الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

في ذكري يوليو السياسة الخارجية بين عبدالناصر والسيسي

الرئيس نيوز

 عبدالناصر أدرك أن أمن مصر يعتمد على النيل والتقارب العربى.. والسيسي تبني سياسة خارجية براجماتية على المستويات كافة


دائماً ما تكون سياسة مصر الخارجية تجاه بيئتها الإقليمية والدولية، نتاج عوامل موضوعية كامنة في ظروفها وأوضاعها التاريخية والجغرافية والثقافية والديموجرافية، غير أن مثل هذه العوامل الموضوعية لا تستبعد الطابع والتأثير الشخصي للقادة المصريين في تشكيل سياساتها الخارجية وبشكل خاص خلال تاريخها الحديث.

وبمناسبة ذكرى ثوة 23 يوليو يستعرض "الرئيس نيوز" الاتجاهات الرئيسية لسياسة مصر الخارجية في عهدي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وذلك سياق البيئة الإقليمية والدولية والواقع المصري.

عبدالناصر:

"ينبغي أن نقرر سياستنا وفقاً لما نعتقده، لا وفقا لما يرضي هذه الدولة أو تلك". ليست الكلمات السابقة مجرد خطبة سياسية لرئيس لتعبئة الجماهير أو إثارة إعجاب الحاضرين، ولكنها كانت بمثابة خطة عمل سياسية انتهجها عبدالناصر تعبيراً عن عدم رضائه على بقاء وطنه تابعاً للقوى الكبرى، تحركه كما تشاء من دون أي اعتبار لمصالح ورغبات شعوبه.

ومن ثم  شارك عبدالناصر في تأسيس حركة عدم الانحياز كتعبير عن رغبات دول العالم الثالث في الاستقلال عن دول العالم الأول، تحقيقاً لاستقلالها السياسي، وللابتعاد عن شبح التبعية بصورها المختلفة الاقتصادية للكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة ودول الاستعمار الأوروبي، والاجتماعية العقائدية تحت لواء الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية. وكذلك شارك السيسي في اجتماعات الـ 77 لدول الجنوب.

القيادي الناصري، حامد جبر قال لـ"الرئيس نيوز" إنه على الرغم من نظرة البعض للسياسة الخارجية المصرية باعتبارها سياسة انحيازية تجاه الكتلة الشرقية، بصورة أو بأخرى، حيث كان سلوكها الدولي والخارجي تجاه الكتلة الغربية يتسم بصراع يفوق سلوكها تجاه الكتلة الشرقية، وذلك لاعتبارات سياسية وثقافية أهمها الربط في المخيلة الرسمية المصرية بين الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة وبين الاستعمار الأوروبي ممثلا في بريطانيا وفرنسا، وهو ما ثبت صحته فيما بعد.

وأضاف جبر أن: السياسة الخارجية لمصر الناصرية أضحت إحدى أقوى الأدوات في تحقيق المصالح القومية المصرية والعربية، مشيرا الى أن معاداة عبدالناصر للهيمنة الاستعمارية الغربية ومساعيه الصادقة نحو تحقيق الوحدة العربية، والتكامل الإقليمي، إلى جانب مساندة كل حركات التحرر الوطني في كل أرجاء العالم الثالث جعلت مصر تلعب دوراً قيادياً ومحورياً في قيادة حركة عدم الانحياز بصورة باتت تهدد التوازن الدولي الموجود آنذاك، فضلاً عن نجاح عبدالناصر في تحقيق آمال وطموحات الشعب المصري في تحقيق الاستقلال والتنمية عن طريق السياسة الخارجية، بصورة باتت معها مصر هي الجائزة التي لم تستطع كلا الكتلتين استقطابها لجانبها، وإن بدا أن مصر منحازة للكتلة الشرقية.

ويري أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، جهاد عودة، أن عبدالناصر استطاع بفضل سياسته الخارجية في تحقيق المصالح والطموحات القومية المصرية داخلياً وخارجياً من جانب، ووضع مصر في مكانة إقليمية ودولية متميزة طوال عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين، قائلاً: "مصر حققت انتشار في الدوائر الثلاث التي وضعها عبدالناصر (العربية والافريقية والإسلامية) لتحديد مسارات وتوجهات السياسة الخارجية المصرية، وبصورة باتت معها مصالح القوى العظمى الموجودة في المنطقة مهددة بشكل كبير."

