من العباسية إلى التجمع.. يوم لـ"الرئيس نيوز" في معرض الكتاب 2020
- الأجرة 10 جنيهات بالميكروباص.. والإقبال متوسط في اليوم السادس
- فرق غنائية صغيرة في شوارع المعرض.. مستوى نظافة عالٍّ.. وموسيقى عمر خيرت في القاعات
- الزحام في صالة 1 لكتب الهيئة.. ومستوى الأجنحة الرسمية تعبير عن الواقع
- دور النشر العربية في صالة 3.. والصغار أكثر زوار مكتبات الأطفال في "4"
وسط صخب ميدان العباسية، كان سائق ميكروباص الأجرة ينادي، ملاحقا المارة: "معرض؟ معرض"، وبعد نحو نصف ساعة اكتملت عربته، وتحرك.
14 فردا كانوا ذاهبين في ميكرباص مع سائق في منتصف العمر، إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس. لم يُبد هؤلاء ضيقا كبيرا بالأجرة التي بلغت 10 جنيهات، برغم زيادتها عن تسعيرة المواصلات الحكومية المخصصة لنقل الراغبين في زيارة المكان، والتي لم تكن متوفرة في الثانية ظهرا بالميدان.
يسيطر الشباب على مشهد الميكروباص، لكن الجميع كانوا حاضرين؛ بجوار السائق استقر شابان كانا يتحدثان معا طوال الطريق، وفي المقعد الأول من صالة العربة هناك اثنان مثلهما ورجل أربعيني. خلفهما فتاتان ثرثارتان، جامعيتان على الأرجح، بجوار رجل ملتحي كان يجلس لصق الباب في مواجهة "تباع" هادئ لمّ الأجرة بأدب جم وظل صامتا طوال الطريق. في الكرسي التالي، شابان، الاثنان ليسا من القاهرة، أحدهما من الدلتا والآخر من الصعيد، لكنهما يقيمان في العاصمة، وبجوارهما فتاة ثلاثينية هادئة.المقعد الخلفي كان "أسريا" بشكل ما، سيدتان خمسينيتان ودودتان للغاية، مع ثلاثة أطفال بين الثامنة والعاشرة.
بعد نصف ساعة بدأت بتكدس مروري مفاجئ، نزل الجميع أمام البوابة الرئيسة، وكان الجو مشمسا ودافئا رغم شتاء يناير. من النظرة الأولى تستطيع أن تقول إن الإقبال متوسط اليوم، إذ بدت هناك سيولة في حركة الدخول.
في الداخل، يليق المكان بمهرجان سنوي يتوافد عليه الآلاف يوميا. كثيرون أمام القاعات في انتظار البعض أو لأخذ استراحة قبل استكمال جولاتهم، بينما يبرز مشهد الأطفال كثيرا وقد أتوا مع أسرهم.
في باحات المعرض، ثمّة منصات صغيرة لفرق غنائية. في مواجهة "بلازا 1"، وهي صالة كبيرة للندوات تتوسط صالتي 1 و2، كان رجل يعزف الناي لمقطوعة جمع فيها عدة ألحان من أغاني مختلفة، يمكنك أن تميز منها "سيرة الحب" لأم كلثوم.
بعد خطوات، هناك منصة أخرى لفرقة متوسطة المستوى، يغني أحد أعضائها "يا بيوت السويس" لمحمد حمام، وعلى ناصية الطريق الذي يفصل بين صالات المعرض الخمسة، شاشة كبيرة مضيئة دائما تذيع أغنيات للفنان الإماراتي حسين الجسيمي عن مصر.
شوارع المعرض نظيفة، إذ ينتشر عمال النظافة في الأرجاء، كل بضع خطوات تجد أحدهم يلتقط ورقة ساعقة أو "عُقب" سيجارة.
على جانب صالة 2 ينفرد المكان بالمشهد الأكثر ازدحاما، حيث تتركز أغلب محال بيع المأكولات والمشروبات. على الرصيف في ذلك المكان فرصة للجلوس على إحدى الكافتريات.
