في المهجر.. أحمد فؤاد الثاني: "ملك بلا عرش ولا مملكة"
يحرص آخر ملوك مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952، أحمد فؤاد الثاني، الذي احتفل في 2019 بعيد ميلاده السابع والستين (وُلِدَ في 16 يناير 1952)، على أن يستمتع بحياة هادئة خالية من الضوضاء والصخب بمنزله المنعزل في الريف السويسري، الذي استأجره منذ صيف 2011 إلى الآن، وهو شغوف بقراءة كتب التاريخ، ويهتم بالنباتات والزهور في حديقته ويتجول في الماضي. وتحيط به تذكارات أجداده من اللوحات الزيتية، والتماثيل النصفية والنياشين والأوسمة والصور الفوتوغرافية القديمة بالأبيض والأسود لأعضاء الأسرة العلوية. واحدة من ممتلكاته المفضلة هي صورة لوالده، ملك مصر فاروق، محييًا الحشود بمناسبة تتويجه عام 1937.
ويقول البعض إنه يشبه ملامح وجه والده فاروق، فطوله
حوالي 182 سم، وله نفس البشرة الفاتحة، ومع ذلك يقول المقربون منه إنه لم يرث
شخصية والده الراحل في سماته الشخصية. وهذا ما أكده بنفسه في إحدى المقابلات:
"لا أحب حضور حفلات الكوكتيل، ولا أذهب أبداً إلى النوادي الليلية".
وقال عدد ممن حضروا معه ورأوه في حفلات الاستقبال إنه يبدو "محرجًا وخجولاً
في وجود غرباء".
غادر أول ابن ذكر للملك السابق مصر، في "لفة"
من القماش المطرز المصنوع من القطن المصري، على متن اليخت الملكي مع والديه وثلاث
أخوات غير شقيقات أثناء فرارهم من البلاد في أعقاب الثورة. وكانت تحمله مربيته
الإنجليزية، وسرعان ما طلبت والدته الملكة ناريمان الطلاق من فاروق وعادت إلى مصر
في عام 1953، فأصر فاروق على أن تترك له ابنها، ثم استقر فاروق في إيطاليا، وأرسل
أطفاله للعيش في قرية سويسرية صغيرة مع الخدم تحت إشراف مربية إنجليزية، ومربية
فرنسية وحارس شخصي ألباني لرعايتهم. لم ير فؤاد والده سوى بضع مرات في السنة.
والتحق بمدرسة عامة في قرية سويسرية، حيث درس مع
أطفال عمال مزارع العنب. في حين لم يتحدث أحد في المنزل عن كونه ملكا، إلا أن
الأطفال الآخرين في المدرسة كانوا يضايقونه، لانتمائهم إلى طبقات رقيقة الحال، ولم
يتمكن منتجنب مضايقاتهم على الرغم من أن حارسه الشخصي الألباني كان يرافقه من وإلى
المدرسة كل يوم. في وقت لاحق، وربما عندما انتبهت الأسرة إلى تلك المضايقات، تم
إرسال فؤاد إلى "لو روزي"، وهي مدرسة داخلية سويسرية للنخبة.
في عام 1965، توفي فاروق فجأة في روما. كان فؤاد
يبلغ من العمر 13 عامًا وشعر بأنه تحطم، وعن ذلك قال لصحيفة وول ستريت جورنال:
"لقد فقدت أبا عندما كنت في أمس الحاجة إليه".
عندما أصبح شابًا يافعًا، أمضى فؤاد شهور الشتاء
في منتجع جشتاد السويسري، وشهور الصيف في مونت كارلو، حيث كان صديقًا للأمير
رينييه من موناكو. ومع تقدمه في السن، قضى حياة زوجية مليئة بالخلافات انتهت
بالطلاق بعد عشرين سنة، و3 أطفال (محمد علي، وفخر الدين، وفوزية لطيفة) وحياة
مهنية غير مستقرة كانت أبرز سماتها قلة العمل، وعاش محدود الدخل، وحياة شخصية أبرز
سماتها نوبات الاكتئاب.
درس أحمد فؤاد العلوم السياسية بجامعة جنيف، ثم
أتبعها بدراسة إدارة الأعمال، ليقضى معظم حياته بين جينيف وباريس، وبعد أن استقر
به المقام في سويسرا، ظل معتادًا على قضاء إجازاته في باريس، ويعيش حياته بالكامل
من أجل أسرته.
