الجمعة 13 ديسمبر 2024 الموافق 12 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

تساؤلات أمريكية: حظر الإخوان هل يُغذي التطرف ..أم يجفف منابعه؟

الرئيس نيوز


نيويورك تايمز: السيسي أقنع ترامب بخطوة تصنيف الإخوان "منظمة إرهابية"

 

 

في أعقاب استقبال الرئيس ترامب للرئيس عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض، ازدحمت أعمدة وافتتاحيات الصحف الأمريكية بسيل لا نهائي من المقالات النيوليبرالية التي أخذت على عاتقها تشويه مصر وشرح مدى فظاعة الأوضاع فيها، وفقًا لأجنداتهم، بل ذهبت أقلام أخرى لأبعد من ذلك، فنصحت واشنطن بقطع علاقاتها مع القاهرة على الرغم من أنهما حليفتان رئيسيتان منذ عقود، ودونما اعتبار لكون مصر أكبر دولة عربية في العالم.

وطالعتنا صحيفة "وول ستريت جورنال" في عددها الصادر اليوم الأربعاء بتصريحات السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض "سارة ساندرز"، التي أكدت أن إدارة ترامب تدرس تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية وأن الرئيس ترامب "تشاور بالفعل مع فريق الأمن القومي وقادة المنطقة الذين يشاركونه قلقه، وهذا الرأي يسير في مجراه الطبيعي ومن المقرر أن يصدر القرار التنفيذي في وقت قريب بمجرد استيفاء الإجراءات الداخلية". وفوجئ هؤلاء الكتاب بعناوين الصحف أمس التي أكدت أن إدارة ترامب تدرس تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة أجنبية إرهابية.

ركزت هيئة الإذاعة البريطانية على ما سيؤدي إليه تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، فهو قرار من شأنه فرض عقوبات اقتصادية وقيود على سفر أعضاء أقدم حركة إسلامية في مصر، التي يوجد لها أكثر من مليون عضو في منطقة الشرق الأوسط، ولفتت "بي بي سي" إلى أن هذا القرار يأتي في أعقاب زيارة قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى البيت الأبيض في أبريل الجاري، ورجحت وسائل الإعلام الأمريكية أن الرئيس السيسي أقنع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقيام بهذه الخطوة.

أما وكالة رويترز فأشارت إلى أن البيت الأبيض لم يحدد على أي أساس سيتم تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، ونسبت إلى مسؤولين سابقين  شكوكهم في أن تكون جماعة الإخوان استوفت المعيار القانوني للانخراط في "نشاط إرهابي" يهدد المواطنين الأمريكيين أو الأمن القومي. بمجرد صدور قرار رسمي، يصبح من غير القانوني للأميركيين تقديم الدعم أو التبرعات للإخوان، بينما سيُطلب من المؤسسات المالية الأمريكية تجميد الأصول التي تمتلكها الجماعة.

ووفقًا لبلومبيرج، حذر محللون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية من أن وصف جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابيين "قد يغذي التطرف"، وأن الحلفاء في المنطقة "ربما يخشون أن تؤدي هذه الخطوة إلى زعزعة استقرار سياستهم الداخلية وغضب المسلمين في جميع أنحاء العالم، وينسجم هذا الرأي مع الدعاية التي تروج لها الصحف المقربة من نظام أردوغان الحاكم في تركيا، والصحف القطرية والصحف الموالية لقطر، وهذا ما كشفته صحيفة "أحوال" التركية المعارضة.

سوف تقرأ الكثير عن حقوق الإنسان والديموقراطية عبر الأبواق النيوليبرالية، لكن الخبراء الغربيين أنفسهم لم يستخفوا بخطورة الأمر، عندما رأوا بأعينهم كيف تورطت جماعة الإخوان الإرهابية في تعذيب مواطنين مصريين وكيف أبدوا صلفًا لا مثيل له وتجرأوا على سحق المعارضين لحكم المرشد وكيف أصروا على إعادة صياغة قواعد اللعبة السياسية باستمرار لصالحهم، في ظل نظام القيادي الإخواني محمد مرسي.

ووفقًا للمحللة "مي مجدي"، فإن المراقبين للبلدان التي وصل فيها الإخوان إلى السلطة رصدوا كيف يعيش الناس في خوف وترقب مستمرين، ورصدوا كذلك كيف لا تحرك الدولة هناك ساكنًا لاحتواء التطرف، بالعكس فإن الدولة الإخوانية تغذي التطرف وتوقد جذوته.

وبما أن حلفاء أميركا في الشرق الأوسط يتخذون إجراءات جادة ضد جماعة الإخوان الإرهابية، فإن الإدارة الأمريكية الحالية ومؤسسة السياسة الخارجية التابعة لها لا يمكنها أن تستمر في المغالطة التي طرحتها لأول مرة إدارة باراك اوباما، التي تصورت خطأً أو عمدًا أن عرابي الإرهاب الإسلامي سوف يجلبون "الديمقراطية" إلى المنطقة؛ فباعتراف الجميع، استثمرت واشنطن جهودًا وأموالاً لا تصدق لدعم هذا الوهم، الذي يدرس ترامب وضع نهاية عملية له.

في الواقع، أطلق أكذوبة "جماعة الإخوان المسلمين "المعتدلة" في أمريكا اثنان من أكاديميي مركز نيكسون السذج الذين التقوا بقيادات الإخوان ونشطاء فأخبروهم عن مدى حبهم للديمقراطية وحقوق الإنسان، وبعد قليل من المقالات والخطب التسويقية والترويجية التي أعدت جيدًا ثم نشرت في وقت لاحق، سرعان ما أصبحت أسطورة الإخوان المسلمين "المعتدلين" تعبر عن الإجماع في دوائر واشنطن العاصمة.

تتذكر "مي مجدي" الصدمة والريبة التي شعرت بهما عندما سمعت مدير المخابرات الوطنية السابق "جيمس كلابر" يزعم أن جماعة الإخوان المسلمين كانت "علمانية إلى حد كبير" في الأيام الأولى من "الربيع العربي"!.. ومع ذلك، حرصت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون على تغذية هذه الأسطورة ومعها كثيرون من مسؤولي السياسة الخارجية المتهورة والمتناقضة في الشرق الأوسط في ظل إدارة أوباما، وعلى الرغم من كل النفاق الذي مارسه الإخوان حول حقوق الإنسان والديمقراطية، شاهد المصريون بأعينهم أسوأ الانتهاكات والتطرف علي أيدي نظام مرسي.

عندما أصدر مرسي إعلانه اللادستوري في نوفمبر 2012، جعل نفسه فوق القانون والمحاكم، لم يرصد أي رد فعل معقول من قبل الكونجرس ولم تناد الأصوات المدجنة بقطع المساعدات العسكرية عن مصر، وبدلاً من ذلك، وافقت وزارة الخارجية في وقت لاحق على بيع المزيد من تكنولوجيا الغاز المسيل للدموع والسيطرة على الحشود لحساب حكم المرشد، وعندما فرض الإخوان المسلمون حصارًا على الكاتدرائية القبطية في القاهرة أثناء تشييع جنازة، لم يحرك الكونجرس ساكنًا ازاء هذه الممارسات القمعية والمناهضة للمسيحيين.