بعد "العشرين" و"نيامي".. خبراء: مصر حلقة وصل إفريقيا بالعالم
ألقت المحادثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي
وقادة العالم الآخرين على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان الضوء على الدور
الذي تطمح مصر إلى لعبه على المسرح الأفريقي.
وقالت صحيفة "آراب ويكلي" اللندنية
إن التعاون مع إفريقيا ظهر بشكل كبير في المحادثات التي أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسي،
بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، مع رئيسي الصين وروسيا. يستثمر هذان
البلدان عشرات المليارات من الدولارات في إفريقيا، وهو ما يعادل القوى العالمية
التي تتوق إلى كسب موطئ قدم في القارة السوداء التي تتمتع بالكثير من الإمكانات
الاقتصادية.
في محاولة لوضع نفسها في قلب التعاون بين
القارة وهذه القوى، تستخدم مصر علاقاتها القوية والبراعة الدبلوماسية، كما يقول
المحللون.
وقالت هبة البشبيشي المتخصصة في الشؤون
الإفريقية لصحيفة آراب ويكلي: "مصر في وضع جيد للغاية لربط إفريقيا بالعالم،
بفضل علاقاتها الجيدة مع معظم القوى الكبرى". "إنها تحاول استثمار هذه
العلاقات الجيدة في خدمة المصالح الإنمائية لأفريقيا".
في السنوات الأخيرة، عادت مصر بقوة إلى القارة
الأفريقية بعد عقود من الغياب، تلك التي كلفتها غالياً. في عصر ما قبل الاستقلال،
ساعدت القاهرة في نضال التحرير في العديد من البلدان الأفريقية. لقد لعبت دوراً
رئيسياً في إفريقيا ما بعد الاستعمار، لكن معظم تلك الإرث ضاعت بسبب افتقار مصر
إلى الاهتمام بتطوير العلاقات مع إفريقيا منذ أوائل الثمانينيات.
يبدو أن القاهرة تحاول تعويض هذا من خلال تبني
سياسة طموحة تهدف إلى لعب دور مركزي في القارة. إلى جانب تولي الرئاسة الدورية
للاتحاد الأفريقي، تستضيف مصر العشرات من الأنشطة الشبابية والرياضية الأفريقية
وتجمع المسؤولين الحكوميين الأفارقة وقادة الأعمال.
وشارك الرئيس السيسي في القمة المصغرة لأفريقيا
والصين في 28 يونيو في اليابان على هامش قمة مجموعة العشرين. في محادثات مع الرئيس
الروسي فلاديمير بوتين، ناقش السيسي الاستعدادات للقمة الروسية - الأفريقية في
أكتوبر في سوتشي، روسيا.
في اجتماع في 3 يوليو في القاهرة مع رئيسة
الجمعية العامة للأمم المتحدة ماريا فرناندا إسبينوزا، قال الرئيس السيسي إن مصر
تعمل على تحقيق تقدم ملموس في تنفيذ استراتيجية التنمية الأفريقية 2063، ومبادرة
الاتحاد الأفريقي لإسكات الأسلحة والبنادق 2020 وخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
ومع ذلك، فإن الجهود المصرية لتعزيز التعاون
بين أفريقيا، من ناحية، والعالم، من ناحية أخرى، لها أهداف وطنية قوية وراءها، كما
يقول المحللون. وتعتقد مصر أن تدفق الاستثمارات إلى إفريقيا سيؤدي إلى تحسين
الظروف المعيشية في البلدان الأفريقية وبالتالي يحرم الجماعات الإرهابية من فرصة
استخدام الفقر المتفشي في تجنيد متطرفين جدد. وقال علي مسعود، عميد كلية الدراسات
الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة بني سويف: "التنمية أداة فعالة لمكافحة
الإرهاب". "إنه يعطي الأمل ويحسن مستويات المعيشة، وبالتالي يترك فرص
تجنيد ضئيلة للمنظمات الإرهابية."
وتحاول مصر، التي استضافت عدة اجتماعات لوزراء
الدفاع الأفارقة خلال السنوات الخمس الماضية وتجري تدريبات مشتركة مع الجيوش
الأفريقية، بناء إستراتيجية فعالة لمكافحة الإرهاب في إفريقيا.
كما تسعى القاهرة لتوطيد التعاون الثلاثي بينها
وبين الدول الإفريقية من جهة والقوى العالمية الكبرى من ناحية أخرى في دفع عجلة
التنمية في إفريقيا بطريقة تتحكم في الهجرة غير الشرعية من إفريقيا إلى أوروبا.
وقد اعتادت مصر أن تكون نقطة عبور على طريق المهاجرين الأفارقة إلى الساحل
الأوروبي لكنها أوقفت تدفق المهاجرين إلى أوروبا من خلال تشديد السيطرة على
سواحلها. وقالت الحكومة المصرية إنه لم يتم تسجيل أي حالة من حالات الهجرة غير
الشرعية في مصر منذ عام 2016.
قال محللون إن قدرة مصر على وقف تدفق المهاجرين
إلى أوروبا منحت القاهرة موقفاً تفاوضياً قوياً مع الدول الأوروبية.
وأضافوا أن التعاون الثلاثي بين مصر وأفريقيا
في مجال القوى أمر بالغ الأهمية لمصر حيث تحاول التوسع في إفريقيا في ظل معاناتها
الاقتصادية. من خلال لعب دور الرابط بين إفريقيا والدول الكبرى والغنية، تمنح مصر
لشركاتها ومؤسساتها فرصة لتكون في وسط التعاون بين الجانبين. وقال محمد الشاذلي،
مساعد وزير الخارجية المصري السابق: "مصر تريد أن تكون بوابة العالم إلى
إفريقيا وبوابة إفريقيا إلى العالم".
وتابع الشاذلي: "إن أفريقيا بحاجة إلى مساعدة من العالم الخارجي حتى تتمكن من الاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية الضخمة."