2019 ذروة "جحيم" الصحافة التركية.. وأنقرة "الأكثر سجنا للصحفيين في العالم"
تعرض الصحفي التركي المخضرم "يافوز سليم ديميراج"، وهو من أشد المنتقدين للرئيس رجب طيب أردوغان، لهجوم خارج منزله في أنقرة من قبل مجهولين انهالوا عليه بمضارب لعبة البيسبول، قبل أن يتمكنوا من الفرار بسيارة مسروقة. ولا يزال "ديميراج" في أحد المستشفيات للتعافى من الارتجاج والكدمات.
وفي وقت لاحق، من الأسبوع الماضي، احتجزت
السلطات التركية ستة من الجناة السبعة، ثم أطلق سراحهم بعد يوم واحد على أساس أن
إصابات الصحفي لم تكن تهدد حياته.
وخلال التحقيق معهم، ادعى المهاجمون أنهم
دخلوا في معركة مع "ديميراج" بشأن حادث مروري، وهي رواية يشكك فيها جميع
المراقبون للشأن التركي. ووفقًا لموقع المونيتور الأمريكي يعتقد "أوزغور
أوجريت"، ممثل تركيا في لجنة حماية الصحفيين أن "هذا الحادث يأتي في
إطار الهجوم المنظم ضد الصحفيين، وهو عمل ليس إجراميًا فحسب، بل يمثل اعتداءً بلا
جدال على حرية الصحافة".
وأخفقت السلطات التركية في وقف العنف ضد
الصحفيين، ويرى "أوجريت" أن سكوت الحكومة وتخاذل السلطات القضائية يفتح
الباب على مصراعيه لهجمات مماثلة، خاصة أن الكمين الذي نصب لدميراج بعد دقائق من
وصوله إلى محيط منزله جاء بعد عرض برنامجه الأسبوعي الذي يحمل عنوان
"ميدان" على قناة التركيم التلفزيونية، وفي حلقة ذلك اليوم من برنامجه
انتقد دميراج وصحفي آخر حل ضيفًا على البرنامج حكومة أردوغان بسبب الفساد في
إسطنبول، وتحدثا بإسهاب عن ملايين الليرات التركية التي تحولت إلى عدة مؤسسات
يديرها أفراد أسرة أردوغان بشكل مباشر.
ويعرف الحزب الحاكم في تركيا بسلوك التنمر
عندما يتعلق الأمر بالصحفيين. وتحتفظ البلاد بلقب "الأكثر سجنا للصحفيين في
العالم". ووفقًا لمجموعة "مراسلون بلا حدود"، لا يزال هناك 120
صحفياً على الأقل خلف القضبان. وقال إيرول أوندروغلو، إن 36 منهم في السجن بسبب
عملهم الصحفي.
ويواجه أونديروغلو نفسه عقوبة السجن لمدة تصل
إلى سبع سنوات ونصف السنة، إضافة إلى الحقوقي "سيبنيم كورور فينكانسي"
والصحفي "أحمد نسين" لمشاركتهم في حملة تضامن لدعم صحيفة "أوزجور
جوندم" الكردية. في حين لا يزال رئيس تحرير الصحيفة التي تم إغلاقها الآن
"إنان كيزيلكايا" رهن الاحتجاز على ذمة القضية.
وقال أوندير أوغلو لموقع المونيتور، "إن
السلطة التي يوجهها اردوغان لتخويف الصحفيين وقمع المنتقدين الآن هي القضاء، حيث
تتم مقاضاة عشرات الصحفيين وسجنهم".
وقال إن الهجوم على ديميراج يمثل مستوى
خسيسًا وغير مسبوق حيث تمت ممارسة العنف المادي ضد منتقدي الحكومة. واضاف أن
"الرسالة"، مع ذلك، ليست موجهة إلى ديميراج وحده بقدر ما هي موجهة إلى
التيار السياسي الذي ينتمي إليه، في إشارة إلى حزب "ليا" اليميني المعارض،
والذي نجح في الاستحواذ على أصوات الناخبين من حزب العدالة والتنمية وحليفه غير
الرسمي "دولت باسيلي" زعيم حزب الحركة القومية اليميني.
ويستعد أردوغان لجولة إعادة الانتخابات
المثيرة للجدل في 23 يونيو المقبل، ومن المتوقع أن يعيد سيطرة حزبه على إسطنبول
بعد أن أيدت اللجنة العليا للانتخابات في البلاد ادعاءات حزب العدالة والتنمية
المشكوك فيها بحدوث مخالفات و"تزوير". أصبح التضييق على التغطية
الإعلامية السلبية أكثر أهمية من أي وقت مضى حيث يكافح حزب العدالة والتنمية
لاستعادة أكبر مدن تركيا ومصدر مهم للامتيازات لفترة طويلة.
ونفت وزارة الخارجية التركية اليوم الأحد
مزاعم الصحفي التركي الألماني "دنيز يوسل" بأنه تعرض للتعذيب والتهديد
والإساءة خلال فترة اعتقاله التي دامت عاماً كاملاً في سجن سيليفري في إسطنبول
بتهم إرهابية بدون أدلة كافية. وتم الإفراج عنه في فبراير 2018 بعد ضغوط هائلة من
الحكومة الألمانية، ولا تزال التحقيقات في ملابسات احتجازه جارية ولكن في ألمانيا.
وفي مطلع مايو الجاري، قال "يوسل" لمحكمة مقاطعة برلين، إنه يعتبر
أردوغان "مسؤولاً شخصياً" عن سوء معاملته.
وقد اتُهم الرئيس أردوغان بتشجيع مناخ
الإفلات من العقاب بعد تعرض "كمال كليتشدار أوغلو"، زعيم حزب الشعب
الجمهوري المعارض الرئيسي، الشهر الماضي للاعتداء، من قبل مجهولين أثناء حضوره
جنازة جندي تركي. فأصدر أردوغان بيانا باهتًا وصف الاعتداء بأنه مجرد احتجاج تحول
إلى عنف.