قتل مع سليماني.. تعرّف على القيادي العراقي أبو المهدي المهندس
قبل أيام قليلة من اغتياله في غارة أمريكية
بطائرة بدون طيار، ألقى جمال جعفر محمد علي إبراهيمي - المعروف على نطاق واسع باسم
حجة الله أبو مهدي المهندس - كلمة أمام حشد من أنصاره في العراق.
وقال في أعقاب الضربات الأمريكية التي قتلت
أكثر من عشرين من أفراد الميليشيا: "يجب ألا يفكر السفير الأمريكي
والأمريكيون ووكالات استخباراتهم في أنهم يستطيعون الحفاظ على سيطرتهم على قواعدهم
في العراق وسوريا ولبنان"، وفقًا لتصريحاته التي نقلتها صحيفة الجارديان
البريطانية.
وتابع: "أقسم بالله، سنجعل أمريكا وكل
أصدقائها مختبئين في مكاتبهم". ومع ذلك، في غضون أيام، قتل المهندس في غارة
أمريكية إلى جانب الإيراني الذي كان يمثل مصالح طهران في العراق، قاسم سليماني.
جاءت هذه الخطوة من جانب واشنطن بعد أن حاصر أنصار ميليشيا كتائب حزب الله
العراقي، التي أسسها المهندس البالغ من العمر 66 عامًا، السفارة الأمريكية في
بغداد.
واسترعت مسيرة المهندس، مثل سليماني انتباه
الرأي العام، حيث اتخذ مسارًا مألوفًا من خلال السياسة الشيعية المتعرجة في
العراق، وخاصةً في الوقت الذي ظلت السياسة العراقية طواله تحت الوصاية المباشرة
لطهران، منذ الغزو الأنجلو أمريكي للعراق وسقوط الرئيس السابق صدام حسين.
وُلد المهندس في مدينة البصرة في جنوبً العراق
عام 1953، لأب عراقي وأم إيرانية، وانضم إلى حزب الدعوة الشيعي المعارض بينما كان
لا يزال طالبًا في المدرسة قبل أن يفر من العراق عام 1980، عام اندلاع الحرب
العراقية الإيرانية.
حكم عليه بالإعدام في الكويت لتورطه في هجمات
عام 1983 على السفارتين الأمريكية والفرنسية هناك، وانضم إلى المجلس الأعلى
الإسلامي العراقي ومقره إيران، وأصبح جنديًا في نخبة بدر من المنفيين العراقيين
الذين يقاتلون من أجل إيران، حيث عمل قائد حتى أواخر التسعينيات.
ومع العودة إلى العراق في عام 2003 بعد الغزو
الذي قادته الولايات المتحدة والذي أطاح بصدام حسين، سرعان ما أصبح المهندس واحداً
من الأشخاص الأساسيين في إيران، حيث قام بتنظيم الجهود الرامية إلى توسيع نفوذ
طهران في السنوات المضطربة التي أعقبت الغزو، وكما سعت إيران لمواجهة محاولات
واشنطن تشكيل العراق المستقبل، لفترة وجيزة كان أبو مهدي المهندس بمثابة النائب ومستشار
الأمن.
وقال فيليب سميث، الباحث الأمريكي المهتم
بالجماعات الشيعية المسلحة: "لقد كان المهندس دليلاً على كيفية قيام إيران
ببناء شبكتها من الوكلاء في العراق".
لكن الأنشطة الأخيرة هي التي سلطت الأضواء على
جهود المهندس ووكالته لإيران، وخاصة نيابة عن سليماني، الذي عمل مستشارًا له، في
مجال التقاطع مع السياسات الأمريكية.
كان له الفضل في كونه قائدا رئيسيا في
الميليشيات الشيعية، وقوات الحشد الشعبي، والتي اضطلعت بدور بارز في هزيمة داعش في
العراق. على الرغم من أنه كان يعمل تحت قيادة فالح الفياض، مستشار الأمن القومي
العراقي، إلا أنه كان معروفًا على نطاق واسع كالزعيم الحقيقي للحشد الشعبي.
وعلى نفس القدر من الأهمية، إن لم يكن أكثر،
كان تورطه في تأسيس وقيادة ميليشيا كتائب حزب الله العراقي، وهي جزء من الحشد.
وأدرجت واشنطن ميليشيا كتائب حزب الله العراقي
كجماعة إرهابية، فقد اعتبرتها فصيلًا متشددًا مؤيدًا لإيران يُلقى عليه اللوم في
استهداف القوات الأمريكية، حيث اتهم المهندس نفسه بإدارة "شبكات تهريب
الأسلحة والمشاركة في تفجيرات السفارات الغربية" ومحاولات "الاغتيالات
في المنطقة ".
في الواقع كان الهجوم الذي شنته كتائب حزب الله
وقتل متعاقدًا أمريكيًا أدى إلى تسلسل الأحداث التي أدت إلى غارات جوية أمريكية
على قواعدها في العراق وسوريا، والآن اغتيال المهندس وسليماني.
وقال مايكل نايتس، الخبير في معهد واشنطن، إنه
كان "أكثر المعارضين للولايات المتحدة"، مضيفًا أنه على الرغم من أن بعض
وحدات الحشد قد تم دمجها تحت القيادة العسكرية العراقية، إلا أن المهندس أبقى
الحشد الشعبي رهن إشارة من إصبعه.
وأضاف نايتس: "لقد عمل المهندس بجد لتطوير
الحشد إلى منظمة لا تخضع لقيادة رئيس وزراء العراق ولا تتبع قوات الأمن التقليدية".
السؤال الوحيد الآن هو من سيحل محل المهندس في العراق كممثل لمصالح طهران. وعلى الرغم من أنه قد يكون أحد ربيبي إيران الأكثر شهرة وفعالية في فيلق بدر الذين عادوا إلى العراق بعد عام 2003، إلا أنه لم يكن ربيبهم الوحيد.