برج بوعريريج.. العاصمة الثانية للحراك الشعبي في الجزائر
خطفت محافظة برج بوعريريج الواقعة شرق العاصمة بنحو 230 كلم الأضواء منذ انطلاق المظاهرات الشعبية في الجزائر في الـ22 فبراير الماضي، ضد ترشح الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة وضد ما تبقى من رموز النظام بعد استقالة بوتفليقة، حيث باتت تلقب بالعاصمة الثانية للحراك.
وتشتهر ولاية برج بوعريج في الساحة
الوطنية بلقب عاصمة الإلكترونيك نظرا لوجود عديد مصانع إنتاج الأجهزة الإلكترونية
من تلفزيونات وهواتف وثلاجات ذكية وحواسيب وغيرها، والشهيرة بعاصمة البيبان أصبحت
اليوم عاصمة ثانية للحراك الشعبي الذي انطلق في الـ22 فبراير ضد النظام الذي قاده
الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة لعشرين سنة كاملة وسط رفض شعبي له بدأ منذ
ترشحه لولاية رابعة في 2014 واشتد بعد مرض بوتفليقة ما أدى إلى غيابه عن الشعب
لمدة سبع سنوات، صار يخاطبه فيها بالرسائل فقط دون أن يظهر في الشاشة سوى لحظات
قصيرة خلال مراسيم رئاسية واستقبال سفراء أو رؤساء الدول.
يأتي إطلاق لقب العاصمة الثانية للحراك على برج بوعريريج بعد الأجواء التي صنعتها منذ أول مسيرة ضد النظام في 22 فبراير الماضي، خاصة في ظل مئات الآلاف من المشاركين من داخل وخارج هذه المحافظة، بحيث مع مرور أسابيع المسيرات ارتفع رقم المحتجين كل يوم جمعة حتى فاق أحيانا عدد المحتجين في عاصمة البلاد.
تيفو عالمي يستقطب وسائل الإعلام وأصبحت وسائل الإعلام المحلية والعربية وحتى الأجنبية تنتظر بلهفة كل "جمعة" لمشاهدة جماهير برج بوعريج وهي تخرج كرجل واحد حاملة الأعلام الوطنية وتهتف ضد النظام، وما زاد حرص الإعلام على تغطية مظاهرات مدينة البرج هو التيفو الضخم الذي يصنعه "أولاد الجباس" (الجباس حي شعبي عريق في المدينة) والذي يحمل في طياته المرفوقة بصور كاريكاتورية مطالب الشعب بدقة ويوجه عبره مبدعوه رسائل إلى السلطة. حيث يتم تعليق هذا "التيفو" العملاق على ما يطلق عليه منذ بداية المظاهرات "قصر الشعب" (بناية في طور الإنجاز شاهقة العلو).
أكبر مائدة إفطار لفائدة المحتجين والجمعة الماضية التي تزامنت مع أول أيام رمضان المبارك والثانية عشر منذ بداية الحراك شهدت مدينة برج بوعريريج تنظيم أكبر مائدة إفطار لفائدة المتظاهرين، نظمها شباب حي الجباس (متطوعون) في "برج بوعريريج"، وضمت المائدة أكثر من 1200 وجبة إفطار منوعة ضمت مأكولات تقليدية شعبية مثل "الشربة" و"البوراك" وحلويات شهيرة بالمنطقة وفي الجزائر عموما.
وكتبت جريدة لوموند الفرنسية في عددها
الصادر يوم 3 مايو الجاري: "برج بوعريريج عاصمة الحراك في الجزائر."
وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في عددها الصادر يوم 4 مايو الحالي: "برج بوعريريج العاصمة الأخرى للحراك الشعبي.
وعلى صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، علقت الإعلامية إلهام بوثلجي حول الموضوع: "برج بوعريريج تستحق لقب عاصمة الحراك بدون منازع". وأردفت: "دائما تصنع الحدث".
وقالت الكاتب والروائي مبروك دريدي على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي "الفيسبوك": "عاصمة الحراك عندي هي برج بوعريريج (واختصارات تسمى البرج) وأخواتها المسيلة، الجلفة، عنابة، وهران، باتنة، وادي سوف، قسنطينة، ورقلة".
وأضاف: "انتهت مسرحية البريد المركزي" (ويقصد البريد المركزي بالعاصمة). وكتب الناشط سعيد بن رقية: "عاصمة الحراك برج بوعريريج تقترح الحلول في إطار الدستور، الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي كرئيس للدولة بمساعدة كل من أحمد بن بيتور(رئيس حكومة سابق) والأستاذ بوشاشي (حقوقي معارض) والسيد لمين زروال (ريس سابق). وهو ما يتوافق والمواد 102/08/07 من الدستور. إذن إتخذو القرارات وأتقو الله في هذا الوطن".
ويعود تأسيس مدينة برج بو عريريج الحقيقي إلى القرن السادس عشر وبالضبط سنة 1552 عندما حل بها القائد العثماني (محمد حسن باشا) واتخذ منها برجا عسكريا ثم بدأت تتوافد على المنطقة القبائل المجاورة وبدأت المدينة في الظهور، برغم أن بعض الدراسات أظهرت بعض الجذور للمدينة غارقة في أيام العصر الروماني وحتى الحجري وميض من التاريخ : يعتقد بعض المؤرخين أن هناك بعض الأمراء النوميديين من قبائل "الزناتة" دخلوا البرج في أخر العهد العثماني وأوائل الاستعمار الفرنسي (1830) هروبا من التصفية الجسدية التي مارسها ضدهم اليهود وقبيلة الخدم والتي تعرف بت"ريغة الظهرة" قادمين من سطيف الولاية المجاورة.