السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

أكاذيب أردوغان وأجداده مع ليبيا (3): كيف ساعد محمد علي الليبيين على مقاومة الأتراك؟

الرئيس نيوز


"إن نصرة أحفاد أجدادنا في شمال إفريقيا تأتي على رأس مهامنا".. هكذا زعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات أمام برلمان بلاده، قبل أيام، مطلقا أكاذيب جديدة اعتاد عليها هو وأجداده العثمانيون.
واللافت أن "وهم السلطنة" يختلط عند أردوغان بالحقائق، إذ يريد لي عنق التاريخ وما قاسته الشعوب بسبب أجداده ليخدم أطماعه الجديدة حاليا.
في السطور التالية، سنتعرض لمزاعم أردوغان عن تاريخ ليبيا، لنكشف أن ما حدث لم يكن "فتحا إسلاميا" كما يدعي، وإنما احتلال عثماني عسكري لـ"طرابلس" كما كانت ليبيا تسمى في ذلك العصر.
سنعتمد هنا على كتاب "تاريخ ليبيا.. من منتصف القرن السادس عشر حتى مطلع القرن العشرين"، للمؤرخ الروسي نيكولاي ايليتش بروشين، وترجمة الدكتور عماد حاتم.
بعد أن تحدثنا في الحلقة الأولى عن قصة دخول الأتراك ليبيا أو "طرابلس الغرب"، ثم تناولنا في الحلقة الثانية  أفعال هؤلاء الغزاة مع سكان البلد الأصليين، سنتحكي في السطور التالية عن تأثير حروب مصر بقيادة محمد علي ضد العثمانيين على مقاومة الليبيين للأتراك في ولاية طرابلس.
يقول المؤلف: "ساءت الأوضاع في الامبراطورية العثمانية نفسها إلى حد كبير. إذ كان محمد علي يطمح، بمؤازرة فرنسا، إلى وضع يديه على الأراضي العثمانية في الليبانتو والشمال الأفريقي".
إزاء ذلك – كما يحكي الكتاب - حاول الباب العالي سنة 1838 أن يضغط على فرنسا بإرسال أسطور حربي إلى تونس بقيادة طاهر باشا. إلا أن الفرنسيين علموا بالعملية المدبرة فما أن أطل الأسطول التركي على ميناء تونس حتى اكتشف أن أسطول الأميال لالاندي يترصده هناك.
فشلت العملية وعادت السفن التركية بجنودها نحو الشواطئ التركية، وفي بداية 1839 قرر العثمانيون استئناف العمليات العسكرية ضد محمد علي، فحشدوا الجيوش التركية عند حدود سوريا، وبدأت الحرب.
يستكمل المؤلف: "اصطدمت قوات الأتراك بالجيوش المصرية. وفي يونيو 1839 لحقت بالجيش العثماني هزيمة نكراء في المعركة التي دارت قرب نصيبين وبعد قليل من الزمن انضم الأسطول التركي إلى الباشا المصري".
كانت لهذه الأحداث التي كان يحركها محمد علي بقيادة عسكرية لنجله إبراهيم باشا، تأثير كبير على وضع العثمانيين في ولاية طرابلس، أو ليبيا.
كان عشقر باشا، نائب السلطان العثماني في ليبا، وصل إلى طرابلس في سبتمبر 1838، ولحقت به سفينتان حربيتان محملتان بالجنود والخيالة بالإضافة إلى الذخائر والمواد الحربية.
عندئذ وجه عشقر باشا القوات التي وصلته نحو برقة التي كانت بصفة كلية في أيدي القبائل غير الخاضعة ولم تكن تدفع الضرائب.
وسريعا، أخضعت القوات التركية سكان بنغازي ودرنة، ثم تم بعد ذلك بوقت قصير استدعاء غالبية القوات الموجودة في طرابلس الغرب إلى سوريا بمناسبة بدء العمليات القتالية هناك.
يقول المؤلف أنه نتيجة للوضع السيئ في الامبراطورية العثمانية حاول عشقر أن يطبق سياسة أكثر مرونة داخل الولاية. فاستأنف المفاوضات مع قائدي الثوار، غومة بن خليفة وعبد الجليل.
قدم الأتراك بقيادة عشقر تنازلات كبيرة أمام قادة الثورة في ليبا، "إذ كفّ عن مطالبتهما بدفع ضرائب السنوات السابقة".
ويختم المؤلف قائلا إن "هزائم الباب العالي أمام محمد علي كان ملهما لقادة القبائل في صراعهم ضد الأتراك"، مضيفا أنهم لم يمتنعوا عن دفع الإتاوات بل ورواحوا يوسعون تدريجيا من الأراضي التي كانت خاضعة خضوعا تاما لسيطرتهم.