"إدلب" تتأهب للنصر على الإرهاب.. وأردوغان يسعى للمناورة في موسكو
قبل يوم واحد من زيارة رجب طيب أردوغان المرتقبة لروسيا، قطعت موسكو الطريق على الرئيس التركي، ورفضت مناشداته لها بوقف تقدم الجيش السوري، نحو إدلب، آخر معاقل الجماعات الإرهابية التي تدعمها تركيا، لتحرير المدينة التي يسيطر على نحو 90% منها عناصر جماعة "جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقًا) الإرهابية.
وبينما
تطوق عناصر الجيش السوري عناصر من الجماعات الإرهابية، ومقاتلين من المعارضة، إلى
جانب موقع عسكري تركي في شمال غرب سورية يدعى (مورك)، في هجوم لاستعادة الأراضي
والبلدات التي فقدتها في بدايات الحرب، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير
الخارجية سيرجي لافروف قوله اليوم الاثنين إن "هجوم الحكومة السورية في إدلب
المدعوم من روسيا لا يخالف أي اتفاقات مع تركيا".
ولطالما
برر أردوغان جهوده في الدفاع عن المدينة؛ للحيلولة دون سقوطها، بأن تحرير إدلب من
قبل الجيش السوري، سيترتب عليه مأساة إنسانية، لا يمكن استيعابها. فيما تستغل
العناصر الإرهابية الموقع الاستراتيجي للمدينة وتستخدمها في قصف العاصمة دمشق،
وأريف حلب وحماة، فضلًا عن القاعدة الروسية "حميميم".
وتدرك
أنقرة أن خسارة إدلب، تعد بمثابة خسارة لجهودها طيلة السنوات الثامن الماضية، من
دعم للجماعات الإرهابية تارة، وما تعرف بـ"المعارضة المسلحة" تارة أخرى؛
لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وأن دخول الجيش السوري لتلك المنطقة الاستراتيجية،
لم يعد أمامه إلا منطقة الشمال التي تحتلها تركيا منذ فبراير 2018، إذ أطلقت ما
يعرف بـ"غصن الزيتون" وتطلق يد الجماعات الإرهابية فيها لـ"تتريكها".
أصدر
الكرملين، بيانًا أكد فيه أن الرئيس فلاديمير بوتين يتفهم مخاوف نظيره التركي رجب
طيب أردوغان، لكنه يشعر بقلق مماثل بشأن هجمات المتشددين في محافظة إدلب السورية
والتي ينبغي وضع حد لها.
وقال
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين: "قال بوتين مرارا وتكرارا إنه
يتفهم مخاوف رفاقنا الأتراك… لكن في الوقت ذاته لا يزال الرئيس… قلقا من نشاط
العناصر الإرهابية في إدلب والذي ينبغي القضاء عليه وتدميره".
ومنذ
سبتمبر 2018 يسعى أردوغان لإقناع بوتين بالضغط على دمشق لوقف اجتياح المدينة،
تمهيدًا لتحريرها من العناصر الإرهابية، وبالفعل تمكن من إبرام اتفاق مع موسكو
يقضي باعتبار إدلب من مناطق خفض التصعيد، لكن الاتفاق كان يقضي أيضًا بإلزام تركيا
بإنهاء أي تواجد للعناصر الإرهابية في المدينة في إشارة إلى (جبهة النصرة) لكن
أنقرة لم تلتزم بذلك، وتركت الساحة للجماعة الإرهابية حتى سيطرت على 90% منها.
وتشارك
روسيا في الهجوم السوري على المدينة؛ إذ نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية
للأنباء عن وزير الخارجية سيرجي لافروف إقراره بوجود عسكريين روس على الأرض في
محافظة إدلب. كما يلعب الطيران الروسي دورًا كبيرًا في حسم المعارك.
كانت
فصائل متشددة ومعارضة انسحبت من مدينة خان
شيخون الاستراتيجية في جنوب إدلب، ومن ريف حماة الشمالي المجاور، لتصبح أكبر نقطة
مراقبة تركية موجودة في المنطقة بموجب تفاهم بين أنقرة وموسكو (مورك) تحت مرمى
نيران قوات النظام، بعدما بدأت قوات الجيش السوري والعناصر الرديفة له (عناصر حزب
الله والحرس السوري) في تطويق تلك النقطة.
سيحاول
أردوغان مع بوتين، في البداية إقناعه بوقف اجتياح المدينة، ومن المؤكد ان موسكو
سترفض ذلك، ولعل جميع التصريحت الصادرة من المسؤولين الروس تؤكجد ذلك.
ولم
يعد أمام الرئيس التركي إلا بحث كيفية فك حصار أتباعه في نقطة "مورك"
للمراقبة، التي تعد أخر نقطة مراقبة تبعد عن الأراضي التركية بنحو 88 كيلومتر،
وكذلك محاولة تأمين بقية نقاط المراقبة، الـ11 الأخرى.
ومن المرجح أن يصل الرئيسان إلى اتفاق مؤقت بوقف إطلاق النار، لحين سحب تركيا عناصرها من القاعدة، وإعادة تموضع عناصرها في بقية النقاط.