السبت 12 أكتوبر 2024 الموافق 09 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تساؤلات حول توقف إصدار قانون العمل.. و"الخدمات النقابية" تستعرض ملاحظاتها

الرئيس نيوز


لم يزل مشروع قانون العمل عالقاً في مجلس النواب، بعد سحبه من اللجنة العامة على خلفية تصريحات الرئيس السيسي بشأن العمالة غير المنتظمة ودعوته إلى الاهتمام بهم.

وكان المشروع قد خرج من لجنة القوى العاملة بالبرلمان عام 2017، ولكن تم سحبه من اللجنة العامة لإجراء بعض التعديلات عليه وإدخال مواد تتعلق بالعمالة غير المنتظمة، وتم إرساله مرة أخرى للجنة العامة بعد إجراء التعديلات عليه، ومنذ ذلك ويقف القانون عند هذه النقطة منذ عدة أشهر، دون أسباب واضحة لتأخر إصداره كل هذه المدة.

ويرى صلاح الأنصاري القيادي العمالي، أن مشروع ذلك القانون استحضر في صياغته النهائية معظم نصوص قانون العمل الحالي حتى بدا مجرد تعديل لهذا القانون، فيما عدا تبويبه تبويباً جديداً، وإضافة الباب الثاني من الكتاب الثالث في شأن المحاكم العمالية المتخصصة.

وتسائل الأنصاري، عن أسباب إصدار مشروع قانون جديد للعمل، لم يستجب للأزمات والمشكلات التي عانى منها عالم العمل في واقعنا خلال السنوات الماضية، والتي نراها ويراها الكثيرون دليلاً كافياً على عطب القانون الحالي، والحاجة الملحة إلى تغييره، وأبقى على الغالبية العظمى من أحكام القانون الحالي كما هي.

ومن أبرز الملاحظات التي أبدتها دار الخدمات النقابية على الصياغة النهائية للمشروع:

ــ الأمان الوظيفي:

واحدة من أهم مثالب قانون العمل الحالي وربما كبرياتها، كانت نصوص المواد 104، 105، 106 وإجمالاً معالجة القانون للعقد محدد المدة، حيث أُطلق العنان دون كابح لعقود العمل المؤقتة التي قدمت الحكومة خلال العقد الأول من القرن المثل الأسوأ في استخدام العاملين بموجبها، ولم تعد من حاجة إلى التحايل على القانون بعد أن نزل القانون نفسه على مقتضيات هذا التحايل.

 

ــ انقضاء علاقة العمل

خلال السنوات السابقة عانى العمال من التناقض والالتباس بين أحكام الباب الخامس والباب السابع من قانون العمل الحالي، حيث تنص المادة 68 من القانون على أن يكون الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة للمحكمة العمالية، وتحدد المادة 69 على سبيل الحصر الحالات التىي لا يجوز فصل العامل في غيرها (الفصل الثانى من الباب الخامس)، بينما تنص المادة 110 (الباب السابع/ انقضاء علاقة العمل) على أنه "إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكلٍ من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابةً قبل الإنهاء، ولا يجوز لصاحب العمل أن ينهي هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة 69 من هذا القانون أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقاً لما تنص عليه اللوائح المعتمدة. كما يجب أن يستند العامل في الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بظروفه الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية"، ثم تتضمن المواد التالية لهذه المادة (111 إلى 118) الأحكام التى تنظم إخطار كل من صاحب العمل والعامل الطرف الآخر بإنهاء علاقة العمل، والنتيجة العملية لهذا الالتباس كانت تتبدى بوضوح أمام المحاكم العمالية، حيث يتمسك الطرف العمالي بمخالفة قرار فصل العامل لنصوص القانون (المادة 68/69) بينما يدفع صاحب العمل باستخدامه حقه في إنهاء علاقة العمل وفقاً لنص المادة 110 من القانون، وأحياناً تحكم المحكمة بمخالفة قرار الفصل للقانون، بينما يصدر الحكم أحياناً معتبراً الأمر إنهاء لعقد العمل من جانب صاحب العمل ولا يستحق العامل في هذه الحال أكثر من التعويض عن عدم الإخطار قبل الإنهاء (ما يعادل أجر شهرين أو ثلاثة أشهر في أفضل الأحوال)

وكان مفترضاً أو متوقعاً أن يعمد القانون الجديد إلى تجاوز هذا الالتباس الواضح المعيب في القانون الحالي، غير أننا فوجئنا بالمادتين 129، 130 وما يليهما من مواد مشروع القانون تماثل أحكامها تماماً أحكام المادة 110 (الحالية) وما يليها من قواعد تنظيم عملية الإنهاء والإخطار.

