الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
فن ومنوعات

التحطيب.. أقدم فنون القتال العسكرية.. بانتظار التطوير والتحديث

الرئيس نيوز

تنظم وزارة الآثار معارض بالمتحف المصري في ميدان التحرير للاحتفاء بالتراث الرياضي للبلاد، وكان أحدث تلك المعارض في يونيو الماضي قبل انطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية وحمل عنوان "الرياضة عبر العصور"، وتضمن أكثر من 90 قطعة أثرية مصرية تمثل مجموعة واسعة من الألعاب الرياضية التي شارك فيها المصريون عبر العصور.

وتضمنت العناصر البارزة المعروضة تمثالًا للملك توت عنخ آمون ، حيث رحب بالزوار أثناء دخولهم المعرض. يُرى الملك الصبي وهو يحمل رمحًا في يده اليمنى وسلسلة في يساره، ممارسًا رياضة رمي الرمح. وهناك أيضًا لوحة مأخوذة من داخل مقبرة مسؤول مصري قديم يمارس المصارعة في أوضاع فريدة.

وتضمن المعرض لوحة خزفية صغيرة من العصر الفاطمي (909-1171 ميلادية) رسمت صورة لرجلين يمارسان فن القتال التقليدي المعروف محليًا باسم "التحطيب"، وهو فن قديم لا يزال موجودًا في الصعيد والدلتا، ولكنه أيضًا مهدد بالانقراض.

تاريخ التحطيب

يعتبر التحطيب  من الفنون القتالية العسكرية القديمة التي يتم ممارستها باستخدام عصي من الخوص أو الخيزران ويعود تاريخه إلى أكثر من 5000 عام. وفقًا لنقوش من موقع أبو صير الأثري جنوب غرب القاهرة، يعود تاريخ تحبيب إلى سنة 2500 قبل الميلاد في عهد الأسرة الخامسة. وأظهرت النقوش بهرم ساحورع صوراً وتعليقات للجنود الذين يستخدمون التحطيب كجزء من تدريبهم العسكري، إلى جانب الرماية والمصارعة. واحتوت أيضًا العديد من النقوش في مقبرة بني حسن (1900-1700 قبل الميلاد)، بالإضافة إلى موقع تل العمارنة الأثري (1350 قبل الميلاد)، على نقوش عليها مشاهد من التحطيب كرياضة حربية.

ظهر أول دليل على ممارسة التحطيب في المناسبات المدنية من قبل الفلاحين والمزارعين لأسباب احتفالية على نقوش على جدران الأقصر وسقارة في الدولة الحديثة (1500-1000 قبل الميلاد)، وفي هذه المرحلة بدأت بالفعل رياضة التحطيب في التطور كفن وأداء. وشكل من أشكال الترفيه الرياضي.

على مر السنين، احتفظ التحطيب بشعبية كبيرة في المجتمعات الريفية، وبين الفلاحين الذين أدوا الرقص كشكل من أشكال تخفيف التوتر. كان الرقص دائما مصحوبا بموسيقى الطبل والمزمار.

عندما بدأت المجتمعات الريفية في مصر تهاجر إلى المدن بحثًا عن عمل وفرص أفضل في القرن العشرين، تضاءلت ممارسة التحطيب واتخذت شكلًا جديدًا مرة أخرى. بدأت النساء في المشاركة في "التحطيب"، واستخدمته كشكل من أشكال الرقص الإيقاعي على مسارح الفنون الشعبية، "رقصة العصايا"  التي تؤديها الفنانات منفردات أو مع راقص في الملاهي وحفلات الزفاف.

ومع ذلك، شهدت السنوات القليلة الماضية بعثًا  للتحطيب كشكل من أشكال فنون القتال من خلال إضفاء الطابع الرسمي.

تطوير وتحديث رياضة قديمة

يرجع الفضل في التحطيب الحديث إلى رجل واحد: عادل بولاد. وبصفته مؤسس الشكل الحديث للتحطيب، فقد أحيا التقنيات القديمة وقدمها كشكل من أشكال التدريب، مع تضمين جانب الرقص أيضًا في قيمة الأداء. كل هذا تم في محاولة لضمان عدم انقراض أحد فنون القتال القديمة. جهود بولاد لم تذهب سدى. ففي نوفمبر 2016، تمت إضافة التحطيب إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي من قبل اللجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي - وهي خطوة اتخذت للمساعدة في ضمان عدم انقراض هذه الرياضة. تم افتتاح مراكز تدريب في مصر وفي جميع أنحاء العالم، بما في ذلك كندا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، حيث تُقام بطولات التحطيب.

في التحطيب الحديث، يرتدي المشاركون ملابس فضفاضة مثل القمصان والملابس الرياضية. بعد طقوس الافتتاح، يتناوب اللاعبون على الهجوم، حيث يكون هدفهم هو لمس رأس الخصم بالعصا دون لمس أنفسهم. يظل اللاعبون داخل دائرة مخصصة أثناء محاولتهم ذلك، بينما يضمن الفوز بعد لمس أي رأس أو ثلاث لمسات لبقية الجسم. لا تزال الموسيقى أساسية لهذه الرياضة، ولا يزال يتم تقديمها باستخدام أسطوانات الطبل والمزمار الشعبية.

قبل أول بطولة للتحطيب في يوليو 2017، أجرى موقع المونيتور الأمريكي مقابلة مع رانيا مدحت، أول امرأة مصرية تحصل على شهادة مدرب التحطيب. تم اختيارها من قبل جمعية مصر العليا للتعليم والتنمية، وهي منظمة غير حكومية مقرها في القاهرة، للمشاركة في دورة تدريبية حديثة للتحطيب في القاهرة تحت إشراف عادل بولاد. وأكملت برنامج مدته 30 يومًا وأصبحت أول لاعبة ومدربة معتمدة في البلاد.