كيف تحول محمد رمضان إلى نجم قومي بتعليمات من السيسي؟
من “عبده موته” و”الألماني” و”الأسطورة”، إلى مجند يظهر بالزي العسكري المميز لفرقة الصاعقة، هكذا تحول الفنان محمد رمضان إلى نجم قومي، وتحولت نوعية أفلامه من أفلام البلطجة والعشوائيات، إلى أخرى هادفة، عما تمر به مصر من استقطاب على يد أصحاب الفكر المتطرف، كما في فيلم “جواب اعتقال”، أو تقدم رسالة سياسية مثل فيلم “الكنز”.
التحولات التى يمر بها النجم الشاب، ليست عشوائية، لكنها تأتي وفق توجهات سياسية من الرئيس عبد الفتاح السيسى شخصيا.
البداية كانت فى كلمة السيسى، خلال افتتاح المرحلة الأولى من مدينة الأسمرات، ديسمير 2016، حيث انتقد الرئيس وقتها إنتاج أفلاما سينمائية تشوه سكان العشوائيات، مؤكدا أن سكانها يتمتعون بالطيبة والتدين والأخلاق، وليسوا بالصورة التي تصورها مثل هذه الأفلام وتحاول تصديرها للخارج.
وقال السيسي “لا يصح تصدير صورة سلبية عن سكان تلك المناطق”، مضيفا أن هذه الأفلام تروج إدعاءات غير صحيحة عن سكان هذه المناطق باعتبارهم مختلفون عن أهل مصر، وتبرز صورا سلبية عنهم رغم أن لديهم تقاليد وقيم جيدة، مشددا على ضرورة تناول إيجابياتهم لا سلبياتهم لرفع الروح المعنوية لديهم.
وأعلن السيسي بلهجة حاسمة قائلا: «لن نسمح بمثل هذا الأمر مرة أخرى، ولا يمكن خروج صور غير حقيقية عن سكان هذه المناطق، فهذا لا يليق، لأنه يتعمد إظهار مصر بصورة غير طيبة، وتجعل البعض يعايرنا بالفقر، وهذا لن أصمت تجاهه».
وفى يناير 2017 التحق محمد رمضان، بالجيش لأداء الخدمة العسكرية، وبدأ بالفعل فى أداء خدمته بمركز تدريب الصاعقة، حيث التزم في تدريب مدته 45 يوما، بعدها بدأ خدمته، التي تستغرق عامين كاملين، باعتباره حاصل على ثانوية عامة، ولم يكمل تعليمه الجامعى.
المؤكد أن رمضان حصل على دورة فى الأمن القومى، حول خطورة ما يقدمه فى أفلامه من نماذج تؤثر على عقول الشباب، وتهدد الهوية المصرية، وتروج لشخصيات تفسد المجتمع.
مع انضمام رمضان للجيش تم وضع خطة كاملة لاستثمار شعبيته فى خدمة أهداف قومية، فتم إنتاج فيلم “حراس الوطن”، الذي يتناول تفاصيل الحياة اليومية لمجندي الصاعقة، ويشارك فيه الممثل الشاب في دور مجند بسلاح الصاعقة.
ويتضمن الفيلم، رصدا ليوم مجند الصاعقة منذ استيقاظه من النوم، مرورا بالجوانب الإنسانية والعلاقات الشخصية بين المجندين وبعضهم، وكذلك التدريبات القاسية التي يتلقونها، وعملية تهيئتهم للدخول في ميادين المعارك.
وقبلها شارك رمضان فى حملة «اختار حياتك»، التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى، والحملة القومية لمكافحة الإدمان، تحت شعار «أنا أقوى من المخدرات»، كما شارك فى حملة جمع التبرعات لمستشفى 57357 مرتديا الزى العسكرى.
الرئيس السيسى يقدر أهمية القوى الناعمة، وعلى رأسها سلاح الفن، وهو ما عبر عنه خلال أحد اللقاءات التي عقدها مع الأدباء والمثقفين، حيث طالبهم بتقديم مبادرات فكرية وثقافية لبناء المجتمع، مؤكدا استعداده لتبنى ورعاية أي مقترحات بناءة.
كما طلب من الكاتب وحيد حامد جمع ٣٠ سيناريو لمسلسلات وأفلام هادفة، وأكد له أن الدولة ستشرف عليها وتنتجها، لإعادة القوة الناعمة لمصر، ووعد بتخصيص ميزانية مفتوحة من أجل دعم الإنتاج الثقافى، بهدف عودة الريادة إلى البلد العربي الأهم.
منذ خمسينيات القرن الماضي والقوى الناعمة تلعب دورا كبير في ترجيح كفة مصر، لدى الشعوب الأخرى، حتى أن الرئيس جمال عبدالناصر فوجئ، عندما كان يسير في موكبا برفقة الملك محمد الخامس ملك المغرب، في العاصمة الرباط، خلال يناير 1961، بأحد الأشخاص يخترق الحشود الهائلة وينادي عليه بأعلى صوته، وعندما توقف ناصر، اقترب منه الرجل وسأله: “متى ستعود إلى القاهرة؟”.
استغرب الرئيس المصري من السؤال لكنه أجاب عليه “ربما بعد غد إن شاء الله”، فقال له الرجل «يا سيادة الرئيس بعد أن تعود إلى القاهرة إذا استطعت مشاهدة إسماعيل ياسين، سلم لى عليه»، فهز عبدالناصر رأسه موافقا، ثم دخل هو والملك في نوبة ضحك.
كان ناصر على يقين بأن قوة مصر لا تكمن فقط في سياستها تجاه أشقائها والدول الأخرى، لكنها تعتمد أيضا على القوى الناعمة- أدب وسينما وغناء وموسيقى- التي تخترق قلوب الشعوب، وقد كشفت عائلة إسماعيل ياسين مؤخرا، أن سلسلة أفلامه عن الجيش كانت بتوجيهات مباشرة من الرئيس الأسبق.
وذكر الفنان الكبير فريد شوقي في مذكراته، أن عبدالناصر استدعاه عام 1957، وطلب منه، إنتاج عمل يروي قصة العدوان الثلاثي، وتأثيرها على منطقة بورسعيد، ويرصد جهود المقاومة الشعبية هناك، قائلا له “نريد تقديم رسالة نكسب بها الرأي العام العالمي ضد قوى الاستعمار”، وأعطى ناصر تعليماته للمشير عبدالحكيم عامر وزير الدفاع وقتها، بأن يسهل لـشوقى وزملاءه في الفيلم، العمل تحت القصف.
وفي إحدى زيارات الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي إلى القاهرة، اشتكى لنظيره حسني مبارك من أن التونسيين لا يشاهدون نشرة أخبار تلفزيون تونس، فسأله مبارك عن السبب، وفوجئ بالإجابة، فقد كانت “النشرة تذاع في ذات الوقت الذي يذاع فيه أحد المسلسلات المصرية”.
هنا أعطى الرئيس المصرى أوامره لوزير الإعلام بمد الرئيس التونسى، بعدد من أشهر أعمال الدراما المصرية، مثل “ليالى الحلمية”، و”الشهد والدموع”، و”رأفت الهجان”.