في ذكرى مذبحة القلعة.. كيف تأثر المصريون بأكبر عملية اغتيال سياسي؟
في الأول من مارس عام ١٨١١، وقعت واحدة من أشهر وأعنف الحوادث في تاريخ مصر الحديثة، عندما دبر محمد علي باشا فخًّا دمويا لخصومه من المماليك عُرف في التاريخ باسم "مذبحة القلعة".
المذبحة التي يعتبرها مؤرخون عملية اغتيال سياسي ضخمة قتل فيها أكثر من ٥٠٠ من رجال المماليك، عقب حفل عسكري أقامه محمد علي في القلعة بمناسبة تنصيب ابنه طوسون قائدا للحملة العسكرية على الوهابيين في الجزيرة العربية.
وتتباين الآراء السياسية والتاريخية بالنسبة الواقعة، فمن ناحية يراها البعض ضرورة لانفراد محمد علي بالحكم تمهيدا لتأسيس مصر الحديثة، فيما يرفضها آخرون أخلاقيا معتبرين أنها وصمة عار في تاريخ الرجل.
أحد المؤرخين الذين تعرضوا لموضوع مذبحة القلعة كان المؤرخ المصري الراحل عبد الرحمن الرافعي، والذي تحدث عنها في كتابه "عصر محمد علي".
في البداية يرى الرافعي أن الحادثة كان لها ضرر غير مباشر على الشعب المصري. يقول: "إن الفتك بالمماليك على هذه الصورة الرهيبة كان له أثر عميق في حالة الشعب النفسية، لأن مذبحة القلعة أدخلت الرعب في قلوب الناس".
ويضيف: "هذه الحادثة وقعت في الوقت الذي كانت فيه النفوس قد تطلعت إلى مراقبة ولاة الأمور ودبت فيها روح الحياة والديمقراطية"، مشيرا إلى أن الحادثة قضت على هذه الروح لزمن طويل.
ويتابع الرافعي أنه لم يبد من الشعب في خلال السبع والثلاثين سنة التي قضاها في الحكم بعد تلك الحادثة روح معارضة أو محاسبة أو انتقاد.
ويورد المؤرخ الراحل رأيين في الحادثة من شخصين عاصروها الأول مؤيد والثاني معارض لها، فيقول على لسان مانجان باشا صديق محمد علي الذي يعتبر المذبحة من بعض النواحي خيرا لمصر، لأن بقاء المماليك كان سيفضي إلى حرب أضر على البلاد من الإيقاع بهم، بالإضافة إلى اضطرار الوالي للدفاع عن سلامته الشخصية من أخطارهم.
أما الشخصية المعترضة على مذبحة القلعة فهو المسيو جومار مدير أول بعثة مدرسية مصرية في فرنسا، والذي يقول: "لو أمكن محو تلك الصحيفة الدموية من تاريخ مصر لما صار محمد على هدفا لأحكام التاريخ القاسية".