صحيفة أمريكية: المتحف المصري في التحرير على مفترق طرق
مع انتقال أكثر المقتنيات شهرةً إلى موقع المتحف المصري الكبير الجديد بالقرب من أهرامات الجيزة، أصبح المتحف المصري في ميدان التحرير، وسط العاصمة، على وشك مفترق طرق، ويخشى البعض من أن الإجراءات الحالية لا تستجيب للتحديات الحقيقية التي يواجهها المتحف العتيق.
وكتب دين مولن، بصحيفة
طدايلي بيست" الأمريكية إن عبور الشارع من ميدان التحرير الأيقوني في القاهرة
هو مهمة صعبة في أغلب ساعات النهار بسبب الزحام المروري، وعلى من يغامر أن يتوخى
الحذر لتجنب السيارات المسرعة، لكن المغامرة تستحق لرؤية كنوز احتواها ذلك المتحف
ذو المظهر الكلاسيكي المميز بلونه الوردي والذي يجذب عشاق الحضارة والزائرين منذ
عام 1902، وكلهم يغريهم بزيارته مجموعة فريدة من المقتنيات والكنوز، بما في ذلك
الحلي والمنحوتات والمومياوات التي يلفها الغموض إلى الأدوات الحجرية القديمة
والأشياء اليومية التي كان الفراعنة يستخدمونها.
لكن هذا المتحف الأكثر
شهرة يقترب من مفترق طرق. لقد تم بالفعل تحويل العديد من مقتنياته عبر المدينة إلى
المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه العام المقبل بتكلفة تبلغ مليار دولار،
وسيوفر للزوار عرضًا حديثًا غير مسبوق لجميع الأشياء التي يعود تاريخها إلى مصر
الفرعونية. من المقرر أن يفقد المتحف القديم أهم مقتنياته، وهي مجموعة توت عنخ
آمون الرائعة، وغالبية المومياوات، التي يصنفها الكثيرون في المرتبة الأولى،
ستنتقل قريبًا إلى منافس جديد آخر، وهو المتحف الوطني للحضارة المصرية، الذي افتتح
جزئيًا في عام 2017. والسؤال الذي يراود الكثيرين الآن هو ما إذا كان افتتاح
المتحف المصري الكبير سيمثل عهدًا جديدًا للنشاط الأثري بمتحف التحرير أم سيرسله
إلى طي النسيان، وقالت صباح عبد الرازق، مدير المتحف المصري، إنها متفائلة بشأن
مستقبله. وقابلت مراسل طدايلي بيست" في مكتبها وهو مثال للأناقة المستمدة من
عراقة المكان، حيث تدور مروحة معدنية عتيقة باتزان وتزين الجدران المزخرفة بإطارات
ذهبية تعرض صوراً بالأسود والأبيض لاكتشافات مصرية قديمة رائعة.
وقالت مديرة المتحف
الواقع بميدان التحرير: "سيكون لدينا أشياء فريدة حقًا هنا، فلن تتمكن من
العثور على أشياء متشابهة في أي مكان آخر، مما سيشجع الناس على زيارتنا"، قبل
أن تظهر قائمة تضم 20 من الروائع التي ستبقى في المتحف المصري. وتشمل هذه مجموعة
لوحة نارمر، وهي نقش تذكاري احتفالي عمره 5000 عام؛ وتمثال خفرع، باني الهرم
الثاني بالجيزة؛ ومجموعة تانيس، ومجموعة كبيرة من الأشياء المتلألئة اكتشفت من ستة
مقابر في عام 1939.
المشكلة، وفقًا لكريس
ناونتون، عالم المصريات المشهور ومؤلف كتاب "البحث عن المقابر المفقودة في
مصر"، ليست كم الروائع بل إقناع الزوار بأن المتحف المصري، ناقصًا أكبر وأهم
مقتنياته لا يزال يستحق وقتهم المحدود.
ويضيف ناونتون:
"ليس هناك أدنى شك في أن هناك ما يكفي من التحف الفنية ذات الجودة العالية
للعرض سواء بالمتحف القديم أو المتحف الجديد، إلا أنني أعتقد أن السؤال الأصعب
الذي يتعين على إدارة المتحف الإجابة عليه هو: كيف يمكنهم تجنب وجود متحف جيد ومتحف غير جيد، فجودة العرض
تمثل المقياس الحقيقي."
إن التفوق الذي احرزه
المتحف المصري طوال تاريخه كانت مرتكزًا إلى تجربة الزائر. في الماضي، اشتكى رواد
المتحف من انتشار غرف التخزين، ويجب على إدارة المتحف أن تركز على الإبهار في
العرض لتلقي بريقًا سماويًا على عجائب الآثار، بل غالبًا ما تكون حافظات الآثار
مثل التوابيت على سبيل المثال تحفًا في حد ذاتها، ويستمتع الزائرون بالتجول بينها
فتنقلهم إلى زمن المغامرين الذين يرتدون الخوذات وهم منبهرين باكتشافاتهم الأثرية وهناك صناديق خشبية غير مفتوحة يسرح
معها الخيال، وهذا دور الفنانين والخبراء في إلهاب خيال الزائرين بالمزيد من
الغموض وإثراء تجربة الزائر.
إن المشي في المتحف
المصري يشبه السير عبر التاريخ نفسه، حتى قبل الأخذ في الاعتبار أنه يضم أيضًا
واحدة من أهم المجموعات في العالم