الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ما لا تعرفه عن النصب التذكاري: مكانه الأصلي "حديقة الحرية".. والمصمم حصل على 10 آلاف مكافأة

الرئيس نيوز


- سامي رافع رسمه قبل 3 أشهر من مسابقة وزارة الإسكان.. واختار شكل الهرم لأنه "أكبر مقبرة في التاريخ"
- فاز بالمركز الأول من بين 27 متقدمًا والجائزة 3 آلاف جنيه.. وميزانية المشروع بلغت 750 ألف جنيه

أربع زوايا عملاقة، تميل قليلًا لتلتقي في نقطة عالية لتشكل معًا هرمًا مفرّغًا ارتفاعه أكثر من 33 مترًا.. هذا هو النُصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر.
النُصب الذي يخلد بطولات الجيش المصري في حرب السادس من أكتوبر، بات صورة ثابتة في المناسبات الوطنية، خصوصًا المرتبطة بالقوات المسلحة.
ففي يوم الشهيد أو ذكرى حرب أكتوبر أو وفاة الرئيس الراحل أنور السادات أو ذكرى تحرير سيناء، نشاهد رئيس الجمهورية أو وزير الدفاع يضع إكليلًا من الزهور على قبر الجندي المجهول بجوار النصب الشهير.
في السطور التالية نتعرف على القصة بالتفاصيل.
بعد حرب أكتوبر بنحو سنتين، أعلنت وزارة الاسكان، التي كان يتولاها آنذاك المهندس عثمان أحمد عثمان، عن مسابقة لإنشاء نصب تذكارى للجندى المجهول، وحددت جائزة قدرها 3 آلاف جنيه للفائز بالمركز الأول.
وقتها، كان هناك فنان تشكيلي عمره آنذاك 44 سنة، مشغولًا بفكرة أن الدولة لا بد أن تبني نصبا تذكاريا لتخليد أبطال أكتوبر، فتقدم للمسابقة.
إنه سامي رافع، الذي كان قبل الإعلان عن المسابقة بأشهر قليلة جالسًا أمام التليفزيون وشاهد على الشاشة تغطية لزيارة وفد مصري إلى العراق، ووجدهم يضعون الورود على قبر الجندي المجهول هناك.
يقول "رافع" في حوار قديم منشور بجريدة "دنيا الاتحاد": "شعرت بالغيرة، خاصة أننا حاربنا وضحينا كثيرًا ومن الأولى أن يكون عندنا نصب تذكارى يسجل ويخلد ذكرى انتصار حرب أكتوبر".
لم ينتظر "رافع" أي مبادرة رسمية، وبدأ بالفعل في تنفيذ الفكرة: "بدأت أتخيل رسمًا لهذا النصب، استوحيته من فكرة الهرم الذى يعتبر أكبر مقبرة فى التاريخ".
كانت شكل النصب التذكاري في ذهنه إذن، بل إنه يكاد يكون رسمه بالتفصيل في مخيلته: "وضعت مسحة عربية حديثة على الرسم بكتابة أسماء رمزية للشهداء الذين استشهدوا فى المعارك".
وهكذا استقر "رافع"، بحكم دراسته وتنوع علمه بين الديكور والمسرح ومراعاة البعد الثالث، على شكل النصب التذكارى، ثم احتفظ بكل الرسوم فى أوراقه الخاصة.
بعد ثلاثة أشهر على  هذه اللحظة، أعلنت وزارة الإسكان عن مسابقتها، فشعر الفنان التشكيلي بأن الفرصة واتته، وبمبادرة رسمية من الدولة، فتقدم للمسابقة.
شكلت وزارة الإسكان لجنة ترأسها وزير السياحة آنذاك، وبعضوية مجموعة من التشكيلييين والمعماريين كان منهم الفنان "بيكار"، ومن بين 27 مشروعًا تقدم بها 50 فنانًا ومعماريًا، فاز مشروع "رافع" بالمركز الأول، وحصل على 3 آلاف جنيه، وهي أكبر جائزة تشكيلية في ذلك الوقت.
نسي "رافع" المشروع لفترة، حتى نشرت جريدة "الأهرام" صور رسومات المشروع الفائزة، ولما شاهدها "السادات" أمر بتنفيذ الفكرة على الفور، وقابل "رافع" وناقشه في تفاصيلها، كما منحه 7 آلاف مكافأة إضافية.
كان من المقرر بحسب ما رأته اللجنة التي أشرفت على المسابقة أن يقام النصب التذكاري في حديقة "الحرية" بمنطقة الجزيرة على النيل، لكن "السادات" كان له رأي آخر، إذ وجّه بإقامته في مدينة نصر "حتى يراه الوافدون والسائحون".
في 25 مايو 1975، بعدأ العمل في تشييد النُصب، على هيئة "أربع زوايا خرسانية، تلتقي في نقطة ارتكاز مركزية بحيث تشكل بناءً ذا طبيعة مثلية هرمية".
ووفق تصميم "رافع"، دُونت في جسم الخرسانة أسماء رمزية، مثل محمد ومينا..إلخ، لـ71 شهيدًا بحروف هندسية بخط النسخ والكوفي.
تكلف إنشاء النصب التذكاري ميزانية قدرها 750 ألف جنيه، وفي 15 سبتمبر من نفس العام، أي بعد نحو أربعة أشهر متواصلة من العمل، اُفتتح في الذكرى الثانية لحرب أكتوبر، عام 1975.