تباينت الآراء حول قانون التأمينات
الاجتماعية الجديد، رقم 148 لسنة 2019، عقب تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسي عليه،
ونشره في الجريدة الرسمية، الأسبوع الماضي، وعلى الرغم من تأكيد المعنيين بالعمل
والعمال وأصحاب المعاشات، على أن القانون الجديد يحقق الطموحات المطلوبة منه، إلا
أن البعض رأى أن القانون أغفل نقاطاً مهمة، على رأسها العمالة غير المنتظمة.
اتهامات بتجاهل العمالة غير المنتظمة
من جانبه، قال كامل السيد، خبير
التأمينات الاجتماعية ووكيل وزارة التأمينات سابقًا، إن القانون الجديد الذي صدر
بشأن أصحاب المعاشات جيد، لافتاً إلى أن هناك بعض الأمور كان يجب أن يتم الاهتمام
بها في القانون، مضيفًا لـ"الرئيس نيوز ": "القانون تجاهل العمالة
غير المنتظمة، حيث لم يقدم المشروع حلاً للتأمين على العمالة غير المنتظمة
والمنخفض وعيها التأميني، والتي لا تعمل لدى صاحب عمل ثابت ولا في مكان واحد أو
معلوم والتي كان السيسي قد طالب مراراً بصدور تشريع تأميني يوفر لها الحماية
التأمينية والصحية.
من جانبه، قال إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي، إن العمالة غير المنتظمة تحتاج إلى نظرة حقيقية في القانون الجديد، لأن تلك العمالة لن تتمكن من دفع مبلغ مادي للتأمين عليها، ولأنهم مجرد مجموعة من "الأرزقية"، أي انهم يعملون يوماً ولا يعملون اسبوعًا، مضيفًا أن الرئيس السيسي سبق ووجه بضرورة الاهتمام بتلك الفئة.
في المقابل قال محمد وهب الله، الأمين العام لاتحاد عمال مصر، عضو لجنة القوى العاملة في مجلس النواب إن مشروع قانون التأمينات الجديد، فك التشابكات المالية بين الخزانة وأصحاب المعاشات والتوجيه بإعادة أموال التأمينات إلى أصحابها، والتي تقدر بأكثر من 850 مليار جنيه، وهو توجيه من القيادة السياسية للدولة.
وأضاف محمد وهب الله، لـ"الرئيس نيوز" : "أموال التأمينات ستدار بشكل مستقل تعود بالنفع على الدولة وخزانتها بدخل كبير، ويمكن أن تسهم في زيادة المعاشات بعد ذلك بسهولة، كما أن ضياع أموال المعاشات بدأ منذ عهد يوسف بطرس غالي، عام 2008 بسبب ضمه أموال التأمينات إلى الموزانة العامة".
وتابع الأمين العام لاتحاد عمال مصر، أنه وفقًا للقانون الجديد فإنه لن يتم اعتماد الموازنة العامة لأي سنة إلا اذا تم تطبيق 16 مليار ونص سنوياً تذهب إلى صندوق التأمين الاجتماعي والمعاشات، مؤكداً أن القانون الجديد حقق طموحات أصحاب المعاشات.
لم يعرض على الحوار المجتمعى
أشار كامل السيد إلى أن من أبرز عيوب
القانون الجديد هو انتهاء البرلمان والحكومة منه دون عرضه على "الحوار
المجتمعي" وجلسات الاستماع، ومن دون مشاركة أصحاب المصلحة الحقيقيين ولا
الجهاز المركزي للمحاسبات كجهة محايدة لتحديد رصيد المال الاحتياطي للتأمين
الاجتماعي لدى الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومي وصندوق معاشات القوات
المسلحة، علماً بأن المادة 17 من الدستور تقرر أن أموال التأمين الاجتماعي أموال
خاصة بالمؤمن عليهم تتمتع بنفس حماية المال العام وهو نفس ما أكدت عليه المادة 109
من مشروع القانون .
