روسيا تشجع أردوغان على القطيعة مع الغرب تمهيدًا لـ"التهام تركيا"
تعزز سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الفجوة بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية، فبينما يدرس الكونجرس مشروع قانون يفضي إلى فرض عقوبات على تركيا نتيجة حصولها على منظومة الدفاع الجوي روسية الصنع (إس 400)، استغل الرئيس التركي تواجده في موسكو أمس، الثلاثاء، وحرص على إرسال رسائل إلى المعسكر الغربي، مفادها: "مستمرون في الانفتاح على على الدب الروسي". الأمر الذي يرفضه الحلف الأوروبي بصفة أنقرة عضو في حلف الناتو الذي يضع موسكو في مقدمة أعدائه.
كعادته
يعتمد أردوغان سياسة اللعب على الأضداد، ويعمل على استفزاز بعضهم ببعض، فبينما
يطمح بوتين في المزيد من الوصول إلى المياه الدافئة (البحر المتوسط) عبر تركيا،
فضلًا عن كونه يرى أن اختراق تلك الدولة، بمثابة النفاذ إلى قلب حلف الناتو الذي
يعتمد في المقام الأول على موقع تركيا الاستراتيجي في إنشاء القواعد العسكرية.
فيما
يخشى المعسكر الأوروبي خروج تركيا من تحت قبضته، والاتجاه نحو المعسكر الشرقي
(روسيا والصين)، يعتمد المعسكر سياسة العصا والجزرة مع تركيا، ويغضط على أنقرة
بملف عدم قبولها كعضو في الاتحاد الأوروبي؛ نتيجة سياسات أردوغان الاستبدادية
داخليًا، فضلًا عن تحركاته الاستعمارية خارجيًا (يحتل الشمال السوري وأجزاء في
جنوب العراق ويعزز من الانقسام بين شقي جزيرة قبرص) إلى جانب اعتماده في المقام
الأول على الجماعات الأصولية (داعش والنصرة والإخوان) كآلة مدمرة في التمدد
والسيطرة.
يدرك
أردوغان أن معاداته للمعسكر الأوروبي، سيكلفه الكثير، خاصة أن اقتصاده مرهون في
المقام الأول بالاستثمارات الغربية، وإذا ما قررت تلك الدول سحب تلك الاستثمارات
سيتضاعف هشاشة الاقتصاد الذي يئن من وطأة تراجع سعر صرف الليرة، وتفاقم الديون
الداخلية والخارجية.
ويعلم
الرئيس التركي أيضًا أن روسيا حاليًا ليست الاتحاد السوفيتي، فبوتين لا يفرط في
العطايا والامتيازات مثلما كان يفعل الاتحاد السوفيتي قبل انهياره، فهو يعتمد في
المقام الأول سياسة براجماتية، تحقق مصالح بلاده في المقام الأول، مثلما يفعل
حاليًا في سورية، دعم بشكل رئيس بشار الأسد، وتمكن من إقامة ثلاث قواعد عسكرية تطل
على المتوسط (طرطوس – حميميم – اللاذقية). فالانفتاح على موسكو ربما يفتح شهية
الدب الروسي على ابتلاع تركيا.
ومنذ
قررت تركيا استيراد منظمة (إس 400) تشهد علاقتها بالغرب عامة، وأمريكا خاصة،
توترًا غير مسبوق، وبدأت واشنطن في فرض عقوبات على أنقرة، بينها إخراجها من برنامج
تصنيع المقاتلات (إف 35)، ما يترتب على ذلك خسارة مالية تقجدر بـ3 مليارات دولار،
فضلًا عن قطع التعاون العسكري في مجالات أخرى.
ومن
المؤكد أن إقدام تركيا على المزيد من صفقات التسليح مع روسيا خاصة بعدما قال
أردوغان إن بلاده ترغب في مواصلة التعاون مع روسيا في مجال صناعة الدفاع بما في
ذلك الطائرات الحربية، سيدخل العلاقة بين أنقرة والغرب في نفق مظلم، وستزداد
القطيعة بينهما ما يترتب عليه خسارة اقتصادية ومالية كبيبرة لتركيا، التي من
المؤكد أنها ستحاول تعويض ذلك بمزيد الانفتاح على روسيا، التي تنتظر اللحظة
الفارقة للانقضاض على تركيا لابتلاعها.
وأدلى
أردوغان بهذه التصريحات بعد أن زار هو وبوتين معرضا جويا خارج العاصمة الروسية حيث
قامت طائرات مقاتلة من طراز (سوخوي إس يو-57) بطلعات استعراضية، وقام الرئيس
التركي بتفقدها بعد ذلك. وقال: "نتخذ خطوات إيجابية في قطاع الصناعات
الدفاعية ببدء تسلم أنظمة (إس-400)، وبهذا، كان لدينا الفرصة خلال اجتماعاتنا لبحث
الخطوات التي يمكن أن نتخذها في المجالات المختلفة في إطار الصناعة الدفاعية وما
يمكننا فعله".
بدورها
ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن روسيا وتركيا تبحثان إمكانية أن تزود موسكو أنقرة
بطائرات سوخوي 57 وسوخوي 35 العسكرية الروسية الصنع.
ونقلت
الوكالة عن ديمتري شوجاييف رئيس الخدمة الاتحادية للتعاون العسكري الفني قوله
"تم إبداء اهتمام كبير، ومن السابق لأوانه الحديث عن مفاوضات بشأن عقود إذ لا
يوجد طلب بعد ويتعين إجراء مشاورات".
وبدأت
واشنطن الشهر الماضي في استبعاد تركيا من برنامجها لتصنيع الطائرات إف-35 التي
كانت تركيا تنوي شراءها. وردا على ذلك قال أردوغان إن تركيا ستلجأ إلى جهات أخرى
للحصول على طائرات من أجل تلبية احتياجاتها.
وقال
بوتين إنه وأردوغان ناقشا التعاون بشأن الطائرة الروسية إس يو-35 واحتمال القيام
بعمل مشترك بشأن طائرتها الجديدة إس يو-57.
وبحسب
بيان صادر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، فإن أعضاء في
المجلس، وجهوا نداءً إلى ترامب، لفرض عقوبات على تركيا وفقا للقوانين الأمريكية.
وأضاف البيان أن تركيا بإمكانها تحقيق مصالحها بشكل أمثل، عبر التعاون مع الولايات
المتحدة الأمريكية، وليس روسيا.