الخولي لـ"الرئيس نيوز": مؤتمر "تيكاد" فرصة أفريقيا بعد أن نهب الاستعمار مواردها
من المعروف عن اليابان أنها شريك تجاري نزيه.. وتعتمد في شراكاتها مبدأ "رابح - رابح"
ينطلق مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا "التيكاد ٧" بمدينة يوكوهاما اليابانية في الفترة من ٢٨ الى ٣٠ أغسطس الجاري، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي والرئيس المشترك لـ"تيكاد ٧" مع رئيس وزراء اليابان "شينزو آبي"، إضافة إلى مشاركة رؤساء الدول الافريقية، وعدد من المنظمات والمؤسسات الدولية في مقدمتها الامم المتحدة والبنك الدولي.
أفريقيا
واليابان
بدأت
العلاقات الدبلوماسية بين مصر واليابان عام ١٩٢٨، إلا أن علاقة اليابان بالقارة
الأفريقية لم تتطور إلا في نهاية السبعينيات، إذ كانت مقتصرة على إقامة علاقات
دبلوماسية مع دول أفريقيا المستقلة حديثاً.
سياسة
اليابان تجاه القارة السمراء ارتكزت على الشق التنموي، حيث أصبحت من الدول مانحة
بشكل رئيسي للدول الأفريقية من خلال برامج دعم التنمية، ما جعلها أحد أهم المصادر
الأساسية للمساعدات الخارجية لقارة أفريقيا خلال أربعة عقود فقط، وفقاً للتقارير
والاحصائيات الأخيرة.
تعهدت
اليابان أمام زعماء أفريقيا في يونيو ٢٠١٣ بتقديم الدعم للقطاعين العام
والخاص بقيمة ٣٢ مليار دولار لتعزيز
النمو، فضلاً عن تشجيع الشركات اليابانية على الاستثمار في القارة خلال خمس سنوات،
على أن تتضمن حزمة المساعدات ما يقدر بنحو ٢١ مليار دولار لدعم البنية التحتية.
وفي
عام ٢٠١٦، استضافت العاصمة الكينية نيروبي مؤتمر "التيكاد ٦" للمرة
الأولى على أرض أفريقية، وأكدت اليابان التزامها باستثمار نحو ثلاثين مليار دولار
في القارة خلال ثلاث سنوات في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنى
التحتية والصحة.
التعاون
الياباني المصري
كشفت
وزارة الصناعة والتجارة، في يونيو الماضي، عن تحقيق حجم التبادل التجاري بين مصر
واليابان زيادة عن العام الماضي قدرها ٣٠.٥%، وهو مايقدر بنحو مليار ٢٦٥ مليون
دولار، مقارنة ب ٩٦٩ مليون دولار خلال عام ٢٠١٧.
وأشارت
وزارة الصناعة والتجارة إلى أهم الصادرات المصرية لليابان متمثلة في البترول
والملابس الجاهزة والسجاد والقطن بينما تمثلت الواردات من اليابان في السيارات
والجرارات والآلات والأجهزة الكهربائية والحديد والصلب والبلاستيك.
وتعمل
طوكيو في عدة مشروعات في مصر، منها المساعدة في استخراج الغاز الطبيعي قبالة
السواحل المصرية، وفي مجالات تنقية المياه والصرف الصحي، إضافة إلى مشروع الخط
الرابع لمترو الأنفاق الممول من قبل هيئة "الجايكا" اليابانية، ومشروع
طاقة الرياح فى خليج السويس، ومشروع التنقيب عن الغاز في المياه العميقة كما تهتم
شركة "ميتسوبيشي" بمشروع إنشاء محطة لتوليد الطاقة من الفحم، فضلاً عن
المنح الطارئة لمواجهة الكوارث الطبيعية.
التعاون
الياباني مع شمال أفريقيا
تقلص
حجم التبادل التجاري بين اليابان والجزائر من ٢ مليار دولار سنوياً إلى ٤٠٠ مليون
دولار في ٢٠١٨، نتيجة لإجراءات وقوانين التجارة الخارجية للجزائر، وتقوم اليابان
بتصدير السيارات والآلات والمعدات ومواد الفولاذ إلى الجزائر، في المقابل تستورد
اليابان منها المواد الخاصة بالمحروقات.
وساهمت
اليابان في إنشاء وتطوير الاقتصاد الجزائري بإنشاء محطة تكرير للبترول في مدينة
"أرزيو"، كما يتعاون البلدان في مجال الطاقات المتجددة، مثل برنامج
"اس اس بي" المتعلق بإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية التي
تتميز بها الجزائر.
وفي
تونس، ساهمت اليابان في إنشاء مشروع محطة لتوليد الكهرباء في "رادس"، كما
ساهمت في تمويل مشروع حماية مدن وادي مجردة من الفيضانات وبناء محطة تحلية مياه
البحر في مدينة صفاقس، وغيرها من المشاريع التنموية.