الحرمان من مدة التأمين المشتراه فى حالة المعاش المبكر
أوضح خبير التأمينات، أن القانون
الجديد وضع شروطًا صعبة للمعاش المبكر، حيث أنه اشترط 25 سنة مدة تأمينية كما حرم من يقوم بمعاش مبكر من
الاستفادة من المدة المشتراة، لافتًا إلى أن القانون الجديد سمح للمؤمن عليه عند
خروجه للمعاش أن يطلب استبدال جزء من معاشه بمبلغ نقدي يصرفه دفعة واحدة، ولمرة
واحدة ليقل معاشه بقيمة 50 % من قيمة المعاش الكلي، وهذا يشجع البعض على فعل ذلك
تحت وطأة الحاجة لتستمر معاناته من تدني قيمة معاشه طالما كان حيا في ظل ارتفاع
تكلفة الحياة والمستحقين لمعاشه من بعده.
حالات منع المعاش فى حالة الأطباء
قبل أسابيع من انعقاد انتخابات نقابة
الأطباء، والمقرر لها يوم الجمعة الثاني في شهر أكتوبر المقبل، سادت حالة من الغضب
أوساط الأطباء، بعد إقرار قانون التأمينات الجديد، وتجاهل مطالب الأطباء
ونقاباتهم، التي أبدوها حول ما يتعلق بحالات منع المعاش المستحق، وتحديدًا المادة
التي نصت: "الالتحاق بأي عمل والحصول منه على دخل صاف يساوي قيمة المعاش أو
يزيد عليه، فإذا نقص الدخل عن المعاش صـرف إليه الفرق في تاريخ التحاقه بالعمل ثم
في يناير من كل سنة، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون المقصود بالدخل
الصافي".
وقال الدكتور أسامة عبدالحي، وكيل
نقابة الأطباء، إن معاش الطبيب يتم خصمه منه طوال فترة عمله، وليس معونة يحصل
عليها من أحد، وتساءل عبدالحي: هل هناك عاقل يتصور أن الطبيب يمكن أن يعيش
بمعاشه؟، مؤكدًا أن العيادات الخاصة بالنسبة للطبيب هي لتحسين الدخل.
وأضاف عبدالحي، لـ "الرئيس
نيوز" أن موقف النقابة واضح تماماً من القانون الجديد، وهو الرفض، مشيرًا إلى
أنهم أبدوا ملاحظاتهم على القانون منذ 6 أشهر، لكن لم يعتد بها، وأكد وكيل نقابة
الأطباء، أن ما يدفع الأطباء إلى السفر، ما يُسبب حرمان المواطنين من الأطباء
الأكفاء.
في المقابل، أوضح سعيد الصباغ، رئيس
النقابة العامة لأصحاب المعاشات، أن هناك خلطاً بين المادة 102 والمادة 103، حيث
أن المادة الأولى خاصة بأصحاب المعاشات أما الثانية فتخص مستحقي المعاشات أي
ذويهم.
وقال سعيد الصباغ، إن المادة
"102" من القانون أكدت أنه إذا توافرت في أحد المستحقين شروط الاستحقاق
لأكثر من معاش من الهيئة ومن الخزانة العامة، فلا يستحق منها إلا معاشًا واحدًا
وتكون أولوية الاستحقاق وفقًا للترتيب الآتي : (المعاش المستحق عن نفسه - المعاش المستحق عن الزوج أو الزوجة - المعاش المستحق عن الوالدين - المعاش المستحق
عن الأولاد - المعاش المستحق عن الإخوة والأخوات) وإذا كانت المعاشات مستحقة عن
مؤمن عليهم أو أصحاب معاشات من فئة واحدة فيستحق المعاش الأسبق في الاستحقاق، وإذا
نقص المعاش المستحق وفقاً لما تقدم عن المعاش الآخر أدى إليه الفرق من هذا المعاش،
على أن يتم تحديد مدى استحقاق الفرق من المعاش الآخر وقيمته في ضوء تطور قيمة كل
من المعاشين في أي تاريخ لاحق إعمالاً لنصوص هذا الباب، وتحدد اللائحة التنفيذية
لهذا القانون ضوابط وإجراءات تطبيق هذه المادة.