 

ــ الأجور

استحدث مشروع القانون في تعريف الأجر التفرقة بين الأجر الأساسي المنصوص عليه في عقد العمل، والأجر المتغير وهو باقي ما يحصل عليه العامل الذىي يبين بعض صوره، كما استحدث مشروع القانون المعدل من لجنة القوى العاملة تعريف الأجر الثابت باعتباره "الأجر الأساسي وملحقاته التى يتقاضاها العامل على وجه دائم وثابت لقاء عمله الأصلي فلا تدخل فيه ملحقات الأجر غير الدائمة التى ليس لها صفة الثبات ولا يستحقها العامل إلا بتحقق سببها".

 ويبدو واضحاً أن دواعي هذا التعريف المستحدث هي محاولة التصدي لتعقيدات الأوضاع الراهنة، وتعدد طرائق احتساب الأجر، غير أننا لا نرى في ذلك تقدماً يذكر في تعديل الأوضاع المعقدة وفوضى الأجور على الأرض، والتصدي للمشكلات الفعلية التي تؤدي إلى الكثير من منازعات العمل، وإن كنا نرى في هذا الصدد أيضاً أن يتضمن الباب الأول من الكتاب الأول (التعاريف) تعريف الحد الأدنى للأجور – باعتباره الحد الأدنى اللازم للوفاء بالاحتياجات الأساسية للعمال وعائلاتهم، وهو عام وملزم ولا يجوز تخفيضه أو النزول عنه، وأن يزاد سنوياً بما يعادل معدل التضخم، أو يقاربه.

 

كما أبقى المشروع في المادة 78 منه على المجلس القومي للأجور (الذي أصبح المجلس الأعلى للأجور) بذات التشكيل والاختصاصات الواردة في قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 (المادة 34)، محاولاً تلافي بعض المآخذ السابقة عليه، حيث يُشكل المجلس من عدد متساوي من ممثلي الأطراف الثلاثة (الحكومة، أصحاب العمل، العمال)، ويوجب انعقاد المجلس مرة على الأقل كل ثلاثة أشهر، غير أن ذلك فيما نظن لا يكفي لتجاوز الخبرة المريرة الماضية لتعطل هذه الآلية.

 

ــ العلاوة الدورية

نصت المادة 12 من مسودة مشروع القانون المقدم من الحكومة على أن "يستحق العاملون الذين تسري في شأنهم أحكام هذا القانون علاوة سنوية دورية في تاريخ استحقاقها لا تقل عن (7%) من الأجر التأميني، فيما تم استبدال الأجر الأساسي بالأجر التأميني في مسودة المشروع المعدل من لجنة القوى العاملة بالبرلمان.

وواقع الحال أن احتساب نسبة العلاوة الدورية من الأجر التأميني يضر ببعض قطاعات العاملين الذين يتجاوز أجرهم الأساسي أجرهم التأميني، فيما يضر احتسابها من الأجر الأساسي بقطاعات أخرى على الأخص العاملين صغار السن في شركات القطاع الخاص، وفى جميع الأحوال ينبغي من وجهة نظرنا أن تحتسب نسبة العلاوة الدورية من الأجر الفعلي الذى يحصل عليه العامل أي الأجر الشامل، أو بالأحرى الأجر كما يعرفه مشروع القانون "كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله".

 

ــ نصيب العمال في الأرباح

تنص المادة 42 من الدستور على أن "يكون للعاملين نصيب في إدارة المشروعات، وفي أرباحها، ويتلاحظ أن نصيب العمال في الأرباح كان أيضاً واحداً من أسباب منازعات العمل الجماعية على امتداد السنوات الماضية، ورغم أن بعض قوانين الشركات تحدد نسبة من صافي الأرباح للعاملين إلا أن قانون العمل ينبغى له أن يتصدى لتحديد طريقة احتساب الأرباح وآليات اقتضائها.

