رسائل الرؤساء في "المولد النبوي": قليل من الاحتفال كثير من السياسة
جرت العادة أن يلقى رؤساء الجمهورية كلمة في مناسبة المولد النبوي الشريف، بحضور لفيف من رجال الدولة والمجتمع، وسط أجواء روحانية مؤثرة، تختلط فيها الرسائل بين الدين والسياسة والاقتصاد، وآخر هذه الكلمات ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مركز المنارة للمؤتمرات، أمام عدد من كبار مسئولي الدولة، مهنئا الأمة الإسلامية بذكرى الرسول الكريم، صاحب الأخلاق الحسنة والصبر الأكرم.
السيسي.. رسائل الإرهاب وتجديد الخطاب الديني
وتعد خطب الرئيس أنور السادات في المولد النبوي من أكثر المواد تعبيرا عن ملامح حقبته التاريخية، ففي خطبته الأولى بالمولد النبوي، عام 1971 ، وقبل عامين من حرب أكتوبر المجيدة، تناول الرئيس الوضع السياسي الداخلي، واستعدادات القوات المسلحة لخوض الحرب، محاولا رفع الروح المعنوية للمصريين، وسط أجواء روحانية مؤثرة.وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن الاحتفال اليوم بذكرى مولد نبي الرحمة والهدى يمثل مناسبة طيبة للتأمل في جوهر ومقاصد الرسالة التي تلقاها النبي الكريم، ما يعطي لنا الكثير من الدروس، الواجب تعلمها واستيعابها وفي مقدمتها تحمل الأذى بثبات والصبر على المكاره، بأمل في نصر الله ومواجهة الصعاب، بعمل دؤوب لا ينقطع.
وتحدث عن 30 يونيو قائلا: "لو تصورتم إنى كنت جاى طمعان فى حاجة تبقوا ظلمتم الفكرة والقيم والمبادئ التى وقفنا لأجلها.. دا أنا أبقى أوحش منهم.. لا والله".
وأضاف الرئيس خلال مشاركته احتفالية وزارة الأوقاف بالمولد النبوى،: "الرئيس عدلى منصور ربما يزعل من هذا الكلام الذى سأقوله.. ولكننى سأقوله.. قبل الانتخابات كثير من الناس قالت هو ليه أنا مش عاوز اترشح.. لقد اتحايلت على الرئيس عدلى منصور شهور إنه يترشح وأنا أظل فى مكانى زى ما أنا، وأنا بقول الكلام دا وممكن فخامة الرئيس يزعل منى، بس بقول عشان تعرفوا إن الكل زاهد فيها وتحدى كبير جدا سواء دنيا أو دين عند ربنا يوم القيامة، وهنقل له إيه؟؟.. شهور بقول له من فضلك سنة عدت واترشح تانى وأنا أفضل مكانى واعمل كل اللى ممكن يتعمل لأجل خاطرها وخاطر مصر وخاطرك، بس هو قال لا يمكن كدا تمام وكفاية".
كما تحدث عن مواجهة الإرهاب، قائلًا: "عندى إرادة لا تلين فى مجابهتهم.. ومن حديد، وأنا أواجه لأجل خاطر الدين.. كل الدين، لأن ما حدث كان له تأثير سلبى على فكرة الأديان والاعتقاد فى الله سبحانه وتعالى.. الناس اتشككت إيه الأديان اللى بتطلع تقتل وتدمر فى الناس بالشكل ده".
وأضاف: "شوفوا ما يحدث وستدركون أنكم فى قتال ونضال مستمر، وكل يوم فيه حكاية، وأنا والله ما اعراف هيقابلوا ربنا إزاى بالكدب دا كله!.. دا كدب كتير جدًا.. ربنا يكفينا شر أنفسنا وشرهم".
واصل الرئيس: "أرجو أن تكون الندوة لكل أطياف المجتمع سياسى وثقافى وأمنى لنتحدث ونرى ولا تتوقف على كونها ندوة دينية، والناس كلها تسمعنا عشان نعرف إن الشأن العام أمر مختلف كثيرًا عن المفهوم الفردى فى ظل المسئولية على المجتمع لحماية الدولة وليس حماية نظام، بل حماية دولة مصرية بعناصرها".
