من "بورسعيد" إلى "الممر".. 6 أفلام أنتجت بأوامر وتوجيهات ودعم سيادي
كما يقولون في المثل "الأقربون أولى بالمعروف" فإنه عندما نتحدث عن أفلام حربية أو "وطنية"، فإن الدولة هنا هي الأولى بأن تتصدى لمثل هذه المشاريع، إنتاجيا، لإخراج العمل من حسابات الربح التي قد تضره، وأيضا لتسهيل التنفيذ الذي يتطلب في مثل هذه الحالات موافقات رقابية وعسكرية عديدة.
كل هذا كان مطلبا دائما من الكثيرين، لكن هذا لا يعني عدم وجود محاولات بعضها نجح للغاية والأخرى لم تكلل بالنجاح جماهيريا. وفي السطور التالية نستعرض نماذج من أفلام أنتجت بتعليمات أو توجيهات أو دعم رئاسي أو سيادي.
بدأت هذه النوعية من الأعمال بعد ثورة 23 يوليو، وكان الفيلم هو "بورسعيد"، والذي عرض في عام 1957، بعد العدوان الثلاثي على مصر مباشرة.
الفيلم كان بتعليمات رئاسية مباشرة من الرئيس جمال عبد الناصر الذي استدعى الممثل والمنتج فريد شوقي وقال له: "نريد منك القيام بعمل فني يروي قصة العدوان الثلاثي، خاصة في منطقة بورسعيد لرصد المقاومة الشعبية هناك، نريد تقديم رسالة نكسب بها الرأي العام العالمي ضد قوى الاستعمار".
وافق فريد شوقي بالطبع وأخذ يحشد لكوكبة من النجوم للعمل في الفيلم، مثل شكري سرحان ورشدي أباظة وأحمد مظهر وهدى سلطان وليلى فوزي وزهرة العلا وأمينة رزق.
بدوره، أعطى "عبد الناصر" تكليفات لوزير الحربية المشير عبد الحكيم عامر لتسهيل مهمة صناع الفيلم داخل مدينة بورسعيد تحت نيران قصف دول العدوان، وهو ما حدث وخرج الفيلم إلى النور بعد انتهاء العدوان بأشهر قليلة.
الفيلم الثاني لم يكن مجرد استخداما السينما كمنصة توعي فقط، بل كان له دور قوي في عملية مخابراتية مصرية ضد إسرائيل.
نتحدث عن فيلم "عماشة في الأدغال"، من بطولة فؤاد المهندس ومحمد رضا وصفاء أبو السعود، والذي عرض لأول مرة في 1972، لكن قصة إنتاج الفيلم تعود لما قبل ذلك بسنتين.
كانت إسرائيل بعد احتلال سيناء في نكسة يونيو 1967 قررت التنقيب عن البترول في الأراضي المصرية، واشترت حفارا من كندا، وعند توقفه في ساحل العاج قبل أن يمر بمضيق باب المندب قررت المخابرات المصرية تدمير الحفار في مكانه بأبيدجان.
كان دور فيلم "عماشة في الأدغال" هنا هو التمويه، إذ تم إدخال منفذي العملية من رجال المخابرات وكميات المتفجرات التي سيستخدمونها، مع فريق العمل الذي سافر إلى ساح العاج بغرض ظاهري هو تصوير فيلم سينمائي.
تجربة سينمائية أخرى أصبحت أيقونة أفلام العمليات العسكرية النوعية، هو فيلم "الطريق إلى إيلات"، الذي يحكي بطولات سلاح البحرية في تدمير السفن الحربية الإسرائيلية وميناء إيلات.
الفيلم كان إنتاج حكومي مباشر عبر قطاع الإنتاج باتحاد إذاعة والتليفزيون سنة 1993، وأخرجته إنعام محمد علي، وكان من بطولة عزت العلايلي ونبيل الحلفاوي ومادلين طبر، وما زال يحظى بشعبية كبيرة إلى الآن.
من درجة التكليف والتوجيه نأتي إلى الدعم، فهناك أفلام التي تلقت تشجيعا من الدولة، مثل "أيام السادات"، 2001، الذي وقف وراء إنتاجه الرئيس الأسبق حسني مبارك، بشهادة بطله ومنتجه الرسمي أحمد زكي الذي قال: "لولا اهتمام الرئيس مبارك شخصياً بإنتاج الفيلم للما كان أُنجز".
وكان السادات عيّن حسني مبارك نائبا له في عام 1975 ثم تولى الأخير الحكم في 1981، ليأتي "النائب" ويساهم في خروج أشهر فيلم عن "الرئيس" بعد 20 سنة بالضبط من اغتياله حادث المنصة.
"أيام السادات" هو فيلم سيرة ذاتية للرئيس الراحل محمد أنور السادات، يتناول قصة الرجل الذي خاض حرب أكتوبر 1973 ثم فاجأ العالم العربي يذهابه إلى "الكنيست" وعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل.
فيلم آخر لكنه حربي هذه المرة هو "يوم الكرامة"، 2004، والذي أنتجته الدولة رسميا عبر قطاع الإنتاج بـ"ماسبيرو"، ويحكي قصة معركة بحرية خلال حرب أكتوبر.
ورغم أن الفيلم شارك في بطولته مجموعة من النجوم الشباب مثل ياسر جلال وأحمد عز ومحمد رياض ومحمود عبد المغني، واخرجه المخضرم علي عبد الخالق، فإنه لم يحقق نجاحا كبيرا وقت عرضه، الأمر الذي أرجعه نقاد إلى تواضع المستوى الإنتاجي والفني للعمل برغم تفاصيل قصته المهمة.
آخر هذه الأفلام هو "الممر" من قصة وإخراج شريف عرفة، والذي سيعرض في موسم عيد الفطر المقبل، في الذكرى 62 لحرب يونيو 1967، ويحكي قصص بطولية للجيش المصري في حرب الاستنزاف المجهولة.
الفيلم من إنتاج هشام عبد الخالق الذي رصد ميزانية ضخمة للغاية، ربما تعادل ميزانية أربعة أفلام أخرى، لكن العمل تلقى كل دعما لوجستيا من القوات المسلحة، التي استضافت أيضا فريق العمل لمدة شهرين في مدرسة الصاعقة لتدريبهم على حمل السلاح وأجواء الحياة العسكرية.
وتعود فكرة العمل إلى 2012، لكن التنفيذ الفعل لها
عد 4 سنوات عندما عرض المنتج المشروع على أن إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة
فرحبت بالفكرة وقدمت كل أشكال التعاون لإتمام الفيلم، الذي بات جاهزا للعرض بعد أيام.