بينما
في المغرب، ساهم التعاون الاقتصادي بين البلدين في إنجاز العديد من المشاريع ذات
الصبغة الفلاحية، منها مشروع ري دائرة عبدة دكالة - الجزء الثاني، وتمويل المشاريع
الصغيرة، وتهيئة ساقيات المياه لاستعمالها في الري التقليدي، وانشاء شركة
"فوروكوا إليكتريك" لصناعة الكابلات والألياف البصرية في طنجة.
وفي
ظل حرص اليابان على الاستثمار في أفريقيا وتقديم المساعدات لدول القارة، شمل الدعم
الياباني دول موريتانيا والسودان وليبيا والنيجر وتشاد ومالي، حيث أعلنت
"طوكيو" في وقت سابق تقديمها نحو ٧٥٠ مليون يورو كمساعدات بهدف عودة
الاستقرار من أجل بعث الاطمئنان للشركات اليابانية الراغبة في الاستثمار في
أفريقيا إلا أن غياب الأمن والاستقرار يحول دون ذلك.
من
جانبه، علّق الخبير الاقتصادي، الدكتور حسني الخولي على أهمية مؤتمر "التيكاد"
بالنسبة لمصر قائلاً: "مصر تتحرك غرباً وشرقاً، وها هو الرئيس السيسي بعد
انتهاء قمة السبعة الكبار بفرنسا يتجه إلى اليابان للمشاركة في افتتاح القمة
السابعة لمؤتمر طوكيو الدولي السابع للتنمية الأفريقية، تلك القمة رفيعة المستوى
التي تنظمها اليابان لدعم أفريقيا وتطلعاتها التنموية، وحشد الدعم الدولي لتنمية
أفريقيا وتعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين أفريقيا وشركائها للتنمية، بغية
تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات والابتكار، وتعزيز الأمن والاستقرار
والسلام بأفريقيا، بحضور رفيع المستوى من الجهات الدولية الداعمة، وفى مقدمتها
الأمم المتحدة وبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة ومفوضية الاتحاد الإفريقي
والبنك الدولي".
وأضاف
"الخولي": "يمثل مؤتمر "تيكاد ٧" أهمية كبري لمصر
وأفريقيا، فالتاريخ يؤكد أن اليابان كانت من أوائل الدول التي قدمت المنح
والمساعدات إلى القارة الإفريقية، ومصر بحكم تاريخها وثقلها السياسي والتاريخي،
إضافة الى رئاستها للاتحاد الأفريقي، تشارك في هذا المؤتمر، وهو ما يزيد من ثقلها
ويعزز دورها الإفريقي، ويزيد من حجم التبادل التجاري والاستثماري مع الدول
الأفريقية جنياً للجهود السابقة المتمثلة في الاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي
عقدتها مصر مع معظم الدول الأفريقية ومنظماتها".
وتابع
"الخولي" قائلا إن "هذه القمة تضيف خصوصية لمصر تتمثل في التحول
لإشراك القطاع الخاص وقطاع الأعمال في التنمية، ما يفتح الباب لشركاتنا ورجال
الأعمال المصريين لتوسع أعمالهم، وبالتالي فتح أسواق جديدة في أفريقيا، إضافة إلى
جذب الشركات عابرة القارات للاستثمار والإنتاج في المناطق الصناعية والاستثمارية
الجديدة في محور قناة السويس وغيرها، ثم تصريف منتجاتها في السوق المصري والأفريقي
الكبير".
واستطرد
"الخولي": "يُعرف عن اليابان أنها شريك تجاري نزيه تعتمد في
شراكاتها مبدأ "رابح _ رابح"، وهي من أوائل الدول المانحة لإفريقيا،
واستثماراتها قديمة ومتنوعة سواء في مصر أو افريقيا، ويكفي التزامها الأخير في
مؤتمر طوكيو الدولي السادس لتنمية أفريقيا "تيكاد ٦" الذي عقد للمرة
الأولى على أرض إفريقية في العاصمة الكينية نيروبى بمشاركة ٥٥ دولة أفريقية، وباستثمارات
نحو 30 مليار دولار في القارة خلال ثلاث سنوات بينها عشرة مليارات في البنية
التحتية".
وختم
"الخولي" آملاً أن تتكرر تلك الجهود من دول الشمال الغني التي سبق أن
استنفدت الموارد الإفريقية في صورتها الأولية، وأن يستفيد الأفارقة من تلك الفرصة
لتوطين الصناعة، وزيادة نسب المكون المحلي لخلق المزيد من فرص العمل، وزيادة
معدلات النمو لمكافحة الفقر والجهل والمرض.