تسوية النزاع بين القاهرة وتل أبيب بشأن الغاز.. وخبراء: نجاح مذهل لدبلوماسية مصر
توصلت مصر والاحتلال الإسرائيلي إلى اتفاق تسوية ينهي نزاعًا طويلًا بشأن قرار مصر إلغاء صادرات الغاز إلى إسرائيل.
وأنهت وزارة البترول مؤخرًا النزاع على الغاز
الذي طال أمده مع إسرائيل بعد توقيع اتفاقية تسوية بقيمة 500 مليون دولار لتعويض
إسرائيل عن وقف شحنات الغاز. بموجب الاتفاق، انخفض التعويض المستحق لإسرائيل من
1.8 مليار دولار إلى 500 مليون دولار.
في 16 يونيو، وقعت المؤسسة المصرية العامة
للبترول (EGPC) والشركة المصرية للغاز الطبيعي القابضة (EGAS) الاتفاقية مع
شركة إسرائيل للكهرباء
(IEC) المملوكة للدولة.
وقالت وزارة البترول في بيان تلقاه موقع "مونيتور"
الأمريكي: "لقد تم الاتفاق على حل النزاع وكذلك تسوية وتقليص مبلغ التعويض".
ستقوم الشركة الإسرائيلية بالتنازل عن جميع
حقوقها الناشئة عن قرار التحكيم الذي صدر لصالحها في عام 2015. يتم دفع مبلغ
التسوية على مدار 8 سنوات، وفقًا للاتفاقية. أيضًا، يحق للشركة إنهاء اتفاقية
التسوية في حالة عدم تلقي مبلغ التسوية.
واعتبر الموقع الأمريكي هذه التسوية بمثابة
نجاح مذهل للدبلوماسية المصرية، فإسرائيل لديها حكم بالفعل، إلا أن التسوية أفضل
بكثير من حيث مردودها على الجانب المصري. وقال ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول
والطاقة في الجامعة البريطانية في مصر، إن مصر تمكنت من تخفيض التعويضات والتوصل
إلى اتفاق تسوية قابل للتنفيذ.
أخبر راغب المونيتور أن تسوية نزاع الغاز بين
مصر وإسرائيل أصبح ضرورة، مع الأخذ في الاعتبار خطة البلاد لتصبح مركزًا إقليميًا
للغاز. وقال "إن الاتفاقية ترفع العبء المالي الكبير عن أكتاف الحكومة
المصرية".
مر النزاع على الغاز بين مصر وإسرائيل بعدة
مراحل، بدءا من توقيع اتفاقية لتصدير الغاز إلى إسرائيل، إلى التحكيم الدولي
وأخيراً إلى اتفاقية التسوية.
في مايو 2005، وقعت مصر اتفاقية لتصدير الغاز
إلى إسرائيل لفترة تتراوح بين 15 و20 عامًا، بسعر ثابت طوال فترة التوريد. بموجب
الاتفاقية، تلتزم مصر بتصدير 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى إسرائيل من
خلال شركة وسيطة - شركة شرق البحر المتوسط للغاز (EMG) - مع بدء الصادرات
في منتصف عام 2008.
تم تحديد السعر المذكور في الاتفاقية عند 0.75
دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. كما تنص الاتفاقية على أن هذا السعر قد
يرتفع إلى 1.25 دولار إذا وصل سعر خام برنت إلى 35 دولارًا للبرميل. في غضون ذلك،
كانت مصر تستورد الغاز من الجزائر وروسيا والمملكة العربية السعودية والإمارات
العربية المتحدة بمبلغ 3.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
في نفس اليوم الذي تم فيه توقيع الاتفاقية،
نشرت منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوبك) بيانًا يقول فيه إن السعر
العالمي للغاز في ذلك الوقت قدّر بـ 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية،
مما أثار خلافًا حول الأسباب الرئيسية الكامنة وراء ذلك تصدير الغاز إلى إسرائيل
بسعر ضئيل.
بعد موجات الغضب الكبيرة التي انتقدت
الاتفاقية، طالبت الحكومة المصرية في عام 2009 بزيادة سعر صادرات الغاز إلى
إسرائيل بحجة أن سعر الاتفاق لا يتناسب مع الأسعار العالمية، الأمر الذي قوبل
بالرفض الإسرائيلي. نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مقالًا
لاحقًا عبرت عن دهشتها لأن مصر منحت إسرائيل أسعارًا منخفضة جدًا أثناء توقيع
الاتفاقية، دون النظر إلى أسعار الغاز العالمية في ذلك الوقت. رغم هذا النزاع،
قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن وقف شحنات الغاز لن يضر بالعلاقات السياسية بين
البلدين.
على الرغم من أن المجلس الأعلى للطاقة المصري
قد اتخذ قرارًا في عام 2008 بعدم توقيع أي عقود جديدة لتصدير الغاز إلى إسرائيل
حتى نهاية عام 2010، إلا أن حسين سالم، رجل الأعمال المصري والشريك في شركة EMG، وقع ثلاث صفقات مع شركات صناعية في تل أبيب
في عام 2010 لتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، بسعر 3 دولارات لكل مليون وحدة
حرارية بريطانية.
في عام 2011، خاصة في أعقاب ثورة 25 يونيو،
سقطت مصر في دوامة من عدم الاستقرار السياسي. بعد الثورة، تعرض خط أنابيب الغاز
المصري إلى إسرائيل لحوالي 18 انفجارًا، مما أدى إلى توقف الإمدادات.
في أبريل 2012، قررت الحكومة إلغاء اتفاقية
تصدير الغاز مع إسرائيل وأرسلت خطابًا لإبلاغ شركة الوساطة EMG بهذه الخطوة.
(كانت EMG تصدر الغاز المصري لشركات الكهرباء الإسرائيلية عبر خط أنابيب العريش
- عسقلان).
بموجب الاتفاقيات الثلاث الجديدة التي وقعها
سالم، تصدر مصر إلى إسرائيل 1.7 مليار متر مكعب إضافية من الغاز، مما يجعل إجمالي
صادرات مصر السنوية إلى إسرائيل 3.4 مليار متر مكعب، وهو ضعف الكمية المحددة في
اتفاقية 2005.