 

 ــ وكالات الاستخدام

عانى الكثير من العمال المصريين خلال السنوات الماضية من عمليات التشغيل "من الباطن" والتي امتدت من بعض القطاعات إلى غيرها حتى باتت ظاهرة شبه سائدة في قطاعات البترول والمرافق والمقاولات.

هذه العمليات كانت تتم تحايلاً على القانون الحالي الذي لم يتح ولا يتيح تكوين شركات لاستخدام العمال تقوم بتشغيل عمالها لدى شركات أخرى [مقاولي أنفار]، لذلك كانت هذه الشركات تسجل قانوناً باعتبارها شركات خدمات تتولى تقديم خدمات معينة لشركات أخرى [أمن / حراسة/ صيانة/ نظافة.. الخ ]، ولما كانت هذه الشركات تنشأ من باطن الشركات الأم فإن العلاقة بينهما تصاغ على الورق خلافاً للواقع، وفي كثير من الأحيان لا يتجاوز الأمر ترتيبات على الورق لا علاقة لها بالواقع، حيث أن جميع العمال يعملون لدى الشركة الأصلية بينما تقسم تبعيتهم القانونية [على الورق] بين شركتين أو ثلاث، يحدث ذلك بغرض التحايل على الحقوق المقررة للعاملين، والالتفاف عليها، وإهدار الحماية التى يسبغها القانون عليهم.

ونقترح إضافة مادة مستحدثة إلى مشروع القانون تسبق مباشرة المادة 76، تحدد الأعمال التي يجوز فيها لصاحب العمل أن يعهد إلى صاحب عمل آخر بتأديتها على ألا تكون من الأعمال أو الوظائف الأصلية التي تتصل بنشاط منشأته، وتشترط ألا تتجاوز نسبة العمال لدى صاحب العمل الآخر 10% من العمال لدى صاحب العمل الأصلي.

 

 ــ الأحكام العامة

تنص المادة (3) في مسودة المشروع المقدمة على "أن يعتبر هذا القانون هو القانون العام الذى يحكم علاقات العمل"وذلك- للتضييق من الحالات التى تخرج عن نطاق سريانه من ناحية، ولضرورة وجود نصوص عامة حاكمة لكافة علاقات العمل- ولو كان لها تشريع خاص- عند خلو هذا التشريع من تنظيم وقائع معينة-"...حيث يطابق نص المادة هنا الفقرة الأولى من المادة 3 من قانون العمل الحالى، ويؤكد مجدداً الاتجاه الذى برز عند إعداده إلى توحيد التشريعات العمالية حرصاً على استقرار علاقات العمل وتقريب مستويات العمل في القطاعات المختلفة.. إلا أنه ورغم أن القانون رقم 12 لسنة 2003 لم يستثنِ من نطاق سريانه سوى فئات ثلاث على سبيل الحصر- فئتي العاملين بالدولة بما في ذلك وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، وعمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم اللتان أبقى مشروع القانون على استثنائهما، وأفراد أسرة صاحب العمل الذين التفت عنهم المشروع - ظلت بعض وحدات القطاع العام غير خاضعة للقانون.. بل أن بعض شركات قطاع الأعمال العام ما برحت تجادل في مدى خضوعها لبعض أحكامه.

 

لابد من توحيد التشريعات التي يؤدى تعددها وتداخلها إلى إرباك المخاطبين بأحكامها، والمسئولين عن إنفاذها.

إعادة صياغة المادة 4 من مسودة مشروع القانون على النحو الذي يؤكد سريانه على كافة العاملين فيما عدا العاملين بأجهزة الدولة.

خضوع العاملين المدنيين بالدولة لأحكام قانون العمل في شأن تحديد الحد الأدنى للأجور والمجلس الأعلى للأجور، والأحكام العامة في شأن علاقات العمل الجماعية (الحوار الاجتماعي/ منازعات العمل الجماعية- الإضراب).. فضلاً عن السلامة والصحة المهنة وأحكام استخدام الأجانب، حيث يجدر بالذكر هنا أن قسم التشريع بمجلس الدولة قد رأى ضرورة تنظيم القانون للحق في الإضراب بالنسبة للموظفين العموميين في ظل خلو قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 من أية أحكام تتعلق بتنظيمه، حتى لا تكون الدولة أمام حالة فراغ تشريعي في هذه النقطة.

