محمد أبو الغار يكتب: أقباط المنيا.. مش معقول كده!
وأنا أحضر المؤتمر العلمى للجمعية الأمريكية لأطفال الأنابيب فى تكساس فوجئت بعدد من التليفونات من الأصدقاء وعدة رسائل إلكترونية تطلب منى فتح الإنترنت. وبالرغم من أن هناك سبع ساعات فارقا فى التوقيت حاولت متابعة الموقف. الموضوع ببساطة أن ما تم الاتفاق عليه بين المحافظ والمطرانية والقرارات التى أصدرها أعلى مستوى فى النظام بأن التحرش بالأقباط وإغلاق الكنائس ومنع الصلاة للأقباط يجب أن ينتهى فوراً، لم يتم تنفيذه. وبالعكس طلب من القبطى الذى يريد أن يصلى أن يأخذ إذنا من المحافظ.
أولاً: يجب أن تحترم الدولة القانون والدستور، وهو أمر لا يتم تفعيله ولكنها دائماً تنفذ ما تريد سواء كان مع القانون والدستور أو ضده. وفى حالة إغلاق الكنائس ومنع الصلاة كان الأمر واضحاً فلماذا لم ينفذ الأمر؟ هل لأن الأمر كان المقصود به التهدئة فقط أم أن الدولة ليس عندها القوة على تنفيذ ما قررته وهو أمر لا يتماشى مع الحق والمساواة والعدل والقانون. حقيقة لا أدرى هل الدولة متهاودة فى حق الأقباط أم أنها غير قادرة على حمايتهم.
ثانياً: الأقباط موجودون فى مصر قبل أن يوجد بها مسلم واحد لقرون عديدة وبعد أن أصبحت الأغلبية مسلمة حدث اضطهاد واضح للأقباط على فترات مختلفة، ولكن منذ ثورة 1919 تحسن الوضع وأصبحت المواطنة حقا، وبناء الكنائس والصلاة للأقباط أمراً قانونياً وطبيعياً ولكنه أيضاً كان أمراً مقبولاً من الأغلبية المسلمة.
ثالثاً: الشىء الجديد فى المجتمع المصرى هو الأمر بإغلاق الكنائس وضرب المصلين فيها فى بعض الأماكن وتكسيرها وربما حرقها فى أماكن أخرى. ما يحدث سببه مجموعة من المتطرفين المعروفين بالاسم والموجودين فى كل قرية أو مدينة صغيرة وهم يقودون الهجوم ويهيجون مجموعة من محدودى التعليم والثقافة للقيام بهذا العدوان، ويشجع على الأمر النسبة المرتفعة من البطالة والمصحوبة بفقر شديد.
رابعاً: التراخى الشديد من السلطة ممثلة فى المحافظ ومديرى الأمن فى الإعلان بوضوح أن من يعتدى على الكنائس سوف يقدم للعدالة وبسرعة، والاعتماد لفترة طويلة على الصلح العرفى أدى إلى كوارث متتالية. السلطة المحلية ليس عندها مانع من تفاقم المشاكل وإغلاق الكنائس وضرب الأقباط بشرط ألا يعلم أحد داخل مصر وخارجها ما يحدث.
خامساً: موقف النظام المصرى دولياً وعالمياً يعانى من مشاكل حقيقية، وكان ذلك واضحاً أثناء زيارة الرئيس لفرنسا وما قاله فى المؤتمر الصحفى. لماذا تريد مصر أن تزيد مشاكلها الدولية بعدم اتخاذ إجراء ناجح وحقيقى وسريع بمنع الاعتداء على الأقباط وكنائسهم؟ هل هو الخوف من المتشددين المسلمين أم أنه تراخ عادى من الشرطة، أم أن الأقباط فعلاً ليس لهم أهمية بالنسبة للنظام؟ أم أن الشعور الحالى عند الأقباط خاصة الفقراء منهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية حقيقى!
سادساً: قرأت على الفيسبوك أن نائب رئيس جمهورية أمريكا سوف يزور المنطقة ومنها مصر بخصوص مراقبة وتقصى المعلومات عن وضع الأقليات فى المنطقة ووجود أى اضطهاد يحدث لهم. وقرأت أن الفضائيات المصرية والأجنبية بدأت تتحدث عن هذا الموضوع، وبعضهم طلب من النظام أن يأخذ باله فى الفترة القادمة حتى تمر الزيارة على خير، والبعض الآخر طالب بالضغط على الكنيسة وقيادات الأقباط حتى يقولوا إن كله تمام وما فيش أحسن من كده. الحقيقة لقد ذهلت عندما قرأت ذلك لأنهم لا يعلمون أن كل ذلك تمت ترجمته، ووصل إلى كل من يهمه الأمر فى أمريكا!.
سابعاً: أنا منزعج من أنه لم تبدأ حملة ضخمة فى الفضائيات المصرية لتدعم فتح الكنائس والصلاة فيها وتشجب بكل قوة الاعتداء عليها. إنه أمر غير مفهوم فى دولة الفضائيات فيها تكلف دافعى الضرائب والجهات السيادية أموالاً طائلة والنظام يتركها تتحدث إلى نفسها ويترك الشعب يشاهد قنوات أخرى. حملة كبيرة منظمة تشرح للناس أن هذا حق الأقباط وأن ما يفعله المتشددون مخالف أساساً للقانون وأيضاً للدين وسوف يساعد ذلك المحافظ إذا كانت يده مرتعشة.
ثامناً: أنا أدعو كل محافظ فى هذه المناطق أن يجتمع مع القيادات المتشددة ليس لمناقشة رأى الدين الإسلامى فى بناء الكنائس والصلاة فيها وإنما لإفهام الجميع أن القانون والدستور والنظام مسؤولون جميعاً عن حماية الكنائس والمصلين، وأن هذا سوف يتم تنفيذه، والمعتدى سوف يعاقب.
تاسعاً: يجب أن تبدأ الداخلية فى حملة توعية داخلية بأن المسلمين والمسيحيين متساوون ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وأنه لا تهاون إذا حدث الاعتداء على أى مصرى مسلم أو مسيحى بنفس الدرجة.
عاشراً: الأنبا مكاريوس فى المنيا رجل عاقل وهادئ ويقول الحق ويعلن عن الاعتداءات التى تتم على الكنائس والناس، ونحن يجب أن نشجعه على أن يقول الحقيقة لأنه بدون معرفة الحقيقة لن يتم إصلاح شىء. الوطن فى خطر داخلى وخارجى والأزمة الاقتصادية طاحنة وإحنا مش ناقصين كوارث، فلنقف جميعاً صفاً واحداً لتطبيق القانون ومنع قفل الكنائس وعدم الصلاة فيها لأننا إذا سمحنا بذلك فالخطوة القادمة هى هدمها وحرقها. لك الله يا مصر.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
نقلاعنالمصري اليوم