عيد "السادات" بعد حرب أكتوبر: الصلاة في "سيدي الغريب".. ومعايدة خاصة لأهالي القناة
في السنوات الأولى من حكمه، كان الرئيس محمد أنور السادات موظبًا على اداء صلوات العيد بمسجد الحسين بالقاهرة، تيمنا بعادة سلفه جمال عبد الناصر، لا سيما في السنة الأولى له، عام 1970، عندما خرج من المسجد العريق بالقاهرة الفاطمية وقصد ضريح الزعيم "الغائب" لأول مرة تلك السنة.
الأمر تغير تماما بعد ذلك بالنسبة للسادات الذي أخذ يفرض طقوسه الشخصية مثل أن يذهب ليعتكف أواخر شهر رمضان في قريته "ميت أبو الكوم" بمحافظة المنوفية.
لكن حرب أكتوبر فرضت طقسا آخر كان السادات يحرص عليه في كل عيد، وظل مواظبا عليه حتى أواخر حكمه، وهو أن يصلي صلاة العيد في مدن القناة، وخصوصا السويس.
مسجد "سيدي عبد الله الغريب" بحي الأربعين الشهير بمحافظة السويس كان قبلة السادات لصلاة العيد بعد الحرب، إذ كان الرئيس يحرص على قضاء أيام العيد في مدن القناة التي كانت في المواجهة أثناء حروب مصر ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي.
في صباح كل عيد، كانت طائرة السادات الهليكوبتر تهبط في السويس، ثم يستقل سيارة مكشوفة بصحبة رئيس الوزراء ممدوح سالم والفريق أول محمد عبد الغني الجمسي وزير الحربية، متجها إلى المسجد الذي يحمل اسم القائد العسكري الذي انتصر على القرامطة في القرن الرابع الهجري، عندما هاجموا مصر آنذاك، بحسب الروايات التاريخية.
وعبد الله الغريب هو القائد الفاطمي أبو يوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عماد، كان من المغرب وجاء في حملة عسكرية بأوامر الخليفة الفاطمي لصد هجوم القامطة على مصر ومكة، ولما استشهد دفعن مع رفاق له في المعركة بمدينة السويس.
وبحسب جريدة "الأهرام" فإنه في سنة 1976 على سبيل المثال، وصل السادات إلى مسجد سيدي الغريب "وسط حفاوة وهتافات المواطنين الذين حضروا لتحية الرئيس وتهنئته بالعيد"، هاتفين: "كل سنة وانت طيب يا ريس".
بعد انتهاء صلاة العيد، كان للسادات يعاود استقلال سيارته المكشوفة وبجواره رئيس الوزراء ووزير الحربية أيضا، متوجها لمقابر شهداء الجيش الثالث والمقاومة الشعبية بالسويس، وهنيك يقرأ الرئيس الفاتحة على أرواحهم الطاهرة ويضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول.
معايدة السادات على أهل مدن القناة لم تكن تنتهي عند ذلك، إذ كان يتوجه من فوره بالطائرة إلى الإسماعيلية، المدينة الثاينة، ليستكمل اليوم الأول للعيد، وفي المرات التي كان يصادف أن يأتي العيد يوم جمعة، كان يحرص على أداء الصلاة مع أهالي المدينة بمسجد المطافي بحي عرايشية مصر بوسط المدينة. وفي مرات منها عامي 1975 و1978، كان السادات يؤدي صلاة العيد في مدينة القنطرة شرق بالمحافظة، مع رجال الجيش الثاني الميداني.
اليوم الثاني من أيام العيد كان السادات يخصصه للمحافظة الثالثة، بورسعيد، إذ تهبط طائرته على أرض الاستاد بالمدينة الباسلة. وكعادته في تخصيص استراحات بالمحافظت طوال فترة حكمه، كان السادات ينزل في استراحة بورسعيد، مارا بموكبه في طرق المدينة التي اكتست جدرانها بلافتات الترحيب وأقواس النصر. وقبل أن يعود إلى القاهرة كان على سبيل المثال يتجول بميناء بورسعيد ويجتمع بقيادات المحافظة لمناقشة مشروعات المنطقة الحرة التي أُعلن عنها آنذاك.