العدو في حالة هلع.. مراسلات الإسرائيليين خلال الساعات الأولى من حرب أكتوبر
كانت مفاجأة كاملة.. هكذا يصف العسكريون الإسرائيليون حرب السادس من أكتوبر بالنسبة لهم، إذ كان عبور الجيش المصري قناة السويس حدثا مستبعدا عند العقلية الإسرائيلية المغرورة بأسطورة "الجيش الذي لا يقهر".
لكن المصريين فعلوها في
مثل هذا اليوم، 6 أكتوبر، قبل 46 سنة، عندما خاضت القوات المسلحة حرب التحرير،
وألحقت بالعدو هزيمة ساحقة وكبدته خسائر هائلة في الأرواح والعتاد.
كيف كان وقع المفاجأة
على قوات العدو إذن؟ كيف استقبلت ألسنتهم رؤية مناظر المقاتلين المصريين وهم
يعبرون إلى الضفة الشرقية ويدمرون خط بارليف ثم يتقدمون إلى الدشم ليهاجمون الجيش
الإسرائيلي؟
تسجيلات الاتصالات
والمراسلات العسكرية العاجلة في صفوت قوات العدو خلال اللحظات الأولى من الحرب،
تكشف عن ذعر كامل لدى الإسرائلييين وصدمة مما حدث.
في كتاب "مذكرات
حرب أكتوبر.. لا يمكننا دفع المصريين إلى الخلف" لمؤلفه إبراهيم عزت، والصادر
بعد أشهر من المعركة، في مايو 1974، يكشف عن بعض هذه الاتصالات الأولى معتمدا على
كتاب "يوم الغفران" الذي كتبه سبعة صحفيين إسرائيليين، وكشفوا فيه كيف
كانت حرب أكتوبر كارثة عليهم. وفيما يلي نص ما حدث:
صباح الأحد 7 أكتوبر:
"ليس هناك أمل.. ليس هناك أمل"
كان ذلك هو ما يصيح به
أحد كبار الضباط في جهاز التليفون الذي يصله برؤسائه وهو يقول:
"المصريون يهاجمون القطاع الجنوبي".
وفي مقر القيادة العليا
في سيناء كانت جميع مكبرات الصوت في شبكة إذاعة القوات الإسرائيلية على جبهة قناة
السويس مفتوحة على آخرها.. فقد كانت الأنباء مروعة!
وأعلن الجنرال إبراهام
ماندلر (الذي قتل في معارك الدبابات مع القوات المصرية) وهو قائد القوات
الإسرائيلية المدرعة في سيناء:
"لقد حدثت لنا فجوات كبيرة في خطوط القطاع الأوسط وفي الجنوب تهاجمنا عشرات
المدرعات! إنني أطلب معاونة الطيران".
وأضاف ردا على رئيس
الأركان دافيد أليعازر:
"إذا لم ترسلوا الطيران فإن القطاعين الأوسط والجنوبي سوف ينهاران. إن في
مواجهتي مائتي مدرعة على الأقل.. وإذا لم يجئ الطيران سريعا فستكون الكارثة".
وفي القطاع الشمالي لم
يكن الموقف أفضل من ذلك.. فقد أعلن الجنرال إبراهام آدان في جهاز اللاسلكي:
"إن فرقة مصرية كاملة تقوم بالهجوم".
وتساءل أحد قادة موقع
في قطاع القناة:
"ما الذي تنتظرونه لكي تجيئوا لتخليصنا.."
ولكن صوته غطاه نداء
آخر يقول:
"إن المصريين دخلوا فناء الموقع- سأقطع الاتصال".
وعاد الاتصال مرة أخرى
بعد ربع ساعة وقال صوت:
"لقد قمنا بصدهم ولكنهم يعودون.. إنهم ثمانمائة رجل على الأقل.. وهو يطلقون
النار في داخل الدشمة.. إنني أصبحت سجينا.. هذه هي آخر رسالة مني، إن المصريين
يجتاحون الموقع".
...
أخذت أجهزة اللاسلكي
على طول جبهة القناة تعمل بعصبية فقد توالت الأنباء المذهلة:
"المصريون يعبرون القناة"
جموع غفيرة من الجنود
المصريين"
"مئات من قوارب المطاط"
"تشكيلات كبيرة من الطائرات النفاثة على ارتفاع منخفض وتكاد تلمس الأرض
الرملية.. تهاجم"
"عشرات من طائرات الهليكوبتر على ارتفاع منخفض تقذف صواريخها وتقصف مراكز خط
بارليف".
ويشير المؤلف، إلى أن الوصف الذي جاء في هذا الكتاب على لسان أحد جنود خط بارليف واسمه "موردخاي".. أبلغ من كل ما كتب عن هذه اللحظة الرائعة.. غمغم "موردخاي" وقد ظن أنه في حلم: "هذا غير معقول.. إن المصريين يعبرون القناة".