الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد فؤاد يكتب: مبادرة الهبد الفاخر

الرئيس نيوز

قبل أيام قليلة ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات، بالتحضير لإطلاق مبادرة تنحاز للمواطن محدود الدخل وتعمل على تخفيف حدة الإصلاحات الاقتصادية عليه، من خلال صرف 1250 جنيها لكل مواطن مسجل في منظومة الدعم شهريا لمدة 6 أشهر كاملة.

بل تسابقت الصحف والقنوات وصفحات المسئولين في استعراض تفاصيل المبادرة والكشف عن بنودها وموعد الإطلاق الفعلي، وجرى الحديث عن أن الدولة سوف تطلقها في بداية العام كهدية للشعب يستهل بها 2020.

تلخصت المبادرة وفق كشفه المهندس حاتم عبد الغفار رئيس الغرفة التجارية بكفر الشيخ، في إضافة 1250 جنيه على بطاقات التموين لكل فرد بحد أقصى 5 أفراد موزعة على 6 شهور بداية من يناير 2020 حتى يوليو 2020.

وأوضح المسئول، في مداخلته بأحد البرامج، أن المبادرة ممولة من الغرف التجارية ضمن مبادرة الرئيس لخفض الأسعار "اشتري المصري"، حيث أن أصحاب البطاقات التموينية يمكنهم الشراء من المحال التجارية المشتركة في المبادرة، وهي 4500 فرع للمحال الكبرى، فضلا عن 525 فرع في قطاع الاعمال العام بإجمالي 5100 محل بكل المحافظات إضافة لـ 10000 موزع للشركات، كما سيوفر البنك المركزي الأجهزة الخاصة بكروت التمويل مثل كروت الائتمان.

الرجل يتحدث بشكل يوحي بأن الأمر حقيقة وهناك تنسيق مع الوزارات والبنك المركزي، وفروع بالمحافظات.. فمن أين جاء بهذه التفاصيل وما هو هدفه من هذا الأمر، خاصة أن الأمر اتضح لاحقا أنه فشنك لا أصل له ولا نية من أساسه للتطبيق، ولم يعتذر أو يصدر بيان توضيحي.

للأمانة استوقفتني تفاصيل المبادرة، فمصر لديها 70 مليون مواطن مسجل في منظومة التموين ويتلقى دعما، وفي حال حصل كل منهم على 1250 لمدة 6 أشهر، فسوف نكون أمام تكلفة تصل إلى 525 مليار جنيه.. فهل من المعقول أن دولتنا التي تعاني عجز في الموازنة تقدم على هذا الأمر!.

الصفحات والمواقع بات شغلها الشاغل الترويج للمبادرة وخرجت مصادر في اتحاد الغرف تتحدث عن بنود وتحضير فعلي للإطلاق، وفي قرارة نفسي أتساءل عن منطقية تنفيذ مثل هذا الأمر.

وفي ظل صمت الجهات الحكومية، عن ما يثار حول المبادرة، بادرت باستغلال أدواتي البرلمانية، في تقديم سؤال موجه للحكومة، لكشف النقاب عن مبادرة صرف 1250 جنيها على بطاقات التموين

تساءلت بشكل صريح عن مدى صحة المعلومات المتداولة بأن هناك مبلغاً سيتم اعتماده من السيد رئيس الجمهورية تبلغ قيمته من 70 لـ 80 مليار جنيه موزعة على 6 شهور ضمن هذه المبادرة، ومشاركة وزارات الدولة كقطاع الأعمال والتموين والمالية في تفعيل المبادرة ودعمها.

فحتى لأ أترك فرصة للمواطن في أن يتعلق بأحبال دائبة، حرصت على مواجهة الحكومة بشكل صريح حتى يتضح الأمر، ولا نترك فرصة لهذا الهبد الفظيع عن المبادرة والصاق اسم الرئيس بها، بما يسبب حرجا أو قد يتم أخذه على محمل "التلبيس".

وخلال لقائي بالسيد وزير المالية الدكتور محمد معيط، في اجتماع تنسيقي الأسبوع الماضي، تحدثت معه عن هذه المبادرة وحقيقتها ومصادر تمويلها، إلا أنه أكد عدم علمه أي شيء عنها، أي أنها لم تخرج عن نطاق الهبد.

لاحقا أكدت الغرف التجارية أن المبادرة شائعة، وكذلك أكدت وزارة التموين أنها لا تعلم شيئا عن المبادرة وبطاقاتها غير مؤهلة لتنفيذها من أصلها.

أجهزة الدولة لم تضع حدا لمثل هذا الأمر ولم تواجه انتشار الهبد حول المبادرة، وكذلك الإعلام لم يتدبر في التعامل مع المزاعم بل أنه ساهم في انتشار الشائعات.

الغريب أن أجهزة الدولة من مركز المعلومات وكذلك وزارة الدولة للإعلام، لم تكلف خاطرها وتتصدى لمثل هذه الأخبار المغلوطة، كما أن البرامج التي روجت للمبادرة لم تحاول لاحقا الاعتذار حتى لا تضلل المواطن.

لا يجب أن يمر الأمر مرور الكرام، فمن تحدث عن المبادرة وروج لها يجب مسائلته لأنه من ناحية عشم المواطن بأمر لن يحدث، وكذلك أحرج الدولة ومؤسساتها، وفتح بابا للتندر عليها.