السيسي

بدوره قال الخبير في الشؤون العربية والاقليمية بمركز دراسات الشرق الاوسط، الدكتور حسين بحيري لـ"الرئيس نيوز": تتسم توجهات السياسة الخارجية الحالية لمصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي بالعمل على مسارين متوازيين، هما تعزيز العلاقات والحفاظ على المصالح الوطنية المصرية وحل الأزمات، أما المسار الأول فيتمثل في تبني سياسة خارجية براجماتية تعمل على توطيد وتعزيز العلاقات الثنائية على كافة المستويات (السياسية والاقتصادية والعسكرية) مع كافة الدول العربية ولا سيما دول الخليج العربي، حيث شهدت العلاقات الثنائية مع كل من السعودية والإمارات تطوراً ملموساً منذ تولي السيسي الحكم، وتمت ترجمة ذلك في اتفاقيات التعاون السياسي والاقتصادي المشترك بين مصر وهذه الدول.

وأضاف بحيري: يركز المسار الثاني للسياسة الخارجية المصرية على الإنفتاح على أزمات المنطقة العربية ومحاولة حلها ومنها الأزمة اليمنية والأزمة الليبية، وكذلك تطورات الأزمة السياسية الراهنة في السودان، وذلك من خلال مسارات الحركة التي تتخذها مصر حالياً من خلال مساعدة هذه الدول على تجاوز أزماتها الداخلية، ومن الجدير بالذكر أن نجاح توجهات السياسة الخارجية لمصر في عهد الرئيس السيسي قد ساعد مصر على إعادتها إلى مكانتها ودورها الرائد على المستويين العربي والأفريقي.

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، د. حسن سلام، أن السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، من أفضل السياسات الخارجية على مدار تاريخ مصر، مشيرا إلى أن تعامل السيسي مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا يتسم بالحذر الشديد.

وأضاف سلام: السياسة الخارجية المصرية شهدت دفعة قوية لا مثيل لها من قبل تحت قيادة السيسي، والذي وضع أسس السياسة الخارجية لمصر بعد ثورة 30 يونيو، والتي تقوم على عدة مبادئ، وهي الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، والانفتاح على كافة الدول لإقامة علاقات دولية تتسم بالتوازن وعدم الانحياز لدولة على حساب دولة أخرى، والانطلاق من محددات مدى استعدادا الأصدقاء للتعاون مع مصر وتحقيق مصالح الشعب المصري. لافتا الى أن هناك اهتماما كبيرا بالقارة الإفريقية وتطوير مؤسسات القارة.

أستاذ العلوم السياسية، الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أيمن عبدالوهاب، قال لـ"الرئيس نيوز": إن عبدالناصر استفاد من فترة الحرب الباردة، والسيسي استفاد من التناقضات في المصالح الحالية بين القوي العظمى، فالأول لجأ إلي الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي، عندما رفض الغربي تزويده بالسلاح وتمويل السد العالي، وكذلك السيسي الذي قام بتنويع مصادر السلاح بين روسيا في المعسكر الشرقي وفرنسا وإيطاليا وألمانيا في المعسكر الغربي، مشيراً إلي أن الحديث عن سلبيات وإيجابيات فترتي عبدالناصر والسيسي والمقارنة بينهما أمر غير صحيح.

وأضاف عبدالوهاب: عبدالناصر والسيسي جعلا مصر قوة لها كلمة مسموعة فى العالم الثالث، من خلال السياسات التى اتبعها كلا الرئيسيين، والسياسة الأمريكية ترفض انتهاج السيسي لنهج عبدالناصر، تحت شعار "لا ينبغى أن يكون هناك فى مصر ناصر مرة أخرى"، ولهذا فإن الولايات المتحدة انزعجت عندما رفع متظاهرون فى 30 يونيو و4 يوليو 2013 صورة السيسى إلى جوار صورة عبدالناصر.