عمرو دياب و"النياشين المسحوبة".. 5 ملاحظات من "ذكريات" مبارك عن حرب أكتوبر
بأي صفة أراد
الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يتحدث في ظهوره الأخير، أمس، عبر "يوتيوب"؟
الإجابة تبدو
سهلة وتقول: "بصفته أحد أبطال حرب أكتوبر"، لكن من يشاهد الفيديو الذي
تبلغ مدته 25 دقيقة، يكتشف أن "مبارك" لم يستطع الإفلات من الصفة
"المريرة" التي أنهى بها حياته السياسية، وهي "الرئيس المتنحي بفعل
ثورة شعبية".
يبدو الوهن
على ملامح "مبارك" بالطبع، لكن الرجل يجاهد نفسه في أن يتحدث
كـ"بطل حرب"، ويستند إلى ذلك الدور العسكري الذي لعبه في معركة العبور،
ولا يستطيع أحد أن ينزعه منه، لكنه فيما يبدو شعر بتجاهل دوره هذا، فخرج ليقول
"أنا هنا.. ما زلت حيًّا".
في السطور
التالية، نستعرض 5 ملاحظات على "ذكريات" حسني مبارك في الذكرى 46 لحرب
أكتوبر.
"واحد
مننا"!
من بداية
الفيديو نسمع صوت المطرب عمرو دياب في أغنية ذاع صيتها في السنوات الأخيرة من حكم
"مبارك"، هي "واحد مننا"، كان التلفزيون المصري يستخدمها
كثيرًا للدعاية للرئيس الأسبق في ذلك الوقت.
أطلق
"الهضبة" الأغنية في عام 2008، من كلمات مدحت العدل وألحان عمرو دياب
وتوزيع حسن الشافعي، ولم يرد فيها اسم "مبارك" صراحة، لكنها كانت سببًا
في هجوم لم يستمر طويلاً على المطرب صاحب الشعبية الجارفة.
يستخدم
"مبارك" الأغنية هنا من جديد، لكن بعد 8 سنوات من تنحيه عن السلطة،
نستمع لها في أول الفيديو وفي نهايته، كما أنها تُستخدم في أجزاء كثيرة كخلفية
لحديث الرئيس الأسبق.
البدلة
العسكرية والنياشين المسحوبة
في الفراغ
الذي يحتل الفيديو، أعلى يسار "مبارك"، تستقر على الحائط صورة له بالزي
العسكري مرصعًا بالنياشين والأوسمة العسكرية التي حصل عليها أثناء خدمته بالقوات المسلحة
إلى أن وصل إلى رتبة "فريق طيار" بعد حرب أكتوبر.
بالطبع الصورة
ليست موضوعة بالصدفة، إذ يتبادر للذهن أن فيها استدعاء للدور "العسكري"
للرئيس الأسبق، وهو الفكرة التي بإمكانه الاستناد عليها أو التحدث إعلامياً بناء
عليها.
في 9 يناير
2016، قضت محكمة النقض، في حكم نهائي وبات، بتأييد معاقبة "مبارك"
ونجليه "علاء" و"جمال"، بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، لإدانتهم
بالاستيلاء على نحو 125 مليون جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية.
الحكم الذي
كان أول إدانة للرئيس الأسبق بعد 25 يناير، يعتبر "جريمة مخلة بالشرف"
ضد "مبارك"، وترتب عليه منعه من المشاركة في الحياة السياسية، والأهم
بالنسبة لنا هنا، تجريده من رتبه ونياشينه وأوسمته العسكرية التي حصل عليها.
كتاب
"الأزمة" لهنري كسينجر.. اختيار غريب!
ثمة كتابان
موضوعان على منضدة صغيرة على يسار الرئيس الأسبق، استطعنا معرفة اسم كتاب واحد
منها، هو "الأزمة.. تشريح أزمتين رئيسيتين في السياسة الخارجية"، لهنري
كيسنجر، مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأمريكي إبان حرب أكتوبر، وهو الرجل
الملقب بمهندس عملية السلام بين مصر والسادات، إذ قام بزيارات سريعة ومتلاحقة إلى
القاهرة وتل أبيب أثناء وبعد المعركة.
