سليمان جودة يكتب: تحقيق رئاسي مطلوب!
يتداول الأصدقاء ما يشبه النكتة عن اليابان، وكيف أنها لم تفشل فى تاريخها المعاصر كله فى شىء، إلا فى افتتاح مدارسها فى مصر!
المعنى شديد القسوة، وأعتقد أن الرئاسة لا يرضيها أن يقال كلام كهذا، عن مدارس كان الرئيس قد وقّع اتفاقيتها بيده، مع رئيس الوزراء اليابانى. وأعتقد أيضاً أن رئاسة الجمهورية مدعوة، لثلاثة أسباب، إلى فتح تحقيق سريع حول أسباب تعثر الفكرة فجأة هكذا، بعد أن كنا نُعلق عليها آمالاً كبيرة!
السبب الأول أن اتفاقية المدارس تحمل إمضاء رئيس الدولة شخصياً، لا إمضاء رئيس الحكومة.. مثلاً.. أو إمضاء الوزير المختص بالموضوع!
والثانى أن الوزير المختص خرج من لقاء مع رئيس الجمهورية ليعلن، مباشرةً، إرجاء الدراسة فى المدارس التى كان من المفترض افتتاح مائة مدرسة منها هذه الأيام، إلى أجل غير مسمى!
والثالث أن استخدام عبارة «أجل غير مسمى» فى تأجيل الدراسة يوحى بإلغاء الفكرة، لا تأجيلها، وهو شىء أظن أنه سيعطى اليابانيين انطباعاً عنا أقرب إلى عدم الجدية منه إلى أى شىء آخر!
ولا أظن أن الرئاسة سيسعدها أن يؤخذ عنا مثل هذا الانطباع، لدى الإخوة فى اليابان، أو فى غير اليابان.. وإذا كنت أضع رئاسة الدولة فى كل جملة مفيدة عن القضية، فعذرى أنها طرف مباشر فى الموضوع منذ بدايته، عندما وقّع الرئيس الاتفاقية، كما أنها طرف مباشر كذلك، فى الموضوع ذاته، عند نهايته، أو ما يمكن أن يكون نهايته، حين خرج الوزير من عند الرئيس ليعلن خبراً لم يكن ساراً بكل تأكيد للجانب اليابانى، ولا لأولياء أمور ١٨٠٠ طالبٍ، كانوا قد تقدموا بأوراقهم إلى المدارس، فوجدوا أنفسهم فى عرض الشارع، ولا بالطبع لكل مهتم بشأن التعليم فى البلد.. فكل هؤلاء قد صدمهم الخبر!
والرئيس يعلم بالقطع أن الاتفاقية تنص على افتتاح ٢١٢ مدرسة يابانية فى مصر، خلال عامين دراسيين على وجه التحديد، أحدهما العام الذى بدأ هذا الشهر، وكان مُخططاً له، فى ١٥ يناير الماضى، أن يشهد افتتاح ١٠٠ مدرسة، وكان العمل فيها يجرى عند البداية فى همة بالغة، وثانيهما العام الدراسى المقبل.. فإذا بنا الآن صفر اليدين من أى مدرسة!
أداء من هذا النوع لا أتصور أنه يُرضى الرئيس ولا السادة الذين يحيطون بالرئيس، ولا الرئاسة، كمؤسسة تعرف الانضباط، فيما توقّع عليه، أو تتبناه، أو ترعاه!
ولا بد أن الذى أدى بهذا المستوى فى ملف المدارس اليابانية، فى داخل وزارة التربية والتعليم، سيؤدى بالمستوى نفسه فى سائر الملفات داخلها، وسوف يكون شيئاً جيداً للغاية أن يخضع الموضوع لتحقيق رئاسى معلن، يُعيد للانضباط قيمته فى العمل العام.
نقلا عن المصري اليوم