أما هو فيقول إن لديه وظائف كمستشار في مجال
الأعمال، وكذلك في العقارات في باريس، حيث عاش في شارع فوش الراقي. وكشفت صحيفة
"وول ستريت جورنال" عن أنه واجه مشكلة في سداد رهون عقارية، في السنوات
الأخيرة ، واضطر فؤاد بعد سنة 2000 للعيش في شقة صغيرة في مجمع سكني للطبقة
المتوسطة خارج جنيف.
نشأ "مكتئبًا بشكل كبير"، وساهم في
اشتداد اكتئابه وفاة أخواته الثلاث الواحدة تلو الأخرى، وفي 29 نوفمبر 2009، توفيت
أخته الكبرى، الأميرة فريال، التي كانت بمثابة الأم له. وتوفيت والدته ناريمان قبل
ذلك في 2005، وظل لفترة يردد: "الآن ، أنا وحدي".
ويقول إن والده كان لديه موارد يقتات منها، لكنه
حظي بسخاء كبير من آل سعود، ويشكك في الروايات التي تحكى عن الثراء الفاحش لعائلة فاروق،
فجميع أخواته غير الشقيقات ظللن يعملن بمهن مختلفة حتى وفاتهن، عملت إحداهن
كمترجمة، وأخرى ساعدت زوجها في إدارة فندق، والثالثة مترجمة أيضًا. أما بالنسبة
إلى فؤاد، فيقول إنه يتلقى المساعدات السخية من أفراد العائلات المالكة في الشرق
الأوسط، ولا يزال ممتنًا للسعوديين.
"ملك لم يجلس على العرش"، هكذا وصفت صحيفة
"وول ستريت جورنال" الأمريكية فؤاد الثاني، نجل الملك فاروق الأول
والملكة ناريمان، وهو آخر ملوك مصر، وتم منحه هذا الشرف عندما كان عمره ستة أشهر،
وفي 28 فبراير من العام الجاري نشر فؤاد على صفحته الرسمية الوحيدة بموقع فيسبوك
عبارةً تدل على أن مصر قريبة من قلبه ومشاغله فقال: "عاجز عن التعبير عن
شعوري وألمي تجاه حادث محطّة قطار القاهرة. ولا أملك إلّا الصلاة على أرواح من
فقدناهم والدعاء للمصابين بالشفاء"".
وأكثر ما يؤرقه ظهور حسابات مزيفة عبر تويتر ومنصات
التواصل الاجتماعي باسمه أو اكتشافه من يتكلم باسمه "بما لا يتماشى مطلقاً مع
أسلوبه ولا مع اهتماماته ومتابعاته"، وتتابع الصفحة الرسمية لفؤاد الثاني أنه:
"لا يتعاطى الموضوعات السياسية بأي شكل ولا يتدخل في إدارة الدولة المصرية
ولو بالرأي، ولا يتابع كرة القدم على الإطلاق"، ويضجر من الحسابات المزوِّرة
التي يعتقد أنها "تهدف للوقيعة بينه وبين الإدارة المصرية التي لا يكن لها
إلا كل الإحترام بصفتها الإدارة المنتخبة من الشعب المصري لتولّي شؤونه". أما
الهدف من صفحته الرسمية فواضح للغاية: "هذه الصفحة هي الوحيدة التي تمثله ولا
ينشر عليها إلا أخبار الأسرة الإجتماعية وما يلزم من بيانات صحفية".
وسلطت وسائل الإعلام العالمية الضوء على حفل عقد القران الملكي لابنته الأميرة فوزية لطيفة، صغرى أحفاد الملك فاروق الأول وابنة آخر ملوك مصر (اسميًا)، تزوجت الأميرة فوزية لطيفة، 37 سنة، من المهندس الفرنسي سيلفان هونودو، الذي يعمل في إمارة موناكو. أقيم حفل الأسرة الصغير في منزل والدها في جنيف بسويسرا. وكان من بين الحاضرين البارزين ياسمين، ابنة الأميرة فريال، وإخوة العروس، محمد علي وفخر الدين، واقتصر حفل الزفاف على أفراد الأسرة والأصدقاء المقربين. وشوهد فؤاد الثاني في نفس الشهر يحتفل بعيد ميلاده، الأمر الذي ضاعف الاحتفال، وضاعف المرح العائلي.