الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

من فخ "الـ3 قضاة" إلى مشكلة "الـ4 متر".. كيف استعادت مصر طابا من إسرائيل؟

الرئيس نيوز

يوافق اليوم، 29 سبتمبر، ذكرى صدور حكم المحكمة الدولية بأحقية مصر في شريط طابا الحدودي، وذلك في مثل هذا اليوم عام 1988، بعد رحلة قضائية في جنيف ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي.

تفاصيل كثيرة في ملف التحكيم الدولي الذي لجأت إليه القاهرة لإعادة طابا التي رفضت "تل أبيب" تسليمها وفقا لـ"اتفاقية السلام" موقعة بين الجانبين.

وفي كتاب "سيناء.. أرض المقدس والمحرم"، للخبير الأمني الدكتور خالد عكاشة، والصادر عن دار "نهضة مصر" 2015، يوضح المؤلف كيف أدارت مصر المعركة مع إسرائيل قضائيًا، إذ بدأت التحضير للقضية منذ 1986 وحتى 1988، وأعدّت المستندات والشهود اللازمة.

في البداية، كان من الضروري بعد لجوء مصر للمحكمة الدولية، الاتفاق على نظام التحكيم والذي كان يتم على أسلوبين، الأول "التحكيم الثلاثي"، أي أن فريق القضاة يكون من ثلاثة، واحد مصري وآخر إسرائيلي وثالث محايد.

لكن، وفقا لما يرويه خالد عكاشة، فإن الفريق المصري في القضية تشكك في ذلك النظام، لأنه "من الممكن جدا أن إسرائيل بأساليبها الملتوية قد تؤثر على طرفين".

لذلك، اختارت مصر نظام "التحكيم الخماسي"، أي أن فريق القضاة سيتكون من خمسة: قاض يمثل مصر وآخر يمثل إسرائيل، على أن يختار كل طرف قاضيا محايدا، وبعد ذلك يختار الأربعة قضاة القاضي الرئيس.

وفقا لهذه النظام، كان ممثل مصر في المحكمة الدكتور حامد سلطان، الفقيه الدستوري المخضرم، والذي كان فاعلا في قضايا مصر الدولية منذ اتفاقية الجلاء في الخمسينيات بعد ثورة 23 يوليو. في المقابل، اختارت إسرائيل د. روث لابيدوث ممثلة لها.

أما بالنسبة للقاضيين الآخرين، فاختار الفريق المصري رئيس المحكمة الدستورية في فرنسا، فيما اختارت إسرائيل قاضيا سويديا، وبعد ذلك قرر القضاة الأربعة اختيار السويدي جونار لاجرجرين، قاضيا رئيسيًا.

نأتي إلى الشهود في القضية، إذ يكشف "عكاشة" أن الشاهد الميداني الرئيسي كان اللواء محسن حمدي، الذي كان رئيسا لللجنة العسكرية للإشراف على الانسحاب من سيناء.

بالإضافة إلى "حمدي"، كانت هناك شهادة الفريق كمال حسن علي، الذي كان قائدا لسلاح المدرعات في حرب أكتوبر، ثم تولى وزارة الدفاع ورئاسة الوزراء بعد ذلك.

الفريق المصري استعان كذلك بشهادة اللواء عبد الحميد حمدي قائد المدرعات إبان القضية، إذ أنه خدم في منطقة طابا وهو على رتبة ملازم ثان. كما أحضرت مصر شاهدين من قوات الأمم المتحدة كانا من يوغسلافيا وخدما في ذات المنطقة في عام 1957، بعد العدوان الثلاثي على مصر في 1956، وشهدا في صالح الموقف المصري.

وبعد عدة جلسات ومعاينات، جاء يوم الخميس 29 سبتمبر 1988، عندما دخلت هيئة المحكمة برئاسة جونار لاجرجرين "مجلس مقاطعة جنيف" حيث كانت تعقد جلسات المحكمة، لتنطق بحكم أحقية مصر في طابا، بأغلبة 4 أصوات، فيما كان المعترض الوحيد هو القاضية التي تمثل إسرائيل.

ويروي "عكاشة" أنه رغم الحكم النهائي "ظلت إسرائيل تماطل في تنفيذ الحكم لمدة ستة أشهر، وبدأت مرحلة أخرى من التسويف والمماطلة، واستغرقت المفاوضات اللاحقة على الحكم هذه الشهور لنقل ملكية الفندق المقام على أرض طابا لمصر، وكذلك إجراءات دخول الإسرائيليين إلى طابا".

وفي 26 فبراير 1989 تقرر توقيع الاتفاق النهائي لانسحاب إسرائيل نهائيا من طابا، على أن يتم إقامة حفل التوقيع في 15 مارس 1989، لكن الحفل تأخر أيضا لأكثر من 25 دقيقة، بسبب الاعتراض على مساحة قدرها 4.62 متر كان يمر فيها خط الحدود، حيث كانت قوات الاحتلال أقامت على هذه المساحة كشك حراسة خرساني، لكن تم تقسيمه بين الطرفين في النهاية.