تستحوذ صالة 1 على النصيب الأكبر ربما من الزوار. يفسر ذلك وجود أجنحة دور النشر الحكومية، وعلى رأسها الهيئة العامة للكتاب، التي لا تنطقع عنها الأرجل طوال اليوم، إذ تبيع بأسعار رخصية بالمقارنة بدور النشر الخاصة، وتكون ذورة الازدحام هناك في الصباح، للحاق بنسخة من طبعة الهيئة لموسوعة الدكتور جمال حمدان "شخصية مصر" التي تتوفر بمبلغ مناسب للغاية.
هذا الإقبال ينعكس تماما في أماكن كثيرة من صالة 3 على سبيل المثال، وخصوصا في الأجنحة الرسمية لبعض الدول، وغالبا ما تعبر الأجنحة عن المستوى الواقعي للبلدان، لا غرابة في أن نجد جناحا فخما لدولة خليجية ذات مستوى عال من الرفاهية، في مواجهة جناح صغير للغاية ومهمل بلا موظفين لدولة عربية أخرى تعاني من ويلات الحرب قبل سنوات.
في صالة 3، تتركز أغلب دور النشر العربية، أسماء كبيرة ولامعة في عالم النشر، لكن الأسعار مرتفعة، ربما لذلك لا يكون الإقبال شديدا، بخلاف المستوى الرفيع لمؤلفتاها، فهي إما متخصصة ونخبوية، وإما تتصدى لنشر أعمال كتاب ذوي قيمة كبيرة لكنهم ليسوا جماهيريين بالمعنى التقليدي.
في "البلازا"، سواء 1 أو 2، وهي الصالات المخصصة للندوات والروش الفنية والمهنية، يمكنك أن تختبر مدى أهمية هذا المكان الجديد لمعرض الكتاب في التجمع الخامس.
قاعات الندوات منظمة بشكل كبير، أمام كل واحدة لافتة تسهل عليك كثيرا.. "المقهى الثقافي"، "قاعة الشهر"، "كاتب وكتاب"، "البرنامج المهني".
كل هذا يقع في الطابق العلوي من القاعة، فوق ساحة كبيرة في وسطها سلمين كهربائيين ضيقين، واحد للصعود والآخر للنزول. وبإمكانك الخروج من "البلازا" على واحدة من الصالات المجاورة لها مباشرة، عبر أبواب جانبية مشتركة، دون الاضطرار إلى الخروج إلى الشارع ثم الدخول إلى الصالة من أبوابها الرئيسية.
وأنت في قاعات الندوات، سيكون هناك جوا من الصخب الهامس، أحاديث ودردشات في كل مكان، لكنها لن تمنعك من سماع موسيقى جذابة تغلف المكان، مثل مقطوعة "قضية عم أحمد" للموسيقار عمر خيرت، والتي كانت تلطف أجواء بلازا 1 كثيرا عصرا.
بعيدا عن كل هذا، تنفرد صالة 4 بنوع خاص من الزحام، إذ تتركز فيها أغلب المكتبات التي تبيع كتب ومجلات الأطفال. هناك ستجد نفسك محاصرا بزحام جميل من الصغار رفقة آبائهم.
يمكنك أيضا أن تمر في هذه الصالة على مكتبات سور الأزكبية، وتطالع كتبا نادرة وأخرى حديثة بأسعار مناسبة، تحت لافتات بأسماء أصحاب المكتبات.
عندما تحين الساعة السابعة مساء يكون عليك الإسراع في شراء ما تنوي شرائه سريعا، لا وقت للتجول الهادي الآن، فبعد نصف ساعة بالضبط يشدد أمن القاعات على حركة الدخول، إذ يبدأون في "إخلاء" المكان، لاسيما "البلازا" من السابعة والنصف.
أمام بوابات المعرض، في تمام الثامنة، كان من الصعب إيجاد "مواصلة" مناسبة للجميع. ثمّة طلاب أزهريون أجانب، من آسيا في الأغلب، وبعض الفتيات، وشباب مصريون يشكلون الغالبية. ورغم دقائق الانتظار، بدا الجميع لا يحمل همّا كبيرا للعودة، متأثرين بالأجواء الإيجابية للزيارة.