وتابع رئيس نقابة المعاشات :
"المادة "103" يوقف صرف معاش المستحق في الحالات الآتية: (الالتحاق
بأي عمل والحصول منه على دخل صاف يساوي قيمة المعاش أو يزيد عليه، فإذا نقص الدخل
عن المعاش صـرف إليه الفرق في تاريخ التحاقه بالعمل ثم في يناير من كل سنة، وتحدد
اللائحة التنفيذية لهذا القانون المقصود بالدخل الصافي، ومزاولة مهنة تجارية أو
غير تجارية منظمة بقوانين أو لوائح لمدة تزيد على خمس سنوات متصلة أو متقطعة ويعود
الحق في صرف المعاش في حالة ترك مزاولة هذه المهنة اعتباراً من أول الشهر التالي
لتاريخ ترك المهنة، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون حالات وشروط مزاولة
المهنة).
وأكد الصباغ، أن من حق أصحاب المعاشات
أن يعلموا كيفما يشاؤوا دون تأثير على معاشهم، مطالبًا الغاضبين من القانون الجديد
بقراءة جيدة له.
البرلمان يرد على اتهامات قانون المعاشات
من جانبه، قال النائب محمد وهب الله،
وكيل لجنة القوي العاملة في مجلس النواب، إن الطبيب الذي يسعي لتسويه معاشه مبكرًا
على سن الخمسين تتم إجراءاته وفق
القانون ويحصل على معاشه دون أي توقف، وهو ما كان منصوص عليه في القانون
الماضي، وقانون التأمينات والمعاشات الجديد، وأضاف: "لكن في حالة امتلاكه
لعيادة خاصة أو مركز طبي، يكون هناك
إشكالية متعلقة في أن القانون بهذه الحالة ينظر له على أنه لا يزال في الخدمة،
والأمر لا يعدو كونه انتقال من فئة لأخرى داخل الدائرة التأمينية".
جاء ذلك في حديثه لـ"الرئيس
نيوز" بشأن ما أثير مؤخرًا فى أن قانون المعاشات الجديد يوقف المعاشات
في حالة العمل بمهنة أخري بعد الخروج من المعاش، مؤكدًا علي أن وضعية الطبيب
المالك للعيادة مختلفة، وبالتالي القانون ينظر له فى حالة المعاش المبكر فى
أنه انتقل من حيز الموظف الحكومي لحيز
صاحب العمل ، ومن ثم يتطلب منه أن يستمر
فى دفع المستحقات التأمينية حتى الوصول إلي سن الستين وهو سن المعاش الذي
ينص عليه القانون والمنتظر أن يتدرج حتى 65 بحلول 2040.
ولفت إلى أن القانون الجديد لا يوقف
صرف معاش للطبيب الذي يريد تسويه معاشه مبكراً، لأنه لم يتم صرف المعاش من الأساس
في حالة الملكية لمنشأة طبيبة، مشيراً إلى أنه قد يوجد طبيب رأى التسوية للمعاش
مبكراً وذهب للعمل مستشاراً طبياً في أي
جهة ما، يستطيع أن يسوي معاشه بشكل قانوني ويحصل عليه دون أي عراقيل لأنه في هذه
الحالة لن يكون "صاحب عمل"، ويحصل على راتبه الجديد بكل سهولة وقانونية
أيضاً، الأمر لا يخرج عن كونه متعلق بملكية منشأة طبية يخاطبها القانون الماضي
والجديد في أن من يملك مؤسسة يكون صاحب عمل داخل الدائرة التأمينية حتى سن الستين
والمقرر رفعه لـسن 65.
وأكد وهب الله: "في حالة التسوية
على السن القانوني للمعاش وهو 60 والمنتظر
أن يصل لـ 65، تتم الإجراءات بشكل ثلث ويحصل الطبيب على معاشه دون توقف، حتى لو
يمتلك عيادة أو أكثر أو أي من المنشآت الطبيبة أو يعمل بأي جهة خاصة أخرى، ويحصل
علي رواتبه الأخرى بكل حرية وقانونية، مؤكداً أن الإشكالية الخاصة بالطبيب متعلقة
بالمعاش المبكر فقط، وخلاف ذلك تتم الأمور بكل قانونية.واختتم حديثه قائلا:" مفيش
حاجة اسمها وقف معاش للأطباء، هي
إشكالية متعلقة بالمعاش المبكر في
حالة امتلاك العيادات فقط وفى حالة عدم الامتلاك يتم التسوية بشكل قانوني".