ما بين "الدستورية" و"النواب".. رحلة الـ 14شهرا لقانون الإيجار القديم غير السكني
ينظر أعضاء البرلمان هذا الأسبوع مشروع قانون مقدم من الحكومة، بشأن الإيجار القديم غير السكني، تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في مايو 2018، بشأن عدم دستورية رفض طلب المؤجر إخلاء الوحدات الغير سكنية حتي لو انتهت المدة المتفق عليها في العقد.
"الرئيس
نيوز" يرصد رحلة مشروع القانون، منذ مايو 2018 حتى العرض النهائي علي
البرلمان خلال الأسبوع الجاري، حيث صدر في الخامس من مايو 2018 حكم للمحكمة
الدستورية العليا، متضمنا عدم دستورية
عبارة: "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها
في العرض لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير
غرض السكنى".
وعقب ذلك أعلنت الحكومة التزامها بالحكم وتقدمت للبرلمان
بمشروع قانون يعالج هذه الإشكالية فيما يخض الأشخاص الاعتبارية التي إما أن تكون
عامة، مثل الدولة وما يتفرع عنها من جهات إدارية، أو خاصة مثل الشركات التجارية
والجمعيات الخيرية وغيرها.
وتضمنت أهم الأحكام الواردة بمشروع القانون، في المادة الأولى
سريان التطبيق علي الأماكن المؤجرة للأشخاص الإعتبارية لغير غرض السكنى، فيما
تناولت المادة الثانية مدة الخمس سنوات
لإنهاء هذه العقود بعد تطبيق السريان، وتضمنت المادة الثالثة قيمة زيادة الأجرة
القانونية المستحقة بصدور القانون بخمسة أمثال القيمة الإيجارية، مع زيادة سنوية
دورية بنسبة 15% من قيمة آخر أجرة قانونية لمدة أربع سنوات، فيما تناولت الـمــادة
الرابعـة إلزام المستأجرين بإخلاء الأماكن المؤجرة وردها إلى المالك أو المؤجر في
اليوم التالي لانتهاء مدة الخمس سنوات، وحددت الـمــادة الخامسـة تاريخ العمل
بالقانون وهو اعتبارًا من مضي شهر من تاريخ نشره القانون وإلغاء ما يخالف ذلك.
تقدم الحكومة بمشروع القانون للبرلمان، وتم إحالته للجنة
الإسكان في المجلس منذ مايو 2019، وتعددت
وجهات النظر أثناء المناقشة بهدف الوصول للحل الأمثل في إيجاد نوع من التوازن في
العلاقة بين المالك والمستأجر على أن تطبق على كافة الأماكن الغير مخصصة للسكنى
منها ما هو اعتباري وطبيعي، ترسيخاً لمبدأ العدالة الاجتماعية وضماناً لعدم الوقوع
في شبهة عدم الدستورية.
تركزت المناقشات
أيضا حول نقطتين أساسيتين هما زيادة "القيمة الإيجارية – إنهاء العقد"، وقد
اختلفت الآراء ، فمنها ما اتفق مع تطبيق الزيادة المقررة في مشروع القانون على
المستأجر والتي قدرت بخمس أضعاف القيمة الإيجارية على أن تزداد بنسبة 15% كل عام
على مدار أربع سنوات ثم ينتهى العقد، ومنها ما رأى البعض من أن يكتفى بزيادة
القيمة الإيجارية ضعفين أو ثلاثة فقط، خاصة وإن المالك لا تعنية الزيادة قدر ما
يعنيه إنهاء العقد مع المستأجر واسترداد العين المؤجرة، بينما رأى البعض في تطبيق
الزيادة التي اقترحها مشروع القانون دون إنهاء العقد وذلك فيما يتعلق بالأشخاص
الطبيعيين.
وانتهت اللجنة لتعديلات أدخلتها علي مشروع القانون، والذي
تضمن مشروع ملاحظة قسم التشريع في مجلس الدولة والتي تتعلق بمدى دستورية وجواز
تطبيق حكم الأحكام الواردة بمشروع القانون على الأشخاص الاعتبارية دون الأشخاص
العادية، حيث تضمنت وجوب التطبيق علي الجميع دون استثناء، وهو الأمر الذي تم
إثارته بالمناقشات وتعددت الآراء بشأنه، إلا أنه تم حسمه بالتصويت في اللجنة
بتطبيق أحكام مشروع القانون وفقا ما هو وارد من الحكومة على الأشخاص الاعتبارية،
مع إضافة الأشخاص العادية والطبيعية، لكي يكون الحكم عامًا ومطبقًا على تلك
المراكز القانونية المتساوية، ومن ثم يطبق علي الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن، سواء كان المستأجر
شخصًا اعتباريًا عامًا أو خاصًا أو عاديًا، ووافقت عليه اللجنة بهذه الصورة وأعدت
تقريرها النهائي بشأنه لعرضه علي الجلسة العامة خلال الأسبوع الجاري.
ولقى تعديل اللجنة علي مشروع القانون ردود أفعال واسعة،
حيث تقدمت نقابة الأطباء بخطاب رسمي لرئيس مجلس النواب من أجل استثناء عيادات
الأطباء من التطبيق، تفاديا لما قد يحدث من إشكاليات متعلقة بإنهاء العقود
الإيجارية لهم ونقل مقرات العيادات لأماكن أخرى، كما خاطبت نقابة الصيادلة رئيس
مجلس النواب، بخطاب مشابه مطالبة بأن يتم الالتزام بمشروع قانون الحكومة في أن
يطبق علي الأشخاص الاعتبارية دون العاديين مثلما تحدثت المحكمة الدستورية.
وأعقب ذلك تعقيبات لجنة الإسكان علي مطالبات الاستثناء، والتي
تضمنت أنه تمت مراجعة مجلس الدولة في تطبيق مشروع القانون علي الأشخاص الاعتبارية
والعادية علي حد سواء، وأقر بذلك دستوريا حفاظا علي المراكز القانونية الواحدة
والمستوية، وأن حكم المحكمة الدستورية تحدث بشأن الاعتبارية فقط لكون الدعوي
المقامة أمام المحكمة لم تتطرق إلا لها، والأحكام تصدر فيما هو منظور بشأنها فقط.
وفى النهاية، سيتم حسم مشروع القانون، في جلسة العامة
بالبرلمان خلال الأسبوع الجاري، إما بإقراره وفق ما تقدم به الحكومة، بحيث يسري
علي الأشخاص الاعتبارية فقط، أو بالموافقة علي تعديل اللجنة ويسري سويا علي
الأشخاص الإعتبارية والعادية، ليكون الحسم النهائي بعد 14 شهرا من صدور حكم
المحكمة ومداولات أعضاء النواب.