جولة جديدة من المواجهة بين أردوغان وماكرون.. فرنسا تشدد القيود على الأئمة الأجانب
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن إجراءات لإنهاء برنامج كان يسمح للدول الأجنبية بإرسال أئمة ومعلمين إلى فرنسا في محاولة للقضاء على ما وصفه بخطر "الانفصالية".
وخلال زيارة إلى مدينة
مولهاوس بشرق فرنسا، قال ماكرون إن الحكومة سعت لمحاربة "التدخل
الأجنبي" في كيفية ممارسة شعائر الإسلام وطريقة تنظيم مؤسساته الدينية. وأضاف
"تنشأ مشكلة عندما يريد البعض باسم الدين أن يفصلوا أنفسهم عن الجمهورية
وبالتالي لا يحترمون قوانينها."
ويخطط ماكرون لإنهاء
برنامج تم إنشاؤه عام 1977 والذي سمح لتسع دول بإرسال أئمة ومعلمين إلى فرنسا
لتوفير دروس في اللغة والثقافة الأجنبية لا تخضع لأي إشراف من قبل السلطات
الفرنسية. وشاركت أربع دول ذات أغلبية إسلامية - الجزائر وتونس والمغرب وتركيا -
في البرنامج، الذي يصل المنضمون إليه إلى حوالي 80,000 طالب كل عام. وقال ماكرون
إنه تم إرسال حوالي 300 إمام إلى فرنسا كل عام من قبل هذه الدول، وسيكون أولئك
الذين وصلوا في عام 2020 الدفعة الأخيرة.
وطالبت الحكومة
الفرنسية المجلس الإسلامي الفرنسي (CFCM)، الهيئة الممثلة للإسلام في فرنسا، إيجاد حلول لتدريب الأئمة على
التراب الفرنسي بدلاً من ذلك والتأكد من أنهم يستطيعون التحدث بالفرنسية وعدم نشر
وجهات النظر الإسلامية الخلافية. وكانت هذه الإجراءات جزءًا من تدخل طال انتظاره
قبل أقل من شهر من الانتخابات البلدية في فرنسا. جاء خطاب ماكرون في نهاية زيارة
لمولهاوس، موطن جالية مسلمة كبيرة كانت محور حملة الحكومة الفرنسية ضد الإسلاميين.
وقال ماكرون إن
القواعد الجديدة تهدف إلى مواجهة التطرف في فرنسا من خلال منح الحكومة سلطة أكبر
على تعليم الأطفال وتمويل المساجد وتدريب الأئمة. وتابع في مؤتمر صحفي في مولهاوس
"هذه الإجراءات في غاية الأهمية لكبح النفوذ الأجنبي والتأكد من احترام
الجميع لقوانين الجمهورية"، وأكد: "لا يمكن القبول بتنفيذ قوانين تركية
بشأن فرنسا"، بدلاً من ذلك، سيتم استبدال إلغاء البرنامج الذي يمنح الدول حق
إرسال الأئمة والمدرسين إلى فرنسا باتفاقيات ثنائية لضمان سيطرة الدولة الفرنسية
على الدورات ومحتواها بدءًا من سبتمبر.
وقال ماكرون إن فرنسا
لديها اتفاقات مع عدد من الدول، من بينها الجزائر والمغرب وتونس. لكن تركيا هي
الدولة الوحيدة التي لم تتوصل فرنسا إلى اتفاق ثنائي معها. وقال: "يمكن
لتركيا اليوم أن تختار طريقنا هذا أم لا، لكنني لن أسمح لأي دولة أجنبية باغذية
طموحات انفصالية ثقافية أو دينية أو متعلقة بالهوية على حساب جمهوريتنا.. هذا
مستحيل".
وتدير تركيا شبكة
واسعة من المساجد داخل فرنسا تحت مظلة منظمة تعرف باسم "ديانات" وهي
مظلة قوية أو بمثابة مديرية للشؤون الدينية. في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، زادت
ميزانية ديانات بشكل كبير وسط انتقادات بأن أنقرة كانت تستخدم المنظمة كأداة من
أدوات السياسة الخارجية ومحاولة لتوسيع قوة تركيا الناعمة.
وسعت فرنسا منذ فترة
طويلة، حيث تستضيف أكبر جالية إسلامية في أوروبا تقدر بنحو 6 ملايين، أو 8 في
المئة من السكان، لاستيعاب مواطنيها المسلمين والمقيمين في بلد تمسّك بالعلمانية و
علمانية الدولة، وهو مبدأ قانوني أقرته في العام 1905 بفصل الكنيسة والدولة وفرض
حياد الدولة على الدين.
وتعرضت فرنسا لهجمات
كبرى من قبل متشددين إسلاميين في السنوات الأخيرة. أسفرت التفجيرات المنسقة
وعمليات إطلاق النار في نوفمبر 2015 في مسرح باتاكلان ومواقع أخرى حول باريس عن
مقتل 130 شخصًا - وهي أكثر الهجمات دموية في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.
كان معظم المهاجمين من الرعايا الفرنسيين أو البلجيكيين الذين سافروا إلى تركيا
ومن هناك إلى العراق وسوريا للانضمام إلى داعش.