العلاقات المصرية الألمانية.. تطورات جذرية منذ زيارة السيسى لبرلين فى 2015
شهدت العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا تطوراً جذرياً منذ زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الأولى إلى ألمانيا عام 2015.
واتسع نطاق التعاون الثنائى بشكل لا يقتصر على تعزيز الشراكات الاقتصادية والتنموية والعلمية والثقافية فحسب، بل امتد ليشمل قطاعات جديدة، مثل صناعة السيارات والطاقة وإدارة وتدوير المخلفات والتحول الرقمى والإنتاج الحيوانى، وذلك إلى جانب تكثيف التنسيق والمشاورات الدورية السياسية إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ويعد هذا التطور الذى تشهده العلاقات بين البلدين نتيجة مباشرة لتكثيف التشاور واللقاءات بين الرئيس السيسى والمستشارة الألمانية، خلال السنوات الأربع الأخيرة، وقام السيسى بأربع زيارات لألمانيا أعوام 2015 و2017 و2018 و2019.
كما قامت المستشارة "ميركل" بزيارتين إلى مصر الأولى فى مارس 2017 والثانية فى فبراير 2019، كما التقى الرئيس والمستشارة الألمانية مُؤخراً مرتين على هامش أعمال قمة العشرين فى اليابان، ولاحقاً فى فرنسا على هامش أعمال قمة السبع الصناعية.
وللمرة الأولى فى تاريخ العلاقات بين البلدين، يقوم رئيس الوزراء بزيارة ألمانيا مرتين فى مدة أقل من ستة أشهر، وذلك فى يناير 2019، ثم يونيو 2019 على رأس وفد كبير من الوزراء ورجال الأعمال.
كما قام وزير خارجية ألمانيا "هايكو ماس" بزيارة إلى القاهرة يومى 29 و30 أكتوبر 2019، حيث التقى برئيس الجمهورية، فضلاً عن إجراء مباحثات مع وزير الخارجية المصرى تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.
وقام وزير الخارجية المصرى بأربع زيارات ثنائية لبرلين "يناير 2016 - يناير 2017 - أغسطس 2017 - يوليو 2018"، حيث عقد خلال تلك الزيارات مقابلات مع وزير الخارجية الألمانى وعدد من وزراء الحكومة الألمانية وأعضاء البوندستاج ، كما شارك مرتين فى أعمال مؤتمر ميونخ للأمن.
وعلى صعيد التعاون السياحى، لازالت السياحة الألمانية إلى مصر تحتل المركز الأول من إجمالى السياحة الأجنبية الوافدة للبلاد وذلك للعام الرابع على التوالى، حيث وصل عدد السائحين الألمان الذين قاموا بزيارة مصر عام 2018 إلى نحو1.7 مليون سائح بما يتجاوز المستوى الذى تم تحقيقه خلال عام الذروة 2010 1.3 مليون سائح ألمانى، بما يعكس إدراك الجانب الألمانى للتقدم الذى أحرزته مصر على صعيد ترسيخ الأمن والاستقرار.
وفيما يتعلق بالتعاون الثقافى والآثار، قام وزير الآثار بزيارة إلى ألمانيا فى الفترة من 12 إلى 14 مايو 2019، تم خلالها مناقشة الإجراءات التنفيذية لتأثيث متحف "أخناتون" بالمنيا بعد موافقة البوندستاج على تقديم تمويل مبدئى بقيمة 2 مليون يورو خلال موازنة عام 2019 مع توفير تمويل إجمالى بقيمة 10 مليون يورو لإتمام عملية التأثيث خلال السنوات المقبلة.
وبناءً على جهود مكثفة من قبل السفارة فى برلين بالتنسيق مع الجهات الوطنية، قام وزير الخارجية الألمانى "هايكو ماس" خلال زيارته للقاهرة يومى 28 و29 أكتوبر 2019 بتسليم الكتاب الأثرى "أطلس رائف أفندى" لوزير الخارجية، بحضور وزيرة الثقافة، حيث كان قد تمت سرقة "الأطلس" من دار الكتب والوثائق القومية.
وفى مجال التعليم العالى والجامعة الألمانية التطبيقية الجديدة، قام وزير التعليم والبحث العلمى ، على هامش زيارة الرئيس السيسى لبرلين فى أكتوبر 2018، بتوقيع اتفاقية إنشاء الجامعة الألمانية الدولية GIU فى العاصمة الإدارية الجديدة كأول جامعة للعلوم التطبيقية فى مصر، بالاشتراك مع تحالف الجامعات التطبيقية الألمانية والجامعة الألمانية بالقاهرة، وقد بدأت الدراسة بالفعل فى مقر مؤقت لها بالجامعة الألمانية بالتجمع الخامس GUC.