غرابة وضع هذا
الكتاب الذي صدر عام 2003، بالتحديد تأتي من النقاط الجدلية التي تحدث عنها
بالوثائق وتسجيلات المكالمات التليفونية عن الحرب.
في موضع من
الكتاب، يروي "كسينجر" أن السادات تواصل معه في اليوم التالي للحرب، 7
أكتوبر، عبر قناة سرية للمخابرات الأمريكية، لإخطاره بموقف مصر في المعركة، زعم
فيها أن الرئيس المصري أفضى له بعدم اعتزامه تعميق الاشتباكات مع العدو
الإسرائيلي، الأمر الذي فهمه السياسي الأمريكي آنذاك بأن "السادات" قرر
اللجوء مبكرًا لواشنطن لبدء عملية سياسية وهو لا يزال بعد ساعات من بدء عمليته
العسكرية المباغتة.
اختيار بدا
غريباً بعض الشيء، هل يقرأ "مبارك" مؤلف هنري كسينجر حالياً بعد نحو 16
سنة على صدوره؟ هل عاد إليه للاطلاع على أمر ما؟ هل وُضع الكتاب لإعطاء إيحاء أن
الرجل قارئ جيد؟
3 سنوات
"بطولة" لإنقاذ 30 سنة "رئاسة"
في أبريل 1972
تولى "اللواء" محمد حسني مبارك قيادة القوات الجوية في تلك الفترة التي
شهدت الاستعدادات المكثفة لحرب التحرير، وفي 15 أبريل 1975 ترك منصبه العسكري
ليتولى أول منصب سياسي نائبًا للرئيس السادات.
3 سنوات على
رأس سلاح الطيران المصري سجلت اسمه في سجل حرب أكتوبر، فترة قصيرة بالطبع لكن
مبارك قد يرى أنها ستنقذ له اسمه من 30 سنة قضاها رئيسًا لمصر، انتهت بثورة شعبية ضد
حكمه في يناير 2011.
لكن شبح
الخروج السياسي من الباب الخلفي للتاريخ لا يزال يخيم على ملامح "مبارك"
فيما يبدو، لا نقصد هنا عوامل السن، فكم من أبطال عسكريين متقدمين في العمر، تراهم
يتحدثون عن ذكرياتهم في المعركة بروح متقدة وحضور طاغ أكثر من هذا.
"كلمة
للتاريخ" و"ذكريات".. الليلة لا تشبه البارحة
قبل ترشحه
لفترة رئاسية خامسة – لم تكتمل – ظهر الرئيس الأسبق حسني مبارك في حوارات تلفزيونية
مطولة مع عماد الدين أديب، فيما سُمي وقتها "كلمة للتاريخ"، تناولت
سيرته ودوره في حرب أكتوبر على نحو بدا "خارج الصندوق" من حيث الإخراج،
لكن المضمون بدا عادياً ولا يحمل جديداً.
كان
"مبارك" يتحدث وهو على رأس السلطة، ويتنقل مع عماد أديب من المكتب
الرئاسة إلى قيادة القوات الجوية إلى حديقة القصر الرئاسي، راحة في الحديث وإحساس
لا يخطئه أحد بالسلطة والمكانة، كان وقتها في صورة "الرئيس بطل الضربة
الجوية".
بعد نحو 15
سنة من "كلمة للتاريخ" ظهر الرئيس الأسبق في "ذكريات"، نلاحظ
هنا الفرق اللغوي على الأقل بين العنوانين، الأول يعطي انطباعاً بأهمية الشخص الذي
سيتكلم، والثاني كلمة تُقال عن أي شخص عادي يريد أن يحكي ما فعله في الماضي.
اللافت هنا،
لمن شاهد "كلمة للتاريخ" أن ما قاله الرئيس الأسبق في ظهوره الأحدث لم
يأت بأي جديد، فقصة تفاصيل يومه أثناء 6 يونيو 1967 رواها من قبل مع عماد الدين
أدبب، كما أنه تحدث عن ثغرة الدفرسوار ورفضه "الصارم" سحب قوات من شرق
القناة إلى غربها، واعتراضه على فكرة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق الفريق
سعد الدين الشاذلي.