الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

شيماء جلال تكتب: السلطة والمعارضة.. ونظرية"كده وكده"

الرئيس نيوز

 

مع بداية دورالانعقاد الخامس والأخير للبرلمان، تعالت أصوات تطالب بضرورة فتح المجال السياسي، ورفع سقف الحرية للإعلام.

التصريحات البرلمانية جاءت بالتزامن مع مطالبات لأصحاب الرأي في عدد من وسائل الإعلام تحمل نفس المعنى.

لكن الصادم فعلاً كان رد فعل الطرف المعارض، فقد استقبل تلك التصريحات بسيل من التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حول زيف تلك الدعوات، وأنها "كده وكده"، ومجرد تجميل لوجه النظام، رغم أنه لا يوجد حدث جلل هزّ أركان النظام ليسارع بتجميل وجهه.

وحتى لو فرضنا صحة ما تروّج له المعارضة، وأن ما يتم إطلاقه من تصريحات هي مجرد "تعليمات"، فإن الأمر في النهاية رسالة من السلطة ترسلها على لسان أي كان، ليس هدفنا هو الرسول بقدر ما تعنينا ـ في الأصل ـ الرسالة.

لا أنكر على التيار المعارض حقهم في التشكيك، وربما في ترقب بعض الإشارات الجادة المتمثلة في إطلاق سراح محتجزين ممن لم يتورطوا في قضايا تمس الأمن القومي أو لم يصدر بحقهم أحكام.

ولكن المبالغة في تناول تلك التصريحات بالسخرية التي تصل إلى درجة العداء في بعض الأحيان، أمر مُربك.

على مدار شهور طويلة رفعنا مطالب بضرورة فتح المجال العام، وإعطاء مساحة أكبر للإعلام، حتى مع ما تمر به الدولة من ظروف ضاغطة تهدد الأمن القومي.

من الغريب أنه في الوقت الذى يظهر فيه مؤشر إيجابي ونحن على أعتاب انتخابات محليات تليها انتخابات برلمانية وأخرى لمجلس الشيوخ، أن يكون رد فعل المعارضة أنها لن تتحرك من خانة التجميد بحجة عدم صدق النوايا!!.

بشكل ما فإن هناك حالة من استمراء الوضع والاستمتاع بالمظلوميات، وهذه الحالة قد تكون الشيء الوحيد الذي أصبحت تستند عليه المعارضة لتسويق نفسها داخلياً وخارجياً، فلا تواجد في الشارع ولا تمثيل برلماني يعوّل عليه، ولا خطاب متماسك، فقط مجموعة من الضحايا بعضهم تعمد الاستفزاز بتصريحات أبعد ما تكون عن السياسة، والبعض الآخر دفع الثمن بحكم انتمائه للتيار.

في الجولة الماضية للانتخابات الرئاسية، شكلت المعارضة ائتلافاً وضَع برنامجاً رئاسياً بمحاور رئيسية، دون الدفع بمرشح واحد ولو على سبيل الوجود السياسي، وكانت الذريعة بأنهم لن يمنحوا النظام صك الاعتراف بديمقراطيته وتعدديته، والحقيقة أنه لم يكن بين صفوفهم من يمتلك قاعدة جماهيرية ورؤية تؤهله لخوض السباق.

لن أجادل فيما تسوقه المعارضة من أن صعوبة المناخ تحول دون ممارستهم السياسية، ولكن فقط سأعود إلى الفترة من العام 2011 حتى 2016، وهي الفترة التي شهدت حالة من الانسيابية الكاملة على المستوى السياسي والإعلامي، فماذا فعلوا خلال 5 سنوات كاملة؟..خلال فترة كانت كافية لترتيب الأوراق وتنظيم الصفوف، وإيجاد موطئ قدم في المشهد السياسي.

على أي حال، سواء كانت تلك الإشارات حقيقية أو "كده وكده" ، فإن التعاطي معها واختبارها بشكل عملي أمر يستحق المحاولة، قبل أن نتلقفها بالرفض والتهكم،لتضاف إلى كثير من الفرص التي يجيد التيار المعارض إهدارها، مرة تلو الأخرى.

المؤسف فيما تفعله المعارضة أنها تغلق الباب ليس عليها فقط ولكن على آخرين خارج التيار، لديهم ما يختلفون فيه مع السلطة، ويرون في تلك المؤشرات انفراجة طال انتظارها.

لا أدافع عن النظام، ولكن لست مستعدة للتشكيك قبل الاختبار لحقيقة ما يتم التنويه عنه، فلستُ من أنصار الرفض في المطلق.

الطبيعي أن أي نظام سياسي في أي دولة في العالم لا يرى أن من مصلحته أن يعلو صوت المعارضة.

ولكني لا أعرف أي معارضة في العالم ترفض فرصة لممارسة دورها، دون اختبارها بشكل حقيقي، بل والدفع في اتجاهها.