وبالنسبة لعلاقات التعاون الاقتصادى والتجارى، ترتبط البلدان بلجنة اقتصادية مشتركة تعقد اجتماعاتها بشكل سنوى بالتناوب بين البلدين، وعُقدت الدورة الخامسة للجنة فى القاهرة من 2- 4 فبراير 2019 برئاسة وزير التجارة والصناعة ووزير الاقتصاد والطاقة الألمانى "بيتر التماير" الذى رافقه وفد رفيع المستوى من أعضاء البوندستاج الألمانى ورؤساء وممثلى كبريات الشركات الألمانية فى مختلف المجالات، وناقش الوفد فرص زيادة الاستثمارات الألمانية بمصر وتدشين استثمارات مشتركة مع الجانب المصرى، والتقى الوزير "ألتماير" خلال زيارته بالرئيس السيسى ورئيس مجلس الوزراء.
وتعد مصر ثالث أكبر شريك تجارى لألمانيا فى الشرق الأوسط، وسجل حجم التبادل التجارى بين البلدين فى 2017 أعلى مستوياته بقيمة 5,8 مليار يورو، وعلى الرغم من انخفاض حجم التبادل التجارى عام 2018 إلى 4.48 مليار يورو بنسبة انخفاض 21.7%، إلا أن ذلك حمل بطياته مؤشرات إيجابية للجانب المصرى، حيث يرجع لانخفاض الواردات المصرية من ألمانيا بنسبة 29% مقابل زيادة ملحوظة فى الصادرات المصرية غير البترولية للسوق الألمانى للعام الثالث على التوالى بنسبة 9.4%.
وارتفع حجم التبادل التجارى فى الفترة من يناير- يوليو 2019 إلى 3.012 مليار يورو بزيادة 15% مقارنة بنفس الفترة العام الماضى.
ووفقاً لبيانات الهيئة العامة للاستثمار، يبلغ إجمالى حجم الاستثمارات الألمانية فى مصر 640.6 مليون دولار حتى نهاية سبتمبر 2019 ، تتركز فى حوالى 1183 شركة بمجالات متنوعة "الصناعة، والسياحة، والانشاءات، والقطاع الخدمى، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات".
وتعد مصر من الدول ذات الأولوية بالنسبة للحكومة الألمانية فيما يتعلق بتقديم ضمانات للاستثمار، حيث تأتى ضمن أكثر 10 دول حصولاً على ضمانات الاستثمار الألمانية، ويبلغ حجم الالتزامات الألمانية إزاء ضمانات الاستثمار الممنوحة لمصر حالياً 18 ضماناً بقيمة 1.4 مليار يورو، بما يعكس ثقة الحكومة الألمانية فى مناخ الاستثمار المصرى.
وفيما يتعلق بالتعاون مع الشركات الألمانية: تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة بوش خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء لألمانيا فى يونيو 2019 لبناء مصنع فى منطقة العاشر من رمضان على مساحة إجمالية ستبلغ 120 ألف متر مربع، وسيُمثِّل هذا المصنع قاعدة ومركزاً إقليمياً للشركة لتصدير الأجهزة المنزلية لإفريقيا.
كما أعلنت شركة مرسيدس اعتزامها استئناف نشاطها فى تجميع السيارات بمصر من خلال طرازات GL، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانب المصرى مع شركة مرسيدس لاستئناف نشاطها فى مصر خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء إلى ألمانيا "برلين- شتوتجارت" فى الفترة من 23 إلى 26 يونيو 2019.
وتهتم شركة "فولكسفاجن" بالاستثمار فى مصر والتعاون مع الجانب المصرى، فيما يتعلق بتصنيع وتجميع سيارات النقل الجماعى التى تعمل بالغاز الطبيعى فى مصر.
كما تهتم شركة"بى إم دبليو" بتوسيع أنشطة عملها فى مصر، وتسعى "بى إم دبليو" إلى التواجد فى سوق السيارات الكهربائية بمصر، وبدأت هذا التوجه بإهداء سيارة من طراز i3 الكهربائية بالكامل إلى وزارة الاستثمار والتعاون الدولى.
كما تم التوقيع يوم 9 أكتوبر 2019 على اتفاق التعاون بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر وهيئة السكك الحديدية الألمانية "دويتشه بان" لتقديم الخدمات الاستشارية وخدمات التدريب المهنى والتعليم الفنى ، وذلك بحضور الفريق وزير النقل ورئيس مجلس إدارة مجموعة "دويتشه بان".
كما تشمل علاقات التعاون بين الجانب المصرى والشركة الألمانية تطوير معهد وردان للتدريب فى قطاع السكك الحديدية بحيث يصبح مركز تميز تدريبى Center of Excellence من أجل تدريب 150-180 مهندس مصر.