«أوزير».. قصة عرّاب العلاقات السرية بين أردوغان وآل ثاني
كشف التحقيق الذي أجرته شبكة "نورديك مونيتور" التي يديرها الصحفي التركي المعارض "عبد الله بوزكيرت" أن سفير تركيا في قطر، وهو صديق الطفولة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان عاملًا رئيسيًا في متابعة العلاقات السرية بين أسرة الرئيس التركي وعائلة آل ثاني الحاكمة في الدوحة.
في عام 2017، عيّن الرئيس رجب طيب أردوغان صديقه المقرب وزميله "فكرت أوزير" سفيراً لدى قطر، الدولة الصغيرة التي أصبحت حليفًا وثيقًا وشريكًا استراتيجيًا لتركيا على مدار العقد الماضي. وتلقى أوزير تعليمه في مدرسة "الإمام الخطيب ليزيسي"، وهي مدرسة دينية عامة، وكان زميلاً لأردوغان في السبعينيات.
قدم أوزير، الذي عمل مسؤولًا إداريًا في وزارة الخارجية منذ عام 1979، خطاب اعتماده إلى الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني في 17 مارس 2017. ومنذ ذلك الحين، قام بتنسيق الاتصالات الرسمية والخاصة للرئيس أردوغان مع العائلة الحاكمة في قطر. وشارك في العلاقات بين المنظمات المثيرة للجدل ورجال الأعمال والجماعات الخيرية في تركيا ونظرائهم القطريين. ويعمل كمبعوث شخصي لأردوغان أكثر من كونه سفيرا يمثل مصالح الدولة التركية.
في الوقت الذي فصلت فيه وزارة الخارجية التركية دبلوماسييها المؤهلين دون إجراء تحقيق قضائي أو إداري في أعقاب محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، أصبح أوزير، المعروف باسم الدبلوماسي الأقل مهارة، أول مسؤول إداري في الخارجية التركية عرض عليه منصب سفير. وفقًا للتقاليد الدبلوماسية التركية، يقوم المسؤولون الإداريون بإدارة الممتلكات والمالية والموارد البشرية في السفارات ويعملون كموظفين قنصليين في بعض البعثات الدبلوماسية.
كجزء من مهمته السرية، أقام أوزير علاقات مع ممثلي جماعة الإخوان وعدة شخصيات متطرفة مقرها في قطر. بالإضافة إلى يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي لجماعة الإخوان، التقى السفير أوزير بالزعيم السابق لحماس، خالد مشعل، خلال فترة وجوده في الدوحة.
علاوة على ذلك، قدم السفير أوزير الدعم لمؤسسة تركيا لحقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية (IHH) من أجل الحفاظ على شراكتها مع قطر الخيرية. وتُعرف المؤسسة التركية بأنها أداة لوكالة الاستخبارات التركية MIT وتخضع للتحقيق من قبل الشرطة التركية. واتُهم بتهريب الأسلحة إلى الجهاديين المرتبطين بتنظيم القاعدة في سوريا وليبيا.
حققت الشرطة التركية في صلات المؤسسة التركية بمؤسسة قطر الخيرية، لكن الرئيس أردوغان أوقف القضية في عام 2014. وتم فصل ضباط الشرطة المشرفين على التحقيق في وقت لاحق وتم إيقاف التحقيق. قبل التحقيق في تركيا، كانت قطر الخيرية قد اتهمت بالفعل من قبل النيابة العامة الأمريكية بأنها بمثابة قناة مالية كبيرة لتمويل هجمات القاعدة ضد سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في عام 1998، ولوحظ بالحوار مع مقربين من زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن استخدام قطر الخيرية لتمويل أنشطة القاعدة في التسعينيات. علاوة على ذلك، ذكرت المخابرات الفرنسية في عام 2013 أن قطر الخيرية شاركت في تمويل مجموعة في مالي مرتبطة بتنظيم القاعدة. بالنظر إلى سجل الأحداث في كل من مؤسسة قطر الخيرية والمؤسسة التركية يبدو أن هناك تطابقًا مثاليًا حيث يمول كل منهما الجماعات المسلحة.
قبل تعيينه الأخير، تمت ترقية أوزير إلى القنصل التركي العام في مدينة جدة السعودية لاكتساب بعض الخبرة للخطوة التالية في الدوحة. وفقًا للتسجيلات التي تم التقاطها في عمليات التنصت على المكالمات الهاتفية للشرطة في عام 2013، أخبر وزير شئون الاتحاد الأوروبي آنذاك، إجمين بايس، رضا زارّار، وهو مصرفي عرف بتورطه في غسل الأموال لصالح إيران، بأن أوزير كان يعمل في بيع الجنسية التركية إلى الأفغان في المملكة العربية السعودية مقابل 100 ألف دولار خلال إقامته في جدة.
خلال زيارة أردوغان الأخيرة إلى الدوحة في نوفمبر 2019، وقع الجانبان سبعة اتفاقات تعاون واتفقوا على أن قطر ستساعد في تمويل عودة اللاجئين السوريين إلى "منطقة آمنة" تسيطر عليها تركيا في شمال سوريا.
وأقامت تركيا قاعدة عسكرية في قطر كجزء من اتفاق تم توقيعه في عام 2014، وفي عام 2015 أنشأت قطر وتركيا اللجنة الإستراتيجية العليا لتعزيز علاقاتهما. في هذا السياق، تم نشر أول قوات تركية في قطر في عام 2015. وطلبت قطر المساعدة الأمنية والعسكرية لتركيا بعد أن فرضت المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين مقاطعة في يونيو 2017. عززت تركيا وجودها في القاعدة، التي لديها القدرة على استيعاب 3000 جندي، في ديسمبر 2017.
يبلغ إجمالي استثمارات قطر في تركيا أكثر من 20 مليار دولار، وهو ثاني أعلى مستوى للاستثمار من قبل أي بلد في تركيا. في أغسطس 2018، تعهد الشيخ آل ثاني باستثمار 15 مليار دولار في تركيا، التي كانت تنهار مع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بسبب التوترات بين أنقرة وواشنطن. كما قدم أمير قطر طائرة بوينغ 747-8، التي تقدر قيمتها بنحو 400 مليون دولار، إلى الرئيس التركي كرمز لـ "حب ثاني الخاص لإردوغان"، وفقًا لما ذكرته هيئة الإذاعة التركية تي آر تي.