"هوت للقاع بعد 7 دقائق".. هكذا أحرقت مصر قلب إسرائيل على المدمرة "إيلات"
"في الساعة الخامسة مساء اليوم اقتربت قطعة من قطع أسطول العدو من شواطئنا شمال بورسعيد ودخلت مياهنا الإقليمية في الساعة الخامسة، فتصدت لها بعض وحداتنا البحرية واشتبكت معها وأغرقتها وعادت وحداتنا جميعا إلى قواعدها".
كان هذا بيانا عسكريا
أصدرته القوات المسلحة المصرية في مثل هذا اليوم، 21 أكتوبر، عام 1967، أي بعد نحو
4 أشهر من النكسة، معلنا تدمير المدمرة الإسرائيلية "إيلات"، في واحدة
من العمليات المشهود بها للبحرية المصرية التي أحرقت قلب العدو على واحدة من أضخم
وأحدث قطعه البحرية.
كانت مدمرة العدو
العملاقة تبحر في البحر المتوسط قبالة بورسعيد، وتدخل المياه الإقليمية المصرية ثم
تخرج ثم تعود لتخترقها مرة أخرى وهكذا، فكان لا بد من رد على العربدة الإسرائيلية
المدعومة بالانتصار العسكري في حرب 5 يونيو 1967.
ويحكي الكاتب الصحفي
عبده مباشر، الذي عمل مراسلا حربيا أثناء حربي الاستنزاف وأكتوبر قصة تدمير
المدمرة في كتابه "إغراق إيلات"، فيقول إن وحدات المراقبة بقاعدة
بورسعيد البحرية رصدت في مساء الجمعة 20 أكتوبر وصباح السبت 21 أكتوبر، نشاطا
معاديا لوحدات إسرائيلية على خط المياه الإقليمية المصرية.
ويضيف: "على
الجانب المصري كانت الأحداث تتحرك بسرعة في اتجاه حسم الموقف.. ففي الساعة الثانية
عشرة وعشر دقائق صدقت القيادة العامة للقوات المسلحة على قرار قائد القوات البحرية
بتدمير أية أهداف معادية فور اختراقها للمياه الإقليمية المصرية والمحدد باثنى عشر
ميلا بحريا - حوالي 22 كيلو مترا - من خط الساحل، وذلك استنادا إلى حق الدفاع
الشرعي".
وبناء على هذه
التوجيهات، "أصدرت قيادة القوات البحرية تعليمات العمليات إلى قاعدة بورسعيد
البحرية بتدمير أي هدف معاد فور اختراقه المياه الإقليمية، بعدها حدد قائد قاعدة
بورسعيد المهمة لقائد سرب لنشات الصواريخ وجرى تلقينه بمخطط تنفيذ المهمة القتالية
التي كلفته بها قيادة القوات البحرية".
في تمام الساعة الرابعة
بعد الظهر، كانت القطع المصرية جاهزة للقيام بمهمة تدمير وإغراق المدمرة
الإسرائيلية إيلات فور اختراقها للمياه الإقليمية.
وكنوع من الخداع
والتكتيك العسكري البحري "صدرت الأوامر إلى قادة لنشات الصواريخ باستخدام
ممرات ملاحية غير مطروقة أثناء الأبحار لتأكد القيادة المصرية من قيام القوات
الإسرائيلية بمراقبة الممر الملاحي المعتمد لمدخل قناة السويس، كما صدرت الأوامر
إلى قادة اللنشات باستخدام سرعات بطيئة عند الاقتراب من الهدف بحيث تبدو كأنها سفن
صيد صغيرة".
بعد ذلك - كما يحكي
"مباشر" - اتخذ سرب لنشات الصواريخ وضع الهجوم.. كان كل لنش من اللنشين
يحمل صاروخين من طراز ستايكس.. وفي الساعة الخامسة وتسع وعشرون دقيقة وفور اختراق
المدمرة الإسرائيلية "إيلات" للمياه الأقليمية المصرية أصدر قائد السرب
النقيب أحمد شاكر عبد الواحد أوامر بتوجيه ضربة بصاروخين إلى المدمرة، فأصابها
إصابات مباشرة وظهر وهج خلف الأفق أعقبه سماع عدة انفجارات متتالية، وظهرت صورة
المدمرة على شاشات الرادار أصغر مما كانت تبدو من قبل أي أصغر من حجمها بما يؤكد
إصابتها.
كانت الخطة تتضمن أن
تعود اللنشات إلى الميناء، لكن "عندما اكتشفت وسائل الإنذار بالقاعدة خلال
مراقبتها للمدمرة أنها ما زالت طافية، أبلغت قيادة القوات البحرية بالموقف، فأصدرت
القيادة تعليمات إلى قاعدة بورسعيد البحرية لتطوير نجاح ضرب اللنش رقم 1 بعدد 2 صاروخ
ضد المدمرة بهدف إغراقها".
كان الهدف واضحا، وهو
القضاء نهائيا على مدمرة العدو، لذلك فإن اللنش رقم 1 سرعان ما اتخذ وضع الهجوم،
"وفي الساعة السابعة وأربعين دقيقة مساء قام اللنش بتوجيه ضربة بصاروخين إلى
المدمرة فأصابها إصابات مباشرة انفجرت على أثرها ثم هوت إلى القاع بعد سبع دقائق
من إصابتها لتنطوي صفحتها نهائيا".