تطبيق القانون على عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، حيث لم يعد استبعادهم من نطاق سريانه أمراً مقبولاً بحال، فكيف يتفق في زماننا هذا أن نرفض اعتبار علاقة هؤلاء العمال بمن يعملون لديه علاقة عمل، وأن نص على اعتبارها علاقة تبعية شخصية يُطلق عليها "الصلة المباشرة بين هؤلاء العمال ومخدوميهم"!! كيف لهذا أن يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية.. بل مع الدستور المصري الذى ينص على أن "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها" (المادة 51) فضلاً عما يكفله من حقوق المساواة وعدم التمييز، وحماية حقوق العاملين.

 

ــ الرسوم والمصروفات القضائية

تيسيراً على العمال استحدث مشروع القانون حكماً بإعفائهم من اشتراط توقيع محام على صحيفة افتتاح الدعوى أو صحيفة الطلبات الموضوعية- وعمد في نفس الوقت إلى محاولة الاستجابة لحاجتهم إلى الدعم والمساندة القانونيين بما نصت عليه المادة 158 من إنشاء مكاتب للمساعدة القانونية العمالية في مقر كل محكمة ابتدائية وبكل مقر أخر تنعقد به المحكمة العمالية، غير أن مشروع القانون قد كف عن التصدي للمشكلة الأبرز التى يعانيها العمال في هذا الصدد منذ صدور قانون العمل الحالى رقم 12 لسنة 2003، وهى الحكم على العامل رافع الدعوى في حالة رفضها بالمصروفات القضائية.

لذلك لابد من تعديل نص المادة 8 من الأحكام العامة بإلغاء عبارة "ولها في حالة رفض الدعوى أن تحكم على رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها"

 

ــ العمالة غير المنتظمة

اكتفى مشروع القانون في شأن العمالة غير المنتظمة بالنص في المادة 31 منه على أن "تتولى الوزارة المختصة رسم سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة .....الخ"، وفى المادة 32 منه على أن "ينشأ صندوق لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، ويتبع الوزير المختص....."على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قراره بتشكيل مجلس إدارة الصندوق، ولائحة نظامه الأساسي، والرسوم المقررة ونظام تحصيلها من صاحب العمل الذي يستخدم عمالة غير منتظمة بما لا يقل عن 1%، ولا يزيد عن 3% مما تمثله الأجور من الأعمال المنفذة، بينما يصدر وزير القوى العاملة قراراً باللائحة المالية والإدارية للصندوق، ثم قامت لجنة القوى العاملة بالبرلمان بتعديل المادة حيث أضافت إليها الخدمات التى يقدمها الصندوق.

 

ويجدر بالذكر هنا أن الآلية التى ينص عليها المشروع لحماية وتشغيل العمالة غير المنتظمة هي ذاتها الآلية (الصندوق) التى نص عليها القانون الحالي، ولم تُجدِ نفعاً في توفير الحماية للعمالة غير المنتظمة، ولم تقدم لها شيئاً اللهم بعض الإعانات التى يتم صرفها في أضيق الحدود لعدد محدود جداً من العاملين منسوباً إلى الأعداد الواسعة منهم التى باتت تمثل نسبة لا يستهان بها على الإطلاق من العمال.

وبناءً عليه، نقترح تكوين هيئة [لجنة/ قطاع/..] بوزارة القوى العاملة يتبعها موظفين بمكاتب العمل، ويعهد إليها بهذه المهمة، مهمة تطوير آليات لقيد وتسجيل العمال غير المنتظمين [على سبيل المثال يلتزم صاحب العمل بإمساك دفاتر يومية يقيد بها العاملون، كما يلتزم بتقديم أسماء العمال المؤمن عليهم مع الاشتراكات التأمينية التى يقوم بسدادها].

 

ــ حق الإضراب

ينص مشروع القانون المقدم من الوزارة في الباب الأول من الكتاب الأول منه [التعاريف] على تعريف الإضراب السلمي عن العمل باعتباره "اتفاق جميع العمال، أو فريق منهم على التوقف عن أداء أعمالهم بمقر العمل للمطالبة بما يرونه محققاً لمصالحهم المهنية، بعد تعذر التسوية الودية في حدود الضوابط والإجراءات المقررة قانوناً".

وهذه هى المرة الأولى التى يتطرق فيها قانون العمل إلى تعريف الإضراب باعتباره أحد مفردات علاقات العمل وإن كنا نرى حذف عبارة "داخل العمل"، كما جاء بملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة -فقد يكون بعدم ذهاب العمال إلى عملهم، وينص القانون في المادة 200 منه على أن "للعمال حق الإضراب السلمي عن العمل للمطالبة بما يرونه محققاً لمصالحهم المهنية، وذلك بعد استنفاذ طرق التسوية الودية للمنازعات المنصوص عليها في هذا القانون، ويكون إعلانه وتنظيمه من خلال المنظمة النقابية المعنية، أو المفوض العمالى في حدود الضوابط والإجراءات المقررة في هذا القانون".

غير أن هناك ثمة قيود وشروط تعجيزية يضعها مشروع القانون للنكوص على ممارسة هذا الحق وذلك على النحو التالى:

فالمادة 203 من المشروع تحظر ممارسة الإضراب في "المنشآت الإستراتيجية أو الحيوية التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية التى تقدم للمواطنين، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد هذه المنشآت ".

وكان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1185 لسنة 2003 قد صدر تطبيقاً لنص المادة 194 من قانون العمل الحالى – المطابقة لهذه المادة- معتبراً من قبيل هذه المنشآت: منشآت الأمن القومي والإنتاج الحربي والمستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات، و المخابز، ووسائل النقل الجماعي للركاب (النقل البرى والبحري والجوى) ووسائل نقل البضائع، ومنشآت الدفاع المدنى، ومنشآت مياه الشرب والكهرباء والغاز والصرف الصحى، ومنشآت الاتصالات، ومنشآت الموانئ والمنائر والمطارات، فضلاً عن العاملين في المؤسسات التعليمية).

غير أن تقرير لجنة الخبراء بشأن تطبيق معايير واتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن الحالة المصرية قد تحفظ على "تقييد حق الإضراب في مؤسسات خدمية لا تعد أساسية وفقاً للتعريف الدقيق لهذا المصطلح".

كما تشترط المادة 201 أن يقوم العمال بإخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل وذلك بموجب كتاب مسجل وموصى عليه بعلم الوصول على أن يتضمن الإخطار فضلاً عن الأسباب الدافعة إليه وتاريخ بدايته ثم تاريخ نهايته أيضاً وهو اشتراط يعوزه المنطق السليم، حيث أن العمال لا يضربون بصورة مسرحية أو إعلامية وإنما لحين الاستجابة لمطالبهم وهم بالتالي لا يفترض علمهم المسبق بالمدى الزمني للإضراب.

وإن تَقدَم مشروع القانون خطوة على قانون العمل الحالى بحذف حظر الإضراب أثناء جميع إجراءات الوساطة والتحكيم [المادة 193 من القانون رقم 12 لسنة 2003]، فإنه يبقي على حظـــــر الدعوة إلى الإضراب أو إعلانه بقصد تعديل اتفاقية عمل جماعية أثناء مدة سريانها، متجاهلاً الأحوال والظروف التى قد تطرأ وتطرح الحاجة إلى إجراء هذا التعديل.

الأمر هنا أيضاً هو ما تنص عليه المادة 121 من مشروع القانون في البند 8 منها من أنه يجوز فصل العامل إذا لم يراعِ الضوابط الواردة في المواد من 200 إلى 202- الخاصة بالإضراب..حيث أنه: إذا كنا أمام ضوابط .. مجرد ضوابط لممارسة الحق المعترف به، والذي لا يجوز انتهاكه .. ألا يبدو تعسفاً وإجحافاً أن يترتب على مخالفتها جزاءً مغلظاً إلى هذا الحد.. الفصل .. الحرمان من فرصة العمل وكسب الرزق، وفقا للمنظمة.