قال إن المنهج الذى يجمع بين الإيمان واليقين، والعمل المتواصل المبنى على أسباب الدنيا وقوانينها وتطورها الذى ينتصر فى النهاية، إذا أن الله عز وجل يكافئ المجتهدين الذين يسعون للخير والسلام، ويعملون على تخفيف آلام الناس وتحسين الواقع، وأقول بكل صدق، إننا إذا نقتدى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فإننا نبذل أقصى الجهد لتحقيق نقلة نوعية فى أداء دولتنا وتوفير أساب القوى والتقدم لها على جميع المستويات.
وأوضح أن التطرف والإرهاب والتشكيك والافتراء على الحق والتخريب المادى والمعنوى لن يثنى الشعب والإرادة الحديدية عن المضى فى طريقه نحو المستقبل الأفضل.
ووجه وزارة الأوقاف لعقد مؤتمر أو ندوة لمدة أسبوع للنقاش حول المفاهيم الخاصة بالفكر الدينى، والثورة على الأفكار الجامدة والمتطرفة، والمتاجرة بالدين والتفسيرات الخاطئة والمنحرفة لجامعات التطرف والإرهاب.
وتابع الرئيس: "أنا بتكلم على السياسيين والاقتصاديين وأهل الثقافة وكل المعنيين فى المجتمع نقعد لمدة أسبوع أو أكتر حسب الأمر ما يتطلب ونبتدى نتناقش فى موضوع الشأن العام ويبقى من منظور اجتماعى وسياسي ودينى وثقافى وفكرى، بس خلونا نشوف ده، وأرجو إن الإعلام يغطى بعد إعداد جيد لهذا الموضوع من الأوقاف ومشيخة الأزهر علشان الناس تسمعنا وإحنا بنتكلم يعنى إيه شأن عام لأن ده أمر مهم قوى وخطير جدا فى ظل الظروف اللى بتمر بمنطقتنا وبمصر، وبالتالى محتاجين نتكلم مع شعبنا إن المواضيع بيتم تناولها بشكل خلينا نفرد لها وندى فرصة للكل يتكلم ويسمع، نظموها وأنا هحضر بس أرجو يكون فيه إعداد لأن مش هيكون بس على أد الدين، كان ممكن أقول لأجهزة الدولة تعمله لكن أنا قلت إن أهل الدين أولى بالحديث عن الشأن العام".
“تجديد الخطاب الديني، ومواجهة الشائعات والإرهاب، كانا أهم محاور خطاب الرئيس.
كلمة مرسي.. غابت مصر وحضرت ميانمار
لكلمة الوحيدة للرئيس المعزول محمد مرسي في احتفاله بالمولد النبوي، لم تكن مصر وهمومها هي الحاضر الأول فيها، وإنما كانت سوريا ومسلمي ميانمار هما الأهم بالنسبة له، كما تطرق إلى تعديل “الدستور” الذي من شأنه تقليص سلطات رئيس الجمهورية، إلا أنه عُزل عن الحكم في 3 يوليو 2013، قبل بعد احتجاجات شعبية حاشدة ضده، قبل أن يتمكن من تعديل المواد التي يراها مكبلة لسلطاته.
عدلي منصور.. الخطاب الأقصر بين الرؤساء
وفي عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، اكتفى بخطاب هو الأقصر، فلم يستغرق وقتها أكثر من 20 دقيقة، وكان المشهد الأبرز في كلمته خلال الاحتفال بالمولد النبوي، هو بكاء منصور والسيسي تأثرا، عندما قال الرئيس المؤقت إن العين تدمع للقوات المسلحة الباسلة التي تحرس الأرض.
وأضاف “النصر قادم لا محالة”، ثم أشار إلى هناك من لم يعرف صحيح الإسلام، فاستحل على إثره سفك الدماء، ووعد باستعادة الأمن في الدولة.
مبارك.. رسائل عامة
أما الرئيس الأسبق حسنى مبارك فاعتاد أن يلقي كلمة تقليدية بعيدة في الغالب عن أي رسائل ذات مضامين سياسية أو دينية أو اجتماعية، فكان يكتفي عادة بتهنئة الأمتين العربية والإسلامية بالمولد النبوي الشريف.
السادات.. مولد بطعم الحرب
وقبل السادات استغل عبد الناصر الخطب في المولد النبوي لحث المسلمين والعرب على العودة إلى الإله، والتمسك بالدين الحنيف، ليستطيعوا مواجهة الاحتلال وقوى الاستعمار، وفى كلمة ألقاها البكباشي جمال عبد الناصر أمام هيئة التحرير العامة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بميدان الجمهورية، بتاريخ 18 نوفمبر 1953.