إلغاء دعوة الممثلة الكوميدية آمبر روفين إلى عشاء البيت الأبيض بسبب انتقادها لـ ترامب

أثار قرار إلغاء دعوة الممثلة الكوميدية الأمريكية آمبر روفين إلى عشاء مراسلي البيت الأبيض جدلًا واسعًا، بعد أن أدلت بتصريحات مثيرة للجدل حول إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أُبلغت روفين، التي اشتهرت ببرنامجها "The Amber Ruffin Show" على شبكة Peacock وبكونها أول امرأة سوداء تكتب لبرنامج ليلي على شبكة تلفزيونية كبرى، أن دعوتها سُحبت بسبب تعليقاتها الحادة التي انتقدت فيها سياسات ترامب وأداء إدارته، خاصة فيما يتعلق بقضايا العدالة الاجتماعية والاقتصاد.
يأتي هذا القرار في سياق تصاعد التوتر بين الإدارة الأمريكية وشخصيات إعلامية بارزة تتبنى مواقف معارضة، مما يعكس حساسية البيت الأبيض تجاه الانتقادات العلنية في فترة حكم ترامب.
بدأت آمبر روفين، التي ولدت في أوماها بولاية نبراسكا عام 1979، مسيرتها ككاتبة في برنامج "Late Night with Seth Meyers" عام 2014، حيث صنعت لنفسها اسمًا بفضل أسلوبها الساخر والجريء في تناول الموضوعات السياسية والاجتماعية.
في إحدى حلقات برنامجها الأخيرة، وصفت روفين إدارة ترامب بأنها "تعمل ضد مصالح الشعب الأمريكي"، متهمة إياها بتجاهل قضايا الفقر والعنصرية بشكل منهجي. لم تتوقف عند هذا الحد، بل أضافت دعابات لاذعة حول قرارات ترامب الأخيرة، مثل فرض عقوبات جديدة على إيران وسياسات الهجرة الصارمة، قائلة إن "البيت الأبيض يبدو كمسرحية كوميدية سيئة الإخراج".
هذه التصريحات، التي لاقت صدى واسعًا بين جمهورها، اعتبرها البيت الأبيض "مسيئة"، مما دفع إلى سحب دعوتها من الحدث السنوي الذي يُعد منصة رمزية للحوار بين السياسيين والإعلاميين.
تجدر الإشارة إلى أن عشاء مراسلي البيت الأبيض، الذي يعود تاريخه إلى عام 1921، يُعتبر تقليدًا أمريكيًا بارزًا يجمع بين الصحفيين والسياسيين والمشاهير في أجواء تجمع بين الجدية والفكاهة. لكن هذا الحدث لم يخلُ من التوترات في السابق.
على سبيل المثال، في عام 2018، أثارت الممثلة الكوميدية ميشال وولف جدلًا كبيرًا عندما سخرت بشدة من المتحدثة باسم البيت الأبيض آنذاك، سارة هاكابي ساندرز، مما دفع البعض إلى المطالبة بإلغاء الحدث في السنوات التالية. قرار إلغاء دعوة روفين يعكس استمرار هذا النمط من الحساسية المفرطة لدى إدارة ترامب، التي بدت حريصة على التحكم في الرواية الإعلامية المحيطة بها. وقد أشار مسؤولون في البيت الأبيض إلى أن الحدث يهدف إلى "تعزيز الوحدة وليس تعميق الانقسامات"، معتبرين أن تصريحات روفين لا تتماشى مع هذه الرؤية.
جاء رد فعل روفين على القرار متسقًا مع شخصيتها الساخرة. في منشور على منصة "إكس"، كتبت: "يبدو أن البيت الأبيض لا يستطيع تحمل نكتة جيدة، لكن لا بأس، سأوفر السخرية لبرنامجي الخاص بدلًا من عشاءهم الممل". هذا الرد لاقى تفاعلًا كبيرًا من جمهورها، الذي رأى في القرار محاولة لتقييد حرية التعبير.
من جهة أخرى، دافع البيت الأبيض عن موقفه، مؤكدًا أن اختيار الضيوف يعتمد على "الاحترام المتبادل"، وهو ما شعروا أنه غاب عن تعليقات روفين. هذا الحادث أعاد إلى الأذهان نقاشات حول دور الفكاهة السياسية في الولايات المتحدة، ومدى قدرة الإدارات على قبول النقد الساخر في الأوقات الحرجة.
لم تكن روفين الوحيدة التي واجهت ردود فعل قوية من إدارة ترامب بسبب تصريحاتها. ففي السنوات الماضية، شهدت العلاقة بين الإدارة والمشاهير عدة مواجهات مماثلة. على سبيل المثال، المغنية تايلور سويفت، التي هاجمت ترامب علنًا خلال حملته الانتخابية عام 2020، واجهت حظرًا غير رسمي لأغانيها في البيت الأبيض، وفقًا لما كشفته موظفة سابقة لاحقًا. كما تعرض الممثل روبرت دي نيرو لانتقادات حادة من ترامب شخصيًا بعد وصفه له بـ"الأحمق" في خطاب عام 2018، مما أدى إلى استبعاده من أي فعاليات رسمية مرتبطة بالإدارة.
وفي حالة أخرى، أثارت الممثلة الكوميدية كاثي جريفين عاصفة من الجدل عام 2017 عندما نشرت صورة رمزية تظهرها وهي تحمل رأسًا مقطوعًا يشبه ترامب، مما أدى إلى طردها من عدة مشاريع تلفزيونية بدعم من مؤيدي الرئيس. هذه الأمثلة تبرز نمطًا واضحًا لدى إدارة ترامب في التعامل مع المشاهير المعارضين، حيث كثيرًا ما لجأت إلى العقاب أو الاستبعاد كرد فعل على الانتقادات.
ويكشف إلغاء دعوة آمبر روفين إلى عشاء البيت الأبيض كيف أصبحت الفكاهة السياسية ساحة صراع بين السلطة والإعلام في عهد ترامب. بينما يرى البعض أن هذا القرار يعكس محاولة لفرض الرقابة على الأصوات المعارضة، يعتبره آخرون خطوة للحفاظ على هيبة المؤسسات الرسمية في مواجهة السخرية. ومع ذلك، فإن تأثير شخصيات مثل روفين وسويفت ودي نيرو يظل قويًا، حيث يواصلون استخدام منصاتهم للتعبير عن آرائهم وتحدي السلطة، سواء تمت دعوتهم إلى فعاليات البيت الأبيض أم أُبعدوا عنها.
هذه الحادثة تضيف فصلًا جديدًا إلى سجل الخلافات بين إدارة ترامب والمشاهير، مؤكدة أن الفن والسياسة سيظلان متشابكين بقوة في المشهد الأمريكي.