 % على تخزين كميات كبيرة من السلع بشكل غير مسبوق تحسبًا لفرض حظر التجوال وخوفًا من نفاذ السلع وهو ما تسبب فى تحريك مستويات الأسعار فى حدود 0.6%.
وأضاف "الدمرداش"، أن قرارات البنك المركزى لعبت دور أيضًا فى امتصاص السيلولة فى السوق المصرى فى محاولة منه لتحجيم الزيادة فى معدلات التضخم، وتجنب انهيار سعر الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية خاصة فى ظل اتجاه البعض لشرء الدولار واستخدام كمخزن للقيمة، مشددًا على ضرورة العمل على ترشيد الإنفاق وإحكام الرقابة على الأسواق وإحالة المتورطين فى جرائم التلاعب فى الاسعار وتخزينها أمام القضاء العسكرى وتغليظ العقوبات ضدهم للسيطرة على